نداء الوطن
برزت أمس الرسائل الأميركية التي عبّر عنها مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل بشكل واضح وحاسم من قصر بعبدا، مشدداً بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون على أنّ “القادة اللبنانيين فشلوا في الاضطلاع بمسؤوليتهم في وضع مصلحة البلد في المقام الأول”، وأكد أنّ “الوقت حان لتشكيل حكومة وليس عرقلة قيامها”، وأنّ “الوقت الآن هو وقت الإصلاح الشامل”، محذراً في المقابل “الذين يواصلون عرقلة تقدّم أجندة الإصلاح” من أنهم “يعرّضون أنفسهم للإجراءات العقابية”.
وبعد تشديده على أنّ “تكديس “حزب الله” للأسلحة الخطرة والتهريب والأنشطة غير المشروعة والفاسدة الأخرى يقوّض مؤسسات الدولة الشرعية”، لفت هيل إلى أنّ هذا الحزب “يسلب من اللبنانيين القدرة على بناء بلد مسالم ومزدهر، وإيران هي التي تغذّي وتموّل هذا التحدي للدولة وهذا التشويه للحياة السياسية اللبنانية”.
أما في ما يتعلق بالمفاوضات الحدودية البحرية بين لبنان وإسرائيل، فجدد الموفد الأميركي استعداد بلاده لتسهيل هذه المفاوضات “على الأسس التي بدأناها في المباحثات”، تاركاً الباب موارباً أمام إمكانية “استقدام خبراء دوليين للمساعدة عند الاقتضاء” في ما يتصل بمسألة ترسيم الحدود. وعلى الأثر، ألحقت المديرية العامة في رئاسة الجمهورية كلمة هيل ببيان مكتوب قرأه المستشار أنطوان قسطنطين وأكد فيه على أنّ عون شدد أمام الموفد الأميركي على “أهميّة الاستمرار في مفاوضات ترسيم الحدود واستكمال الدور الأميركي من موقع الوسيط النزيه والعادل، مع التأكيد على أسس انطلاق المفاوضات، وعلى حق لبنان في أن يطوّر موقفه وفقاً لمصلحته وبما يتناسب مع القانون الدولي والأصول الدستوريّة”.
في موسكو، نغّصت “المحادثات الهاتفية” بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على أجواء الزيارة الروسية، فأوقعتها شكلاً في شباك المتربصين بالحريري، ليسلك المتحاملون على الحفاوة الروسية الرسمية بزيارته مسلك التشكيك بأسباب عدم اللقاء المباشر بينه وبين بوتين، مقابل التعامي عن شكل استقباله بصفته “رئيس حكومة لبنان”، والتعمية على مضمون المحادثات “الممتازة” التي أجراها مع الرئيس الروسي من “مقر الضيافة” على مدى خمسين دقيقة، والاجتماع الرسمي “البنّاء” مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين.
وإذ نقلت أوساط واسعة الاطلاع في موسكو أنّ الإدارة الروسية تتعامل مع الحريري على أنه “رئيس حكومة الاستقرار في لبنان”، أوضحت مصادر مواكبة للزيارة أن بوتين كان قد تلقى الجرعة الثانية من اللقاح المضاد لكورونا عشية وصول الحريري وتعامل مع كل ضيوفه الرسميين على الشكل الذي تعامل فيه مع الحريري، وآخرهم رئيس الوزراء الليبي الذي تحادث هاتفياً مع الرئيس الروسي خلال تواجده راهناً في موسكو، كاشفةً أنّ الرئيس المكلف سمع تأكيداً من بوتين على العمل “لإنقاذ لبنان”، واعداً بأن يستمر الجانب الروسي في التواصل “مع كافة الأطراف المؤثرين لحثهم على لعب دور فاعل والضغط في سبيل الإسراع في تشكيل حكومة تكنوقراط لا ثلث معطلاً فيها”، وذلك انطلاقاً من تشديد الرئيس الروسي على أنّ “موسكو حريصة على مساعدة لبنان وستتحرك في سبيل إنقاذه من المحنة التي يمرّ بها”. ولفتت المصادر إلى أهمية اللقاء الذي سيجريه اليوم الرئيس المكلف مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والذي سيحمل “طابعاً إقليمياً” لا سيما غداة عودة الأخير من زيارة مكوكية إلى المنطقة شملت القاهرة وطهران.
وفي الشق الاقتصادي، نقلت المصادر أنّ الحريري سمع “كلاماً داعماً وواعداً بأن الشركات الروسية مستعدة للاستثمار في لبنان في مختلف المجالات، لا سيما في إعادة إعمار وتشغيل المرفأ، وفي البنى التحتية ومجال الطاقة”، كما تلقى وعداً من الرئيس الروسي بتزويد لبنان بكميات من لقاح “سبوتنيك في”.