العرب يُطلقون معركة إستعادة عواصمهم… من بيروت
ظنّ الجميع أن الدول العربية سلّمت بخسارتها للعاصمة الأحبّ على قلبها وهي بيروت، لكن المفاجأة للمحور الإيراني أتت من بلاد الفراعنة وليس من الدول الخليجية هذه المرّة.
تعمل إيران منذ إنتصار الثورة الإسلامية على توسيع نفوذها في الدول العربية، ويُعتبر نجاح “حزب الله” التابع لفيلق القدس الإيراني أهم المشاريع الإستثمارية لتلك الثورة الإسلامية، ومنذ قرابة 10 سنوات، لم يعد المسؤولون في طهران يخفون ما يخططون له. وقد توالت التصاريح الإيرانية والتي كانت تؤكّد أن طهران تسيطر على 4 عواصم عربية، وأبرز تلك التصاريح كان لوزير الإستخبارات في حكومة محمود أحمدي نجاد، حيدر مصلحي الذي أكّد هذه النظرية وبأن بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء هي في أيدي مشروع الثورة الإسلامية.
وقبل أن يتولّى قيادة الفيلق بعد مقتل اللواء قاسم سليماني، تفاخر نائب قائد فيلق القدس اللواء إسماعيل قاآني بأن إيران مستمرة بفتح بلدان المنطقة وأن الجمهورية الإسلامية بدأت سيطرتها على كل من أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين وتتقدم في نفوذها في بقية بلدان المنطقة.
كل تلك التصاريح كانت تبثّ، والعرب لا يتقدمون خطوة إلى الأمام، حتى قيل إنهم تخلّوا عن لبنان وخصوصاً الدول الخليجية، وبات هذا البلد الذي كان يُصنّف على أنه لؤلؤة الشرق ومصيف العرب ومدرستهم ومستشفاهم وجامعتهم وصناع النهضة العربية، تحت القبضة الإيرانية.
ومن يُراقب الأوضاع، كان يتوقّع حصول ردّة فعل خليجية تجاه ما يحصل من تمدّد للنفوذ الإيراني في لبنان على رغم الغضب الكبير على القيادة اللبنانية، لكنّ الضربة أتت من مصر أكبر دولة عربية مع تحرّك وزير خارجيتها سامح شكري الذي بعث بأكثر من رسالة من خلال مقاطعته كلّاً من “حزب الله” ورئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، وإعطائه أهمية بالغة خلال زيارته للإستماع إلى مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، والإعراب عن التأييد المصري والعربي لمبادرة الراعي الداعية إلى الحياد وفكّ أسر الشرعية والتحرّر من الوصاية الإيرانية، ومن ثمّ تصريح شكري من “بيت الوسط” بعد لقائه الرئيس المكلّف سعد الحريري.
وتبعت زيارة شكري إلى لبنان زيارة من نوع آخر هي للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، حيث أجرى جولة أفق مؤكداً أن الدول العربية لن تترك لبنان وحيداً.
وتشدّد مصادر ديبلوماسية متابعة للموقف العربي أن الرسالة المصرية كانت قاسية جداً للمحور الإيراني في لبنان، ولو أتت من السعودية أو أي دولة خليجية أخرى لكانت عادية ومتوقّعة، لكن أن تأتي من القاهرة فهذا الأمر يحمل دلالات عدّة، أبرزها أن الدول العربية الكبرى مجمعة على التصدّي للنفوذ الإيراني في لبنان، ولن يتركوا هذا البلد لقمة سائغة في فم طهران.
وتتحدّث المصادر عن وجود تنسيق عربي رفيع في ما خصّ الملف اللبناني بين القاهرة والرياض، وهذا التنسيق يشمل كل ما يحيط بالساحة اللبنانية إن بالنسبة لدعم المبادرة الفرنسية، أو للتصدي لنفوذ إيران في بيروت عبر مقاطعة “حزب الله” وحلفائه.
وأمام هذه الوقائع، يبدو أن المرحلة مفتوحة على كل الإحتمالات التصعيدية، وربما قد انطلقت معركة العرب لاستعادة عواصمهم، ففي اليمن تحاول السعودية الوصول إلى تسوية تضمن مصالحها وحماية أمنها واستقرارها، أما في العراق فتبدي الدول العربية إرتياحها لإدارة حكومة الرئيس مصطفى الكاظمي وسلوكه مع إيران، أما سورياً فالجميع بانتظار التسوية الكبرى.
ويبقى الملف اللبناني الأبرز والذي قد يوضع على نار حامية، إذ إن العرب لن يقبلوا التخلّي عن عاصمتهم، بل إنهم سيعملون في المرحلة المقبلة على تحريرها من الإحتلال الإيراني، لذلك يُفهم كل هذا التشدّد الخليجي والمصري تجاه السلطة اللبنانية التي تصنّف عربياً في الخانة التابعة للإحتلال الإيراني.