كان واضحاً، في الجزء الثاني من المقابلة التي أجراها موقع “لبنان الكبير” مع السفير السعودي السابق علي عواض عسيري، حجم الاعتراض القاسي على ما قام به فريق “8 آذار” في العام 2011 بالانقلاب على الرئيس سعد الحريري خلال تواجده في واشنطن، إلى حد اعتبار الانقلاب “خيانة وطعنة بالظهر للحريري ولبنان”، رابطاً الحدث بـ”اتفاق مار مخايل” الذي اعتبر أنه “قتل لبنان”.
يتحدث عسيري عن الثورة السورية، والمرحلة التي انتقلت فيها العلاقة بين سوريا ولبنان إلى ذروة الخلاف، وعن مساعي الراحل الملك عبدالله، لايجاد أرضية توافقية بين البلدين، ورؤيته تجاه لبنان.
أما عن حالنا اليوم، فشدد على أهمية تشكيل حكومة اختصاصيين لإنقاذ البلاد… فيما كان السؤال الأخير: متى تعود المملكة إلى لبنان؟
س: كنتم شاهدين على فترة الانقلاب على الرئيس الحريري الذي حصل في العام 2011 خلال وجوده في واشنطن، ومن بعدها تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وحينها كانت سوريا تعيش حالة فوران قبل اندلاع الثورة، كيف قرأتم هذه المرحلة من ناحية سعودية، خصوصاً أنها أتت في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، رحمه الله؟
ج: دعنا نعود إلى الجهود التي بذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله رحمه الله، وذهابه إلى سوريا وإحضار بشار الأسد إلى لبنان والاجتماع مع فخامة الرئيس ومحاولة تيسير أمور لبنان. عبدالله بن عبد العزيز خطواته عزيزة جداً، وكان يأمل من هذه الزيارة تأليف القلوب بين القيادات السورية واللبنانية وفتح صفحة جديدة في العلاقات. هذا كان أمل خادم الحرمين الشريفين. ودعمه الذي أتى متتالياً بعد هذه الزيارات يثبت تماماً النية الصادقة والمخلصة للملك عبدالله ومن بعده من القيادات في المملكة سواء الملك سلمان وصولاً إلى سمو وليّ العهد والملك فهد رحمه الله، كانت هذه توجهات القيادات السعودية تجاه لبنان، دائماً مساعدة لبنان، المملكة لا ترغب أي شيء من لبنان، ولم نطلب أي شيء من لبنان، أبداً. كل ما نطلبه من اللبنانيين هو أن يوحّدوا الصف. وكنا ولا زلنا نقول: اخدموا بلدكم، حاربوا الفساد، اضبطوا الأوضاع الأمنية بينكم وبين سوريا المداخل والمخارج. بالتالي، لم يأتِ إلى لبنان من القيادة السعودية إلا كل خير، والتجربة أثبتت أن المملكة حريصة كل الحرص على أن يكون لبنان آمناً مستقراً، فضلاً عن الحفاظ على سيادته ووحدة صف اللبنانيين وعدم لمس لبنان بأي شيء يضرّه.
س: كيف قرأتكم الانقلاب الذي نفّذه حزب الله والتيار الوطني الحر؟ بالسياسة، حصل انقلاب خلال وجود الرئيس الحريري في واشنطن، ما تحليلك إزاء ما حدث؟
ج: أعتقد هناك نقطتان رئيسيتان، الأولى أن ما حصل خيانة للبنان، خيانة لبلدهم، هم تسببوا بالضرر لبلدهم. ثانياً، هي طعنة في الظهر في ما يتعلق بمبادئ السياسة في لبنان وكيف تعمل السياسة في هذا البلد. ما تم عمله لا يخدم لبنان، كان غدراً، لم يكن لبنان بحاجة إليه. كان بحاجة إلى استقرار وتفاهم وحوار وتواصل بناء، ما حصل أوجد ثغرة نعيشها إلى اليوم. ما نراه اليوم هو نتيجة لما حصل، الثقة غير موجودة، منزوعة. وهناك أكبر حزب موجود اليوم هو جبران باسيل وحزبه والحلف الذي أرى أنه قتل لبنان. أعتقد أن حلف الوزير باسيل وحزب الله هو السبب الرئيسي لما يعيشه لبنان اليوم.
