منير الربيع|المدن
عملياً تراجع رئيس الجمهورية، ميشال عون، عن توقيع مرسوم ترسيم الحدود البحرية. انتظر زيارة ديفيد هيل واتخذ قراره المناسب. لم يتراجع عون عن التوقيع لأنه حصل على مقابل، بل تجنبًا لدخوله في تصعيد جديد مع الولايات المتحدة الأميركية، وفي انتظار المستجدات مستقبلاً.
برنامج هيل
وعلى مثال معادلة “النفط مقابل الغذاء” المعمول بها سابقاً بين إيران والمجتمع الدولي، يقف لبنان أمام معادلة “إنقاذ الاقتصاد بالإصلاحات وترسيم الحدود للتنقيب عن النفط والغاز”. أما مسألة الغذاء التي ترتبط بمساعدات إنسانية تقدمها الجهات المانحة، فمرتبطة بملف تشكيل الحكومة.
وفي خلاصة موقف ديفيد هيل بعد لقائه عون في بعبدا، ثلاث مسائل أساسية:
1- أصبح تشكيل الحكومة ضرورة، وقد حان وقت التسوية.
2- التهديد بعقوبات على من يعرقل ذلك.
3- طي صفحة مرسوم ترسيم الحدود، والكلام عن إيران وحزب الله وتكديس الحزب إياه الأسلحة، لأن هذا يعرض لبنان للمزيد من الإجراءات العقابية.
وقال هيل: “لطالما طالبنا قادة لبنان بإبداء مرونة كافية، وتشكيل حكومة قادرة على العمل على عكس مسار الانهيار الجاري. لقد حان الوقت الآن لتشكيل حكومة وليس عرقلة قيامها. الآن هو وقت الإصلاح الشامل. فأميركا والمجتمع الدولي على استعداد للمساعدة. لكن لا يمكن المساعدة من دون الشريك اللبناني. وأولئك الذين يواصلون عرقلة تقدّم الإصلاح، يغامرون بعلاقتهم مع الولايات المتحدة وشركائها ويعرّضون أنفسهم للإجراءات العقابية. أما الذين يعملون على تسهيل التقدّم، فيمكنهم الاطمئنان لدعمنا القوي”. وأضاف: “إن تكديس حزب الله الأسلحة الخطرة والتهريب والأنشطة غير المشروعة والفاسدة، تقوّض مؤسسات الدولة الشرعية. وهو يسلب من اللبنانيين القدرة على بناء بلد مسالم ومزدهر. وإيران هي التي تغذّي وتموّل هذا التحدي للدولة، وتشوه الحياة السياسية اللبنانية”.
ما وراء كلام هيل
لا يمكن فصل الموقف الاميركي عن ما يجري من تطورات إقليمية دولية. فواشنطن تحاول إبعاد لبنان من الصراعات. وهذا ما بحثه هيل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي: تحييد لبنان عن نزاعات المنطقة.
ولكن من وجه آخر، ترتبط التطورات في الأقليم بحلقات الأزمة اللبنانية: ترسيم الحدود. وبحث الوضع الأمني والعسكري في الجنوب. وتكثيف نشاط ومهام قوات اليونفيل في الجنوب اللبناني وتركيبها كاميرات مراقبة، واعتراض بعض أهالي القرى الجنوبية في الأيام الماضية دوريات اليونيفيل. وانعكاس المفاوضات الإيرانية – الأميركية على تشكيل الحكومة.
وهذا كله لا ينفصل عن تزامنه مع زيارة هيل، الذي ينطوي كلامه على محاولة واشنطن فرض حزام آمن وخال من السلاح مستقبلاً في الجنوب. وهناك رهان على تعزيز دور اليونيفيل في منطقة نفوذ حزب الله العسكري وترسانة سلاحه وصواريخه.
كيف ولماذا تراجع عون
أما الأهم فهو تراجع عون عن توقيع مرسوم الحدود البحرية. وهو في هذا يحاول مسايرة الأميركيين. وهذا ما حمله على إرسال ممثلين ثلاثة عنه للقاء هيل يوم الثلاثاء الفائت: سليم جريصاتي، الياس بو صعب، وآلان عون. وذلك للبحث عن نقاط مشتركة قبل اجتماع هيل بعون، وتركيز الوفد العوني على الاستعداد للتعاون والتفاهم.
ولذا، طوى عون المرسوم، وأبدى استعداداً للتعاون وطلب اللجوء إلى خبراء دوليين في الترسيم. وموقف عون هذا منسق مع حزب الله وفق ما تؤكد مصادر متابعة.