مرة جديدة، وفي اطار رد الهجمات التي تشنها المنظومة السياسية على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتحميله اوزار فشلها واخفاقاتها في قيادة البلاد على مدى عقود، نجح سلامة في توجيه ضربة جديدة الى خصومه من خلال استقباله مساعد وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية دايفيد هيل خلال زيارته للبنان.
وتتوقف مصادر مطّلعة على تفاصيل اللقاء عبر”المركزية”، باهتمام عند شكل الزيارة والمضمون. من حيث الشكل جاء اللقاء على مأدبة غداء في منزل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليعطي انطباعاً بأن علاقة سلامة بالإدارة الأميركية ليست مجرد علاقة شكلية وبروتوكولية وبالتالي فإن زيارة هيل لم تكن من باب رفع العتب، إنما في إطار مباحثات موسعة استغرقت من الوقت أكثر مما استغرقه أي لقاء آخر لهيل مع أي مسؤول لبناني آخر.
وفي الشكل ايضا، لم تكن لمجرد نقل رسالة معينة إنما لتبادل المعلومات في شأن طبيعة الأزمة وسبل الخروج منها في ضوء المعطيات المتوافرة لدى حاكم مصرف لبنان وتصوره لمعالجة الأزمة وكيفية انهائها على أسس علمية صحيحة بعيداً من المهاترات والمزايدات الشعبوية.
أما من حيث المضمون، فتشير المصادر الى أن زيارة هيل لسلامة لم تكن محصورة بتجديد الاعتراف الأميركي والدولي بأهمية الدور الذي يتولاه سلامة في هذه المرحلة بالذات، وإنما تؤشر الى رهان أميركي ودولي على دوره المستقبلي.
وتعتبر المصادر إن لقاء سلامة – هيل لم ينزل بردا وسلاما على قلوب خصومه السياسيين الساعين الى إزاحته من مصرف لبنان، وبالتالي شطبه من المعادلة الوطنية اللبنانية. ذلك أن المنظومة السياسية التي تركز على استهداف سلامة خوفاً من أن يأتي يوم ترى فيه الحاكم حاجة لبنانية وعربية ودولية لقيادة لبنان سياسيا وليس فقط نقديا وماليا، لمست أن كل ما قامت به على مدى الأشهر القليلة الماضية لشطب اسم سلامة من قائمة المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية ذهب أدراج الرياح، وأن محاولة النيل من سمعته من خلال الحملات الاعلامية والدعاوى القضائية فشل في التأثير على مواقع القرار العربي والدولي التي لا تزال ترى فيه ركناً أساسياً من أركان الحل، وتعتبر مقاربته للطبيعة السياسية للأزمة وبالتالي للطبيعة السياسية للحلول مقاربة صحيحة وواقعية.
وتلاحظ أن سلامة الذي استبق زيارة هيل الى لبنان بالخروج عن صمته المعروف ودعوة الحكومة المستقيلة الى تحمل مسؤولياتها، والمنظومة السياسية الى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة كمدخل حكمي الى الحل، بدا على خط واحد وموجة واحدة مع الإدارة الأميركية والمجتمعين العربي والدولي في مقاربة المشاكل والحلول من زاوية سياسية خلافاً للمنظومة السياسية التي تصر على التنصل من المسؤولية ورميها في ملعب مصرف لبنان، مما يزيد الأزمة تعقيداً وفداحة.
وتختم المصادر بتوقع ردة فعل جديدة صاخبة لخصوم سلامة الساعين الى وضع اليد على مقدرات لبنان السياسية والاقتصادية وعلى قرارات الدولة اللبنانية ومؤسساتها، من دون أن تنجح المنظومة من خلال حملتها الجديدة في تحقيق ما فشلت في تحقيقه في الحملات السابقة.