ولن يسمح اللبنانيون بتكرار ما يحصل اليوم وهم يعلمون جميعاً أسباب هذا الحلف الذي أرجو ألا يتكرر، الأحزاب السياسية يجب أن تكون مستقلة، وأي تحالف يجب أن يكون لمصلحة لبنان وليس لهدم لبنان وإضعافه. كيف يعيش اللبنانيون اليوم؟ هذا نتاج هذا الحلف. اتفاق مار ميخايل كان لمصالح شخصية مكتسبة لأحزاب معروفة وما يعيشه لبنان اليوم هو بسبب هذا الاتفاق وهذا التحالف. إذا كان هناك من تحالف، فعليه أن يكون لمصلحة لبنان. هذا تحالف مشروع بين الأحزاب، ولكن ما يحدث للبنان اليوم هو بسبب هذا التحالف، وأنا هنا أتحدث كشخص مراقب للوضع في لبنان وليس كمسؤول، ما أقوله يعبر عن آرائي الشخصية.
س: بعد الانقلاب، هل اتخذت أي قرار للتصرف ومحاولة معالجة الأمر؟
ج: أعتبر ما حصل شأن داخلي لبناني، المملكة لا تتدخل في الشأن اللبناني، ولكن كمراقب أرى أن الضرر الذي يعيشه لبنان بسبب ما حدث، فيما كان الرئيس سعد الحريري يدخل إلى البيت الأبيض بالحكومة بوجود الثلث المعطل الذي يرفضه اليوم، أرى أن ثمرته ما يحصل اليوم في لبنان، ثمرة سيئة. ما تراه اليوم في لبنان ضرب الثقة، وبالتالي الثقة معدومة بين طرفين أو حزبين.
س: هل التقيتم بالوزير السابق جبران باسيل؟
ج: نعم التقيت كثيراً بالوزير السابق جبران باسيل. لا أود أن أعطي رأيي لأن موقعه السياسي يجب أن أحترمه. دعاني إلى منزله وتناولت معه العشاء وكان بيننا صداقة وتناولت الغداء معه في حضور الرئيس ميشال عون عندما كان رئيساً للتيار الوطني الحر. كان هناك تواصل بيننا ولم يكن مقطوعاً، وبدوري دعيتهما إلى الحفل الذي كان في اليرزة.
ولو تعود إلى خطابي الذي تليته حينها، وكنت أتمنى لو نفّذ 40 في المئة منه، لكان لبنان تجاوز المرحلة التي يمر بها اليوم، كان خطاباً محباً وصادقاً ومن القلب.
س: أخبرنا عن هذه الشخصية التي عليها عقوبات وتطمح لرئاسة الجمهور وشخصية تعطل البلد. أنت التقيت بباسيل، ماذا تتذكر من هذه اللقاءات؟
ج: عندما التقيت به، لم تكن الظروف التي يعيشها باسيل والشيخ سعد الحريري هي نفسها التي يعيشها اليوم، وكان يأتي إلى المملكة ويلتقي بالرئيس الحريري. وأنا زرته كوزير خارجية وزرته في منزله وكان الوضع جيداً، وبالتالي لم يكن هناك أي هموم لمناقشتها لأنها كانت غير موجودة.
