“عداء قديم” بين الملك عبد الله والأمير حمزة فاقمه السخط العام.. فايننشال تايمز: القصة لم تنته بعد.
قال مراسل صحيفة “فايننشال تايمز” أندرو إنغلاند إن التنافس قديم ومستحكم بين الأخوين ويقع في قلب أحداث الـ 48 ساعة التي غمرت الأردن وطبعتها الاتهامات والاتهامات المتبادلة بين الملك عبد الله الثاني وأخيه الأمير حمزة.
وقال إن في قلب الأزمة اتهامات لولي العهد السابق باستغلال الأزمة الاقتصادية ومشاعر السخط من النظام لتحقيق طموحه بالملك، فيما رد فريق وأنصار الأمير حمزة بنفي الأمر.
وأشار التقرير إلى حرب التسجيلات التي دارت بين الطرفين، منها تسجيل مقابلة رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء يوسف الحنيطي الذي طلب من الأمير التوقف عن التصريحات التي تفهم خطأ و”سيدي، هذا الكلام تعرف أنت وأنا أنه يخرق الخطوط الحمر” لكن تحذيره بدا وكأنه تهديد مما دعا الأمير للرد الغاضب على اللواء بأنه حضر إلى بيته لكي يملي عليه ما يفعل وكيف يتحدث مع الشعب. وسمع الأمير وهو يقول “هل سوء إدارة الدولة بسببي وهل هذا الفشل هو بسببي؟”. ويقول إنغلاند إن الدراما في عمان أعادت للذهن مشاهد من مسرحيات شكسبير والتي تكشفت أمام الرأي العام. وبعد ساعات أصدر اللواء الحنيطي بيانا مقتضبا قال فيه إنه طلب من الأمير التوقف عن النشاطات التي تهدد أمن واستقرار المملكة. ورد حمزة بتسجيل فيديو زعم أنه تحت الإقامة الجبرية وشن هجوما ضد الفساد.
وتتابعت الأحداث في اليوم التالي عندما اتهمت السلطات الأمير بأنه جزء من مؤامرة لنشر الفوضى في المملكة. وتم اعتقال 18 شخصا تقريبا. وجاء التحرك ضد الأمير بعدما أخبرت أجهزة الأمن أن أخاه تحرك من نقد المسؤولين إلى الإطاحة بالنظام. وأثيرت شكوك حول 60 زيارة له إلى مشايخ العشائر. ومن بين المعتقلين باسم عوض الله، مدير الديوان الملكي السابق ومستشار الأمير محمد بن سلمان. ومع أنه يوصف بمبعوث الملك إلى السعودية، ويحمل الجنسيتين الأردنية والسعودية، على ما يعتقد إلا أن القصر الملكي لا يثق به. وقال أحد مسؤولي القصر إنه هو الذي أشرف ونصح الأمير حمزة.
وبحسب شخص مطلع، فقد طلب المسؤولون السعوديون من الأردنيين تسليم عوض الله، وهو طلب رفضته المملكة. وقال شخص آخر مطلع على الموقف السعودي إن هذا الطلب لم يحدث. وتساءل بعض المحللين عن الرابطة بين الأمير وعوض الله، وقال حسن البراري المحاضر في جامعة قطر” غير صحيح، حمزة شخص ذكي ويعرف أن عوض الله غير محبوب في الأردن. وكان الأمير يتجول في البلاد يتحدث ضد الفساد والوصفة الليبيرالية الجديدة التي دعا إليها عوض الله”. و”لو كانت لديه طموحات فسيكون أحمق لربط نفسه به”. وأضاف “لقد ارتكب النظام خطأ كبيرا بالتعامل مع الأمير، لأنه يحظى بشعبية بين الأردنيين”.
ورغم أن الأمر لا يتعلق بانقلاب إلا أن الجيش الذي يسيطر عليه الملك بقوة اعترض اتصالات بعد لقاءات مع قادة العشائر والضغوط المحلية المتزايدة التي تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا، مما أثار مخاوف الأجهزة الأمنية والقصر. ويصور معسكر حمزة بأنه ضحية للملك الذي يبدي وبشكل متزايد عدم تسامح مع الأصوات المعارضة. إلا أن الناس المقربين للقصر يصورون حمزة بالرجل المهووس بالعرش والذي يحاول استثمار مشاكل البلد لإضعاف أخيه الملك. وقال شخص مقرب من القصر “لم يتجاوز حقيقة أنه لن يصبح ملكا ويفكر على ما يبدو أنه صنع للملك”. ونفى شخص مقرب من الأمير حمزة هذا مؤكدا “كل مخاوفه كانت على العائلة وإرثها ولن يفعل أي شيء يعرض وضع العائلة للخطر”.
وأشار الكاتب إلى أن مظاهر العداء بين الأخوين تعود لسنوات عدة، ومنذ صغره رُبي على أنه سيصبح الملك، خاصة أنه يتحدث ويتصرف ويشبه والده الملك الراحل حسين، والذي قرر قبل وفاته بأسبوعين أن يعين ابنه عبد الله الذي يكبر حمزة بـ 18 عاما خليفة له ويجرد شقيقه الأمير حسن منها. وأعلن الملك أن ابنه حمزة هو ولي العهد وظل كذلك حتى 2004.
ووصف شخص مقرب من حمزة العلاقة بين الأمير والملك بأنها “عدائية” وبدأت “بقبول متذمر” لقرار عبد الله تهميشه ولكنه “كبر” بعدما اعتقد حمزة أن الناس حول الملك فاسدون و”يسرقون كل شيء”. قال نفس الشخص “من المعروف أن حمزة وعبد الله لا يتكلمان مع بعضهما البعض”. وعزل حمزة من الجيش قبل عدة أيام وهو قرار زاد من غضبه بالإضافة لتغيير حرسه الذي أعتقد أنهم لم يكونوا “لحمايته بل للتجسس عليه” حسب الشخص نفسه. ومن حول الملك عبد الله يقولون إن صبره قد نفد. وعندما اندلعت التظاهرات في 2018 بشكل دفع الملك لعزل رئيس وزرائه، دعا الأمير عبر تويتر إلى مكافحة الفساد.
وقال شخص مقرب من القصر “كان الملك رحيما.. لكن حمزة دفع بالأمر، وحطم الدولة وتجول بحماية الدولة. واستخدم امتيازاته كأمير للعمل ضد الملك”. ومع زيادة المصاعب الاقتصادية، وانتشار فيروس كورونا وتراجع السياحة وبطء التحويلات من الخارج، واجهت البلاد تحديات وضغوطا، زادها تخفيف دول الخليج دعمها للأردن ومحاولات الرئيس دونالد ترامب إجبار الأردن على القبول بخطة السلام التي اقترحها، حيث وتر علاقات الملك مع ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الإسرائيلي. وتحاول العائلة المالكة الآن ترميم الصدع، وكان الأمير حسن الذي همشه شقيقه قبل سنوات من قام بجهود الوساطة بين الملك والأمير. وفي يوم الثلاثاء منع القصر نشر أخبار في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تتعلق بالخلاف، بما فيها ملف الحوار بين الحنيطي والأمير. ويقول مصدر “هذه ليست نهاية القصة”.
المصدر: فايننشال تايمز