الوقت- أفادت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية(بترا)، مساء أمس(السبت 3 أبريل)، عن اعتقال عدد من الشخصيات الأردنية البارزة، من بينهم الأمير “حمزة بن الحسين” الأخ غير الشقيق للملك، و”إبراهيم عوض الله” رئيس الديوان الملكي الأسبق و”الشريف حسن بن زيد”.
وفي شرح للاعتقالات، نقلت بترا عن مصدر أمني أردني قوله: “تم اعتقال عوض الله لوجود بعض الصلات المشبوهة وإساءة استخدام مجلس القدس للتطوير والتنمية الاقتصادية لشراء أراض لمصلحة اليهود”.
وبحسب بترا فإن إبراهيم عوض الله والشريف حسن بن زيد وآخرين اعتقلوا لأسباب أمنية، وما زالوا قيد الاستجواب.
وأفادت صحيفة واشنطن بوست عن الأحداث الجارية في العاصمة الأردنية عمان، أن “قوات الأمن الأردنية اعتقلت الأمير حمزة و 20 آخرين بزعم تهديد الأمن القومي، وبحسب وسائل الإعلام الأردنية، فإن الأمير حمزة لا يزال رهن الإقامة الجبرية”.
ونقلت وسائل إعلام أردنية عن عدد من مسؤولي الديوان الملكي قولهم، إن محاولة الانقلاب ضد ملك الأردن تمت بمشاركة بعض شيوخ العشائر ومسؤولي الأجهزة الأمنية في البلاد، وقالت إن “هذه مؤامرة معقدة تم تحديدها واكتشافها منذ فترة طويلة”.
وأضافت المصادر إن “أحد أفراد الأسرة المالكة الأردنية شارك أيضاً في هذه المؤامرة الخطيرة”، مضيفةً أن “المشاركين في المؤامرة تربطهم علاقات خارجية”.
كما أشارت مصادر أردنية إلى انتشار واسع لقوات الأمن في منطقة “دابوق” غربي عمان العاصمة الأردنية والقريبة من القصور الملكية، ونشرت أنباءً عن اعتقال أربعة من عناصر الحرس الخاص للأمير حمزة ورئيس مكتبه “هاشم عدنان أبو حماد” من قبل فريق أمني خاص.
وبينما ذکرت بعض المصادر المحلية أن “عدة فرق أمنية مسلحة وملثمة داهمت منازل المعتقلين ووجهت أسلحتهم نحو سكانها ومن بينهم نساء وأطفال”، قال “مضر زهران” وهو معارض أردني معروف، إن “الأمير حمزة والمعتقلين الآخرين نُقلوا إلى سجن أمني في قاعدة جوية خارج العاصمة الأردنية”.
لكن تم نشر مقطعي فيديو للأمير حمزة رفض فيهما نقله إلى سجن أمني، لكنه شدد على أنه “أجبر على البقاء في المنزل في إطار سياسة قمع المعارضة وإسكات المنتقدين”.
وقال الأمير حمزة في مقطعي الفيديو هذين: “تلقيت زيارةً من رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأردنية صباح اليوم، أبلغني فيها أنه لا يسمح لي بالخروج والتواصل مع الناس أو لقائهم. لأنه في الاجتماعات التي كنت حاضراً فيها، أو على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالزيارات التي قمت بها، كانت هناك انتقادات للحكومة أو الملك”.
وأضاف “أنا لست الشخص المسؤول عن انهيار الحكومة والفساد وعدم الكفاءة التي كانت سائدة في هيكلنا الحاكم منذ 15 إلى 20 عاماً وتزداد سوءاً… ولست مسؤولاً عن قلة إيمان الناس بمؤسساتهم”.
وتابع الأمير حمزة قائلاً: “لقد وصل الأمر إلى نقطة حيث لا يستطيع أحد التحدث أو التعبير عن رأي في أي شيء، دون التعرض للتنمر والاعتقال والمضايقة والتهديد”.
وتأتي اعتقالات الليلة الماضية في صفوف شخصيات أردنية بارزة، فيما قيل إن المعتقلين كانوا يخططون لانقلاب على العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
من هو الأمير حمزة بن الحسين؟
الأمير حمزة بن الحسين بن طلال بن عبد الله، هو الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني ملك الأردن وولي عهد الأردن السابق، والذي شغل هذا المنصب لأكثر من خمس سنوات، وهو من مواليد 1980 ويبلغ من العمر الآن 41 عامًا.
کما هو الابن الرابع للملكة نور الحسين، الزوجة الرابعة للملك حسين العاهل الأردني السابق وضابط سابق في الجيش. وكان ولي عهد الأردن من فبراير 1999 إلى نوفمبر 2004.
تمت إقالة الأمير حمزة من منصب ولي العهد في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، في رسالة من عبد الله الثاني، معتقداً أنه منصب احتفالي، لكنه في الواقع رأى أن وجود هذا المنصب يحدّ من صلاحياته ويشکِّل عقبةً بينه وبين مسؤولي الدولة.
والأمير حمزة الحسين خريج أكاديمية “ساندهيرست” العسكرية الملكية في بريطانيا، وجامعة “هارفارد” في الولايات المتحدة وجامعة “كينجز كوليج” في لندن.
إضافة إلى ولي العهد، شغل مناصب أخری أيضاً مثل رئيس اللجنة الاستشارية الملكية للطاقة، والرئيس الفخري للاتحاد الأردني لكرة السلة، ورئيس مجلس أمناء متحف السيارات الملكية، ورئيس نادي القوات الجوية الملكية الأردنية وغيرها.