س: بعد الموقف الذي خرج منه تجاه المملكة بعدم إدانة موضوع أرامكو وسابقاً بما حصل في مصر وغيرهما؟ كيف تطورت العلاقة؟
ج: إذا أردت التكلم عن مواقف وزير الخارجية جبران باسيل التي كان يمثّل بها لبنان لا سيما مواقفه في جامعة الدول العربية، وهذه حقيقة. وجامعة الدول العربية هي بيت كل العرب، وبالتالي مواقفه ضد الجامعة العربية لم تخدم لبنان، كان غريباً أن تصدر هكذا مواقف من وزير خارجية لبنان، هذا المأخذ عليه. تعامله معي كشخص كان كريماً وأيضاً مع الرئيس عون، لم يكن هناك ظروف كالتي نشهدها اليوم. ظروف طيبة وكان التواصل جيداً.
س: بالنسبة للثورة في سوريا، كيف رأيت تعاطي لبنان معها، خصوصاً مع تدخل “حزب الله” في موضوع سوريا والقصير وحديث مقابل عن ذهاب إسلاميين وآخرين انضموا إلى تنظيمات معينة. أطلعنا على هذه المرحلة التي عايشت ذروة تفاعلها.
ج: ننظر إلى لبنان وسوريا… هذا الربيع العربي. تدخّل “حزب الله” لم يكن مفيداً لا لسوريا أو لبنان، بل رسّخ العداء الطائفي. كان المفترض أن يوجّه “حزب الله” بندقيته باتجاه إسرائيل، وليس باتجاه جيرانه. أعتقد أنه كان خطأ ذريعاً، ليس خطأ “حزب الله” فحسب بل إيران التي تدخّلت في الواقع بسوريا، ولا تزال تتدخل وآمالها بحصول الهلال الشيعي لا يزال موجوداً. آمل أن يصحوا، هم بدأوا بالتفكير تجارياً، عسى مع الاتفاقية الصينية الإيرانية على 25 سنة بـ 400 مليار دولار، تقودهم باتجاه مصالح بلدهم وتبعدهم عن الدول الأخرى وتتخلى عن جميع ميليشياتها في كل مكان، وتصبح علاقتها علاقة جيرة وود وعلاقة تجارية وسياسية. عسى أن يكون التأثير الصيني والاستثمار القوي الذي دخلت فيه الصين أن يفيدهم، أن يتذوّقوا لقمة العيش في الاقتصاد والنهضة. لأنه منذ أن بدأت إيران في العام 1979 ويوجد حروب ومحاولة تصدير الثورة، هل استفادت بتصدير الميليشيات من هنا وهناك لزعزعة الأمن والاستقرار في العالم العربي؟ هناك ما يقارب 12 بلداً فيها زعزعة أمن. نأمل أن تعود إيران إلى حكمة تفيد بلدها، تترك الآخرين من دون التدخل في شؤونهم وعدم تصدير الأيديلوجية التي لا تليق بأحد، وعدم تصدير الثروات الإيرانية التي يحتاجها الشعب الإيراني، وهو بأمس الحاجة، بدلاً من تمويل الميليشيات من هنا وهناك.
س: هل من ذاكرة خلال مرحلة الثورة السورية رسخت لديكم بما يتعلق بلبنان، أو تدخلتم بحدث يرتبط بالعلاقة بين سوريا ولبنان؟
ج: أبداً، لم أتدخل بأي شيء لأنني كنت معتمداً في لبنان. الوضع كان محزناً للغاية، خصوصاً مع رؤية السوريين يقتلون بعضهم، أكثر من جهة تدخلت، للأسف التدخل الذي أتى، خصوصاً التدخل غير العربي الذي أتى إلى سوريا زاد الطين بلة.
تركيا وروسيا وإيران تدخلت، وهذه جميعها دول غير عربية، أضف إلى المشاكل والقاعدة والأيديولوجية التي شوّهت سمعة الإسلام كله بوجود داعش والنصرة وغيرهما.
