استيقظ المقدسيون في بلدة سلوان، قبل يومين، على كابوس جديد، متمثّل في حلول «جيران جدد بالإكراه» إلى جانبهم. إذ استولى أكثر من 120 مستوطناً، بحراسة جيش العدو، على ثلاثة عقارات في الحارة الوسطى، بعدما باعها خونة لجمعيات استيطانية عبر سماسرة وشركة وهمية كما جرت العادة، وبتغطيةٍ من محامين لهم باع طويل في الصفقات المشبوهة
وبحسب مدير «مركز معلومات وادي حلوة»، جواد صيام، فإن بعض الشخصيات المتورّطة في «تسريب» العقارات الأخيرة هم من المرشّحين ضمن بعض القوائم الانتخابية (من دون تسميتهم). وتكشف مصادر «الأخبار» أن المتورّطين هم: مصطفى صالح أبو ذياب، وعبد الله مروان رشدي الرشق، ويوسف عبد القادر أبو صبيح، لافتة إلى أن ثلاثتهم فرّوا من بلدة سلوان والقدس كبقية المتورّطين في بيع ممتلكات للاحتلال، إذ إن بعضهم يفرّون إلى شمالي فلسطين التاريخية أو خارجها. أما عائلات الرشق وأبو صبيح وأبو ذياب، فأعلنت براءتها من البائعين الثلاثة في نصوص متشابهة منفصلة، قائلة: «نعلم أن هذا الضرب من البيانات لا يقدّم ولا يؤخّر في مثل هذه الجرائم التي يندى لها الجبين، ولكنه الموقف الذي يوجبه علينا الدين والانتماء لطهارة هذه البلاد المقدسة من إعلان البراءة أمام الله ورسوله وكلّ مسلم غيور على أرضه وعرضه». وأضافت: «نعلنها للجميع: لا علاقة لنا بالمذكور لا من قريب ولا من بعيد، وأيّ عمل ينفّذه هذا الشخص يمثّله فقط ويتحمّل جريمته وحده».وفق المصادر، تعود إحدى القصص إلى شركة وهمية، هويّة مالكها مزيّفة أيضاً، تُسمّى «شركة بدران للبناء والاستثمار». إذ كلّف المتورّط الرئيس، يوسف أبو صبيح (عكاشة)، شخصاً آخر هو مقاول بناء يدعى بسام سيد أحمد، النيابة عنه في إجراءات بيع قطعة الأرض في الحارة الوسطى، في حيّ بطن الهوى تحديداً. حاول عكاشة التنصُّل من خيانته والرجوع خطوة إلى الخلف خشية انكشافه، إذ جاء توكيل مقاول البناء بسبب اكتشاف بعض الفلسطينيين قضية التسريب قبل إبرامها، ولذلك طلب سيد أحمد التنازل سريعاً والمضيّ في إجراءات البيع. وكشفت مصادر متطابقة أن مكتب المحامي داوود العزة هو المكان الذي شهد إبرام اتفاقية التنازل والبيع لـ«شركة بدران» الوهمية، والأخيرة كانت ذراعاً إسرائيلية تلقّفت الأرض والعقارات لتسليمها فوراً لجمعية «عطيرت كوهنيم» الاستيطانية التي أسكنت مستوطنين هناك. تروي المصادر نفسها أن المحامي العزة ليس وحده مَن يحمل وزر البيع للمستوطنين، بل يشترك معه محامٍ آخر يدعى حسين أيوب، وقد تورَّط كلاهما في صفقات مشبوهة لتسريب الأراضي، لكنهما ينكران معرفتهما بالمصير الذي ستؤول إليه العقارات المسرَّبة ويدّعيان أنهما يؤديان عملهما وفق القوانين السارية.
في ردود الفعل، أكّد الشيخ عكرمة صبري أن كلّ صفقة «تسريب باطلة، والخونة إلى مزابل التاريخ، وهؤلاء عبيد المال وقد خرجوا عن ملّة الإسلام، ومَن يدّعي أنه باع لشخص مسلم عقاراً، هو يعرف تمام المعرفة بأنه سيسرّبه، مجرم، وتنطبق على كلّ هؤلاء الفتوى الشرعية التي صدرت عام 1935، مِمّن يخونون البلاد ومقادير العباد». كذلك، شدّد خطيب الأقصى، الشيخ محمد سليم، على أن «كلّ مَن سرّب أو باع عقاراً أو منزلاً أو أرضاً للاحتلال خارج عن ملّة الإسلام، ولا يُغسَّل ولا يُكفَّن ولا يُنزَل في مقابرنا». ومِثل أهالي البلدة القديمة، وقّع أهالي بلدة سلوان وفصائلها «وثيقة شرف» تقضي بفرض «مقاطعة شاملة على بائعي العقارات ومسرِّبيها».
وعلى رغم قلّة «الخونة» الذين يبيعون عقاراتهم للجمعيات الاستيطانية مباشرة، لم تقف هذه الجمعيات مكتوفة الأيدي، بل تمضي بمشاريع جديدة وخطوات متسارعة عبر فخاخ وأساليب معقّدة منها الشركات الوهمية، وهو الأسلوب الأشهر، والسماسرة والوسطاء الذين يعملون لمصلحة العدو الإسرائيلي. وعلمت «الأخبار» (سبق أن أجرت تحقيقات حول تسريب عقارات) أن الإمارات لا تزال، عبر محمد دحلان وأذرعه في المدينة، تخوض سباقاً مع الزمن للاستيلاء على عقارات ومنازل وتسريبها من تحت الطاولة، على رغم انشغال دحلان بالمشهد الانتخابي. وبموازاة تسريب العقارات، يُقدِّم رجال دحلان مساعدات مالية جيدة إلى تجار المدينة وفئات أخرى، كي يُغطّوا على التسريب والفضائح.