غادة عون
البناء
قد تكون هناك انتقادات محقة تطال أسلوب القاضية غادة عون بتجاهل الهرميّة القضائيّة وحدود النصوص في الصلاحيات التي منحتها لموقعها القضائيّ وفي القضايا التي تلاحقها وبالطريقة التي تعتمدها في الملاحقة. وقد تكون الاتهامات التي تطال القاضية غادة عون بالتحيّز السياسي على قدر جدير بالتوقف والانتباه، لكن اللبنانيين اليوم ليسوا بين خيارين، واحد هو القضاء الملتزم والمنضبط بالهرمية وحرفية النصوص يقوم بواجبه ويلاحق الفساد وفقاً للأصول، ويكشف المسؤولين عن الانهيار المالي ويضعهم وراء القضبان، بصمت، وخيار استعراضيّ يريد كسب النجوميّة بالفوضى القضائية كي يختاروا بينهما.
– أمام اللبنانيين خيار هو قضاء صامت الى حدود صمت القبور، حيث باسم الهرميّة والنصوص امتنع قضاة من أعلى الهرم الى ادناه وفي شقيه المدني والعسكري عن إصدار احكام واضحة بإخراج نترات الأمونيوم من مرفأ بيروت، رغم مراجعات عديدة، وباسم الهرميّة والنصوص امتنع قضاة من أعلى الهرم الى أدناه عن إنهاء أي ملاحقة في ملفات عديدة فتحت تحت عنوان مكافحة الفساد لبلوغ النهايات المنتظرة؛ وبالمقابل قاضية ليست وحدها ممن ينتسبون لخيار سياسي معين، بل هي بين أقرانها من الخيار ذاته، اختارت ان تذهب الى النهاية في القضايا المفتوحة أمامها، بعناوين الفساد وتهريب الأموال وسرقة الودائع وصرف النفوذ والفيول المغشوش وسواها.
– ينقسم اللبنانيون حول القاضية غادة عون سياسياً وطائفياً، لكن الذين ينتقدونها ويهاجمونها يتمنون في لحظة صفاء في سرّهم لو ان القضاة المحسوبين على خياراتهم السياسية يتجرأون على فعل ما تفعل، لأن اللبنانيين سئموا انتظار ما ستنتجه الهرميّة وحرفيّة النصوص، وهم يرون البلد يتلاشى أمامهم وينهار، والكلام كثير عن الفساد والمسؤوليات، لكنهم لا يرون فاسداً يُساق امام القضاء، بل يرون القضاء في دول أخرى يتحرك في قضايا الفساد اللبنانية بينما ليس في القضاء اللبناني مَن يتحرّك إلا غادة عون، فمن يريد الهرمية وحرفية النصوص عليه أن يبادر ويتقدم ويرفع الصوت ويضرب بيد من حديد ليستعيد الثقة ويصدق الناس أن القضية مع القاضية غادة عون هي قضية الهرميّة وحرفيّة النصوص.
التعليق السياسي