س: هل أنتم اليوم مع عودة سوريا إلى مقعد جامعة الدول العربية، وتحديداً في ظل بقاء نظام بشار الأسد رغم كل ما اقترفه من جرائم في حق شعبه؟
ج: أرى أملاً أن تعود سوريا إلى استقرارها، وأن يعود السوريون الذين ذهبوا إلى بقاع العالم، ولبنان يستضيف أكثر من مليون سوري ويعيشون في أحوال صعبة. أرى أن يعود السوريون إلى بلدهم، وأن يكون هناك انتخابات، وأن يكون هناك دستور جديد وألفة ومصالحة بين السوريين أنفسهم، وأن يختاروا الحكومة التي يرون أنها مفيدة لبلدهم، وأنها ستوحّد صفّهم، وأنها ستعيد السوريين من لبنان إلى بلدهم، هذا أملي كمراقب.
س: هل التقيت بالرئيس السوري بشار الأسد؟
ج: لا ولكن التقيت بالسفير السوري علي وكانت علاقتنا طيبّة في بادئ الأمر. دعوت السفيرين السوري والإيراني عندما كنت سفيراً إلى مأدبة عشاء وأفراد أسرهم. كان تعاملنا مهنياً بامتياز لخدمة بلادنا ومحاولة تقريب وجهات النظر، وهذا دور أي سفير، تقريب وجهات النظر وما يخدم مصلحة لبنان.
س: هناك قضايا كثيرة بين لبنان وسوريا خلال مرحلة الثورة السورية وما بعد افتتاح السفارتين، وحصلت تفجيرات وحصلت قضية ميشال سماحة وتفجير مسجدي التقوى والسلام. كيف تنظرون إلى هذه الأحداث؟
ج: هي أحداث محزنة وميشال سماحة وما فعله، كلها أمور تحزن كل محب للبنان بأن يرى هذه التصرفات التي تأتي من بلد جار إلى بلد جار، لكن نحن كمراقبين وديبلوماسيين، لم يكن لنا أي دور، كنا نراقب ونتمنى أن نرى نهاية لهذه الضربات الأمنية وما يضر بمصلحة لبنان.
س: ماذا كانت قواعد وأسس نظرة الراحل الملك عبد الله، رحمه الله تجاه لبنان؟
ج: كانت في منتهى النبل والصدق والإخلاص، كان مودّاً للبنان وكان حريصاً على رؤية الجيش اللبناني وقوى الأمن اللبناني في أرقى مكان لجهة التدريب والتأهيل والتسليح لحماية لبنان، لأنه في وجود القوى الأمنية، سيكون البلد آمناً وعلى خير دائماً. لا مشكلة في استمرار الخلافات السياسية بين اللبنانيين ولكنه حاول أن يبذل جهداً في هذا المجال وحاول المساعدة مادياً في رفع المستوى الأمني من خلال تدريب وتأهيل الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
س: وحصلت الأزمة في موضوع هبة السلاح ثم سحبت ماذا تخبرنا عنها؟
ج: نعم، لأنها لم تكن ضمن الرؤية التي كانت ترى هذه الأسلحة بالاتفاق مع فرنسا. ليس لدي معلومات دقيقة عن سبب توقف هذه الهبة، ولكن أعتقد أنه عدم الالتزام بتنفيذ ما كان مخططاً له بدقة وبشفافية حال دون استمرارها.
س: كيف تقيمون قرار النأي بالنفس الذي اتخذ بداية في حكومة نجيب ميقاتي وصولاً إلى اليوم؟
ج: لبنان في حاجة للنأي بالنفس وإلى المصالحة الوطنية التي يجب أن ترقى كل القيادات إليها، لأنّ لبنان على وشك الانهيار. لبنان بحاجة إلى كل ما يحميه من الانهيار خاصة الآن. عندما حصل تفاهم معراب، الفرحة ما تمّت، فرحنا لوجود توافق بين اللبنانيين. أنت تحتاج إلى توافق المسيحيين أولاً ووحدة الصف المسيحي ووحدة الصف السني ووحدة القوى السياسية الأخرى، ومحاولة التعامل سياسياً بما يخدم الوطن وليس لتمزيق الوطن وإضعافه وإنهاكه سياسياً واقتصادياً. الآن يوجد حكومة هناك رئيس مكلّف، لماذا كل هذا العناد على حساب لبنان، ألا يستحق لبنان أن يضحى من أجله؟ إذا كان يوجد أي شخص يضحي من أجل لبنان سيحترمه كل اللبنانيين.أما العناد الموجود الذي يقع ضحيته البلد فهو معيب جداً، وأقول ذلك كمحب للبنان وليس كمنتقد.
