“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
لا يزال حال التشرذم السياسي على حاله في البلد، وكذلك بالنسبة إلى ملف تأليف الحكومة العالق بدوره، بين تشدّد البعض في مطالبه والإصرار على مطالبه، وبين الأهواء الخارجية التي ما عادت تأمن لغدر سياسييّ الداخل، وباتت ترى ضرورة إزاحتهم عن الواجهة السياسية والمجيء ببدائل قادرة على ضبط حركة البلاد من المنظار الوطني لا الطائفي أو الحزبي.
اليوم، يستفحل السجال السياسي بين الرئيس المُكلّف سعد الحريري ورئيس “التيّار الوطني الحر” جبران باسيل على خلفيّة التأليف، حيث أنه لم يعد أي منهما يأنس ممارسة العمل الحكومي في ظل وجود الآخر، الأمر الذي انعكس سلباً على حياة اللبنانيين كلهم، نتيجة غياب حكومة فاعلة وقادرة على حلّ ولو جزء من المشاكل الحياتية التي يُعاني منها الجميع من دون استثناء. من هنا أصبح اللبنانيون يرون بأن الحلّ الأمثل لإنهاء الأزمة السياسية، يستوجب تنحّي إما الحريري أو باسيل جانباً والإفساح في المجال أمام الآخر على أن يكون الشعب هو الحكم.
بالطبع، فإن ما سلف يندرج ضمن رغبة اللبنانيين لا أكثر ولا أقل، وفي الأصل لم يكن لهذه الرغبة أو الأمنيات أن يُطلَق العنان لها، لولا وجود خشية لدى المواطن اللبناني مما هو أسوأ من مُجرّد مناكفات سياسية، يُمكن أن تكون ترجمتها في الشارع، خصوصاً بعد ما شهدته العديد من المناطق خلال اليومين الماضيين من عمليات قتل وسلب وتضارب أمام محطّات الوقود والأفران، بسبب الوضع المعيشي الحاصل والذي تتحمّل مسؤوليته كل هذه السلطة السياسية مُجتمعة.
على من تقع المسؤولية اليوم حول كل ما يتعرّض له الشعب اللبناني من إذلال وإفقار؟ سؤال لم يجد حتى الساعة إجابة شافية، خصوصاً في ظل الإتهامات المُتبادَلة التي يتقنها كل الأفرقاء السياسيين، ومن بين هؤلاء قيادي بارز في “الوطني الحر” إذ يُشير لـ”ليبانون ديبايت” إلى أن البلاد ما عادت تحتمل مزاجية الحريري ولا الفريق الذي يُديره من الخارج أو الذي يؤيده في الداخل. لذلك، المطلوب منه التنحّي عن مهمّة التأليف في أسرع وقت والإفساح في الطريق أمام غيره، خصوصاً وأن الطائفة السُنيّة في لبنان، لديها الكثير من الشخصيّات ذات الكفاءة العالية والمشهود لها في العمل السياسي.
وبحسب القيادي “البرتقالي”، فإن الأسابيع المُقبلة قد تشهد حلحلة ما في ملف التأليف، وستكون على طريقة إمّأ ان يتنازل الحريري عن بعض الشروط التي تُعرقل حتّى اليوم التأليف، أو سيكون هناك حلّ سياسي ـ دستوري مصحوب بضغط شعبي من شأنه أن يُلزم الجميع بالمسؤوليات التي تقع على كل فريق.
من جهة أخرى، تشرح مصادر مقرّبة من الحريري، الواقع السياسي بتفاصيله من خلال عودتها إلى تاريخ 13 تشرين الثاني 2009 يوم تسلّم باسيل وزارة الطاقة والمياه وظلّ “متربّعاً” على عرشها لغاية شباط 2014، ولتسأل عن إنجاز واحد من الوعود التي أطلقها وأبرزها تأمين الكهرباء “24 ساعة على 24”.
وتسأل المصادر نفسها، هل من فراغ حكومي وسياسي أكبر من الذي أوقعنا فيه باسيل؟ أين هي الخطط “العاجلة” التي كان يتفنّن في حياكتها للحدّ من عجز الكهرباء، وهو الذي دافع عن أصحاب المولّدات الكهربائية، يوم علا صراخ المواطن مُعبّراً عن وجعه نتيجة الكلفة التي يدفعها، وهو الذي عارض شركات الكهرباء الخاصة مثل كهرباء زحلة التي تقوم بإنتاج الكهرباء لكل منطقة البقاع الأوسط. فعن أي سياسي نتحدث، وأي مسؤول وأي أداء وأي نتيجة؟