الخشية من زيادة الشعبية
في غضون ذلك، غرد “نصير العمري”، المعارض الأردني المعروف، على حسابه الرسمي أن سبب اعتقالات الليلة الماضية في الأردن، بما في ذلك اعتقال الأمير حمزة الحسين، هو زيادة شعبيته في البلاد.
وقال إن “حكم عبدالله الثاني حكم فاسد مرفوض شعبياً. شعبية شقيق الملك حمزة في تصاعد بسبب فساد وسوء إدارة الدولة والقمع”.
واعتبر العمري أن اتهام الأمير حمزة الحسين بالتخطيط لانقلاب على عبد الله الثاني مشکوك فيه، واصفاً إياه بأنه إجراء استباقي من قبل ملك الأردن، لأن الوضع في البلاد لا يسير على ما يرام هذه الأيام.
الإمارات، كلمة السر في انقلاب الأردن الفاشل
من ناحية أخرى، اتهم “عباس الضالعي” الناشط والسياسي اليمني البارز، على حسابه الرسمي على تويتر، الإمارات بالتورط في هذه المؤامرة والانقلاب الفاشل.
ونشر صورةً للشيخ “محمد بن زايد” ولي عهد أبوظبي، وكتب قائلاً: “هنا كلمة السر للمحاولة الانقلابية الفاشلة في الأردن”.
رد فعل آل الشيخ على تويتر
في هذا الصدد، تفاعل “تركي آل الشيخ”، المقرب من “محمد بن سلمان” ولي عهد السعودية، ورئيس ما يسمی بالهيئة السعودية العامة للترفيه، مع اعتقالات الليلة الماضية في الأردن واتهام الأمير حمزة الحسين بالانقلاب على الملك عبد الله الثاني، وفي محاولة لتبرئة محمد بن سلمان من المشارکة في هذه المؤامرة، حيث نشر صورًا لعبدالله الثاني وابن سلمان، وكتب في تغريدته “لا تعليق … الصور تتكلم”.
كما أصدر الديوان الملكي السعودي بياناً أعرب فيه عن دعمه لملك الأردن في أحداث الليلة الماضية. هذا في حين أن أحد المعتقلين الليلة الماضية هو “إبراهيم عوض الله”، وهو صديق مقرب لمحمد بن سلمان ولي عهد السعودية، ومحمد بن زايد ولي عهد أبوظبي.
وفي هذا الصدد، غرَّد “علي التواتي القرشي” المحلل السعودي في الشؤون السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، على حسابه الرسمي: أن “باسم عوض الله الأردني-الفلسطيني، هو الرئيس التنفيذي لـ”شركة طموح” في دبي”.
من جانبه علَّق المحلل السياسي الأردني “ناجي الزعبي” علی تطورات الليلة الماضية في البلاد، بالقول: صحيح أن الأردن تضرر بشدة من تفشي فيروس كورونا في البلاد، وتسبب كورونا في زيادة تدهوره الاقتصادي بشكل أكبر، لكن الوضع في الأردن مستقر ويمكن السيطرة عليه في نفس الوقت، إلا أنه يبدو أن البعض يحاول جر الأردن إلى حافة الأزمة والفوضى.
وأشار الزعبي إلى أن الأمير حمزة لا يستطيع التأثير على مسار الأحداث وخاصةً على الساحة السياسية الأردنية، مضيفاً إن “الأمير حمزة يجب أن يكون الآن في السعودية ويعيش في هذا البلد”.
وقال إنه “منذ الأسبوع الماضي، سمع اسم الأمير حمزة خلال الاحتجاجات الشعبية في الأردن، مما يدل على أن أحداث الليلة الماضية هي سيناريو مخطط له مسبقاً”.
وتابع المحلل الأردني أن اسم عوض الله كان مرتبطًا سابقًا بالخطة الليبرالية الأمريكية في المنطقة، لكنه الآن مرتبط باسم محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، ويواجه اتهامات مثل إهدار الثروة الوطنية.
التطورات في الأردن من وجهة نظر نارام سرجون
لكن نارام سرجون، المحلل والكاتب السوري البارز، كتب في تحليل للتطورات الأردنية: “من يعرف تكوين النظام الأردني لن يشغل نفسه بأخبار الانقلاب الملكي في الأردن .. فالأردن نظام يستحيل فيه قيام انقلاب من داخل القصر أو خارجه، لأن كل ما في القصر مضبوط الحركة ومراقب بالمخابرات البريطانية والصهيونية”.
ويمضي سرجون في التذكير بتاريخ استسلام العائلة المالكة الأردنية لبريطانيا، ويقول: إذا كان هناك حديث عن انقلاب في القصر الملكي الأردني في هذا الوضع، فتأکدوا أن ذلك قد تم بالتنسيق مع المخابرات البريطانية.
ولهذا السبب، يعتقد هذا المؤلف والمحلل المشهور عالميًا أن هناك سيناريوهات أخرى وراء اعتقالات الليلة الماضية وانتشار شائعات الانقلاب في الأردن، ومن بينها يمكن الإشارة إلی “إيصال رسالة مفادها بأن ملكيته ستتعرض للخطر إذا عارض خطط إسرائيل”، أو “جعل الملك عبد الله بطلاً في الأردن بينما هو طبل فارغ”.