س: كيف تقرأ اليوم العلاقة بين المملكة ولبنان. كمراقب في ظل الحديث عن غيابها عن الساحة والدعوات لعودتها إلى مساعدة لبنان. هناك فئة من اللبنانيين تقول إذا كان هناك مشكلة للمملكة مع “حزب الله“ فما ذنبنا لندفع ثمن ابتعاد المملكة عن الوقوف إلى جانبنا. وما رأيك بخطاب وزير الخارجية السعودي الأخير في شأن موضوع الحكومة ولبنان؟
ج: المملكة مودّة للبنان على مدى التاريخ، لكن ما يحصل في لبنان ليس من مسؤولية المملكة، بل من مسؤولية اللبنانيين قبل كل شيء، والمملكة ترى جهود دولة مؤثّرة في لبنان هي فرنسا، وزيارة الرئيس ماكرون ومتابعته بقدوم وزير خارجيته، والآن التهديد بعقوبات على بعض القيادات السياسية. إذا لم يسمع اللبنانيون لهذه الجهود التي بذلتها فرنسا، فمن يريدون أن يسمعوا؟
المملكة كما ذكرت وهذه سياسة حميدة ومحترمة أنها لن تتدخل. الخلاف بين الوزير السابق جبران باسيل والرئيس المكلّف سعد الحريري. ولن يتغير وضع لبنان لو بعد سنتين أو ثلاثة وسنعود للمشكلة نفسها.
أعتقد أن انتخابات مبكرة شفافة ونزيهة بحضور ومراقبة الأمم المتحدة هي الحل، أملاً أن تفرز هذه الانتخابات وجوهاً جديدة في البرلمان، وأن يكون هناك تشريعات جديدة والقضاء على الفساد واستعادة كرامة لبنان نفسه والحفاظ على ودائع الناس والكهرباء، من غير المعقول أن يعاني لبنان ما يعانيه من أزمة الكهرباء، أين وصلت العملة اليوم؟ لبنان يحتاج إنقاذاً فورياً يستحق التضحية من قبل جميع السياسيين. هو ليس وقتاً للعناد، الوقت هو للتضحية لأجل لبنان وحماية لبنان.
س: لو كنت في لبنان وتريد أن تقدم نصيحة لأجل لبنان، لمن تقدم النصيحة وما هي؟
ج: أوجهها إلى جميع المعنيين في الوضع الحالي، أتمنى أن يكون هناك تواصل بناء لإنقاذ لبنان فوراً. ووضع كل الخلافات على حدة وإيجاد حكومة من اختصاصيين يثق بها المجتمع الدولي، لأنّ الثقة في هذه المرحلة مهمة جداً، إذا كان هناك حكومة من اختصاصيين ووجوه معروفين وموثوق فيها أدت عملها في شكل مهني واستعاد لبنان القليل من الأوكسجين وأتى المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي وساعدوا لبنان، من هنا قد يكون هناك بيئة أفضل من البيئة الحالية للتواصل وربما التصالح والتضحية لأجل لبنان.
س: ما ردّك على من يحمّل السعودية مسؤولية تعطيل الحكومة على قاعدة أن المملكة غير راضية عن الحكومة؟
ج: أقول اقرأو التاريخ وعودوا إلى ما قامت به المملكة منذ استقلال لبنان إلى اليوم. وليس من حق أي إنسان أن يلوم المملكة لأنّ كل الأدلة الملموسة يشهد عليها لبنان. المملكة لم تقدّم سوى الخير للبنان، وما يجري في لبنان أخطاء كبيرة جداً ترتكب من قبل بعض المسؤولين في حق بلدهم والتاريخ سيسجل هذه الفترة.
