بنى المسؤولون الأوروبيون والأميركيون والروس آمالاً، وأشاعوا تفاؤلاً، تأسيساً على اجتماع “اللجنة المشتركة للاتفاق النووي” في فيينا، أوّل من أمس. لكن الواقع، وخصوصاً في الولايات المتحدة، يُنذر بعراقيل كثيرة
بحسب صحيفة “ذي نيويورك تايمز”، فإن مجموعتَي العمل الجديدتين تهدفان إلى إنشاء خريطة طريق لعودة متزامنة لكلا البلدين إلى الامتثال للاتفاق. لكن حتى لو تمّ ذلك، فإن التحقُّق سيستغرق بعض الوقت بالنظر إلى التعقيدات الفنّية وغياب الثقة. على سبيل المثال، سترغب الشركات الأوروبية والأميركية، التي تريد التعامل مع إيران، والتي عانت بشدة عندما أعاد ترامب فرض العقوبات الأميركية، في أن تتأكّد من أن الإدارة الجديدة لن تمارس هذا النوع من الضغوط. أمّا إيران، فسترغب في رؤية فوائد اقتصادية، وليس مجرّد وعد بها، وستريد الولايات المتحدة، في المقابل، من “الوكالة الدولية للطاقة الذرّية” أن تضْمن عودة إيران إلى الامتثال للاتفاق. والأمر ذاته ينطبق على المُوقّعين الأوروبيين الذين فشلوا، جزئياً، بسبب هذه العقوبات، في توفير الفوائد الاقتصادية التي كانت تستحقّها إيران.
وفي ظلّ كلّ ذلك، تبرز العراقيل الكثيرة أمام تسهيل عودة الجانبين إلى “خطة العمل المشتركة الشاملة”، وهي تظهر على شكل مطالب أميركية إضافية، وشروط تقنية، وضغوط داخلية تتعرّض لها إدارة جو بايدن، كما حكومة حسن روحاني. فبحسب “ذي نيويورك تايمز”، يبدو أن واشنطن لا تزال تريد، أيضاً، إقناع إيران بالتفاوُض في شأن مهلة أطول للاتفاق، و”بدء المزيد من المحادثات بشأن الحدّ من الصواريخ الإيرانية ودعم الحلفاء والميليشيات الشيعية عبر المنطقة، بما في ذلك في سوريا والعراق ولبنان”، الأمر الذي كانت قد رفضته طهران، فيما أعلنت أنه ليس لديها مصلحة في التفكير في إجراء مزيد من المفاوضات، حتى تستعيد الولايات المتحدة الوضع السابق وتنضمّ من جديد إلى الاتفاق.
يريد الجمهوريون وبعض الديموقراطيين من بايدن التوصّل إلى اتفاق أوسع
أمّا على المستوى السياسي، فتُواجه إدارة بايدن مطالب متفاوتة من الأجنحة المختلفة في الحزب الديموقراطي، إضافة إلى الجمهوريين. إذ يطالب التقدُّميون الديموقراطيون بالعودة السريعة إلى الاتفاق، بحجّة أن أيّ تأخير إضافي هو أمر خطير. وفي هذا السياق، رأى السيناتور كريس مورفي أنه كلّما طال انتظار إدارة بايدن، سيكون من الصعب إحياء الصفقة. وأشار مورفي، في مؤتمر صحافي، إلى أن “الولايات المتحدة كانت أوّل من غادر، لذا، يجب أن لا تقلق من اتخاذ الخطوة الأولى للعودة إلى الاتفاقية”. ولكن في مقابل ذلك، يريد الجمهوريون وبعض الديموقراطيين المتشدّدين، من بايدن، التمسُّك بالتوصُّل إلى اتفاق أوسع “لا يحدّ من برنامج إيران النووي فحسب، بل يحدّ أيضاً من برنامج الصواريخ الباليستية، ودعم الجماعات الإرهابية، والأنشطة الخبيثة الأخرى”.
ومن هذا المنطلق، أرسلت مجموعة من الحزبَين، تضمّ أكثر من 40 عضواً في مجلس الشيوخ ــــ بمن فيهم كبير الديموقراطيين والجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ــــ، أخيراً، رسالة إلى بايدن تحثّه على معالجة المخاوف “التي تتجاوز برنامج طهران النووي”، والتشاوُر مع إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين، في الوقت الذي تتفاوض فيه مع إيران. “لا تزال إيران تُشكّل تهديداً للأمن الأميركي والدولي، من خلال تصدير الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ العالية الدقّة، ودعم الميليشيات الشيعية التي تستهدف أفراد الخدمة الأميركية، ودعم المنظّمات الإرهابية والجهات الخبيثة الأخرى في جميع أنحاء المنطقة”، كتب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بوب مينينديز، في الرسالة التي وَقّعت عليها مجموعة من المشرّعين. وجاء في الرسالة: “لا نزال نشعر بالقلق حيال انتهاكات إيران المستمرّة لحقوق الإنسان لمواطنيها، وزيادة حجم وقدرات برامج الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز”.