س: ماذا تقول عن العلاقة التاريخية بين آل الحريري وتحديداً الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس سعد الحريري مع المملكة العربية السعودية؟
ج: في الواقع لم أكن في الفترة التي كان فيها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هو صاحب سيرة سياسية محترمة قدمت الكثير للبنان وخدمت لبنان.
خلال عملي كان الرئيس سعد الحريري يبذل جهداً كبيراً، لكنه كان يعاني من التقلبات السياسية من الأحزاب الأخرى، وبالتالي لم ير لبنان من الحريرية السياسية إلا كل خير. ولا شك أن التحديات السياسية التي يواجهها الآن تضر لبنان، وهو تعلّم ولن ينسى عندما كان يدخل إلى البيت الأبيض ويقابل الرئيس اوباما والحكومة كانت تسقط. هذا معيب في حق لبنان وليس في حق الشيخ سعد. لديكم مشاكل فلتحل وفق الدستور وليس طعنة في الظهر، وهذا ما تسبب في انعدام الثقة اليوم، نعيش المآسي المتتالية بعدم الثقة بين الطرفين وبين هاتين الشخصيتين، هل لبنان بحاجة إلى ما يحصل؟ هل يستحق أكثر. لبنان مليء بالكفاءات، والحل بانتخابات في أسرع وقت ممكن بإشراف الأمم المتحدة وتكون شفافة تنتج وجوهاً جديدة في البرلمان، تخدم بلدها وتعيد أمجاد لبنان.
س: كان خطاب الملك سلمان لافتاً لناحية الدعوة إلى نزع سلاح “حزب الله“، هل ترى إمكانية لنزع هذا السلاح، وكيف يمكن ذلك؟
ج: أنا أرى أن سلاح “حزب الله” مرتبط بوضع إيران وحوارها مع الأميركيين. لا نتمنى أن نرى حرباً أهلية مرة أخرى في لبنان، والجيش اللبناني والقوى الأمنية هي الجهة التي يجب أن تكون مسلّحة ومدرّبة ومؤهلة لحماية لبنان، وبالتالي لا مجال لوجود أي فئة في لبنان سواء “حزب الله” أو غيره. يجب أن يبدأ حوار بنّاء لتخليص لبنان من جميع الأسلحة غير الشرعية، ما عدا الجيش وقوى الأمن. لقمان سليم قتل بمسدس، من قتله؟
هذا السلاح هو سلاح شر ومآسٍ سواء مع فرد أو مجموعة أو حزب. سلاح “حزب الله” أو أي سلاح غير شرعي لن يخدم لبنان وأرى أن ضرره كبير على لبنان.
س: متى تعود السعودية إلى لبنان؟
ج: لو كان لبنان مستقراً اليوم، سترى الشعب السعودي والخليجي المحب للبنان يترددون على لبنان، لكن أولاً أوجِدوا حكومة وأمناً واستقراراً. ويجب أن لا نُغفل واقع كورونا الذي زاد الطين بلة، أثر على العالم أجمعه وليس لبنان فحسب، وبالتالي، نريد أن نرى هذا الوباء يختفي من كل بلدان العالم وأن يكون هناك حكومة جديدة وتوافق بين اللبنانيين لانقاذ لبنان، وخطط جديدة لتلافي حدوث ما يحدث اليوم، وما أوصل لبنان لما وصل إليه من انهيار اقصادي وخلاف سياسي. نرجو من الله أن ينقذ لبنان ومن خلالكم أنقلوا أطيب تحياتي وتقديري ومودتي لكل الشرفاء اللبنانيين الحريصين على استقرار لبنان وسيادته ورفاهية شعبه.