–وكالة نيوز
منذ سنوات عديدة بقي الصراع الليبي المسلح الممتد بدعم من دول مختلفة سواء عربية او حتى غربية، هدفها الأوحد السيطرة على هذا البلد الغني بالثروة النفطية، و تمثل هذا الصراع بين الدول على شكل صراع بين الاطراف الليبية التابعة لهم لاستلام السلطة و الحصول على الشرعية، و استمر الوضع على هذا الحال إلى أواخر العام الماضي حيث تم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، الأمر الذي ساهم بشكل واضح في إعادة إحياء العملية السياسية و الحوار في البلاد، و الذي أفضى بدوره إلى تعيين حكومة وحدة وطنية جديدة ومجلس رئاسي جديد هدفهم توحيد مؤسسات الدولة والتمهيد لانتخابات مُزمع عقدها في أواخر العام الجاري.
و على الرغم من توقيع اتفاق وقف اطلاق النار و إعادة إحياء الحياة السياسية في ليبيا، لا تزال حكومة الوحدة الوطنية تواجه العديد من التحديات التي تعيق عملها لإنهاء أزمة البلاد والعمل على اعادة استقراره، كما ترافقت هذه العراقيل بتزايد واضح للمطالبات الدولية برحيل القوات الأجنبية الموجدة في ليبيا، الأمر الذي يعني القوات الروسية المتمركزة في شرق ليبيا، التي تعمل على دعم الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب، لمنع انتشاره سواء في ليبيا أو غيرها من الدول المجاورة لليبيا من جهة، و من جهة ثانية الحفاظ على أمن المنشآت النفطية (مصدر دخل الدولة الرئيسي)، من أي ضرر أو اعتداء و هذه هي مهمتهم الأساسية هناك.
و الأمر لا يقتصر على القوات الروسية كقوات اجنبية متواجدة في ليبيا، فتركيا و التي تعد أحد اللاعبين الأساسين في ساحة الصراع الليبي، أرسلت قواتها العسكرية و تدخلت بشكل مباشر، و ذلك تزامناً مع هجوم المشير خليفة حفتر على الغرب الليبي لكبح جماح الجماعات المسلحة التي عاثت فساداً في العاصمة طرابلس وغيرها من المدن، الجدير بالذكر أن تركيا لم تكتفي بدعم حكومة الوفاق الوطني بالعتاد والسلاح، بل أنشأت قواعد عسكرية برية وبحرية تابعة لها، الأمر الذي رأى فيه العديد من المحللين السياسيين خرقاً للعديد من القوانين الدولية من قبل تركيا، بإرسالها السلاح والمرتزقة إلى ليبيا، و التي ما تزال مستمرة بذلك إلى الآن، لا بل وساهمت بتأجيج الصراع في ليبيا غير أبهة بالمجتمع الدولي، وغير مكترثة أيضاً بإرادة الليبيين في إحلال السلام.
و في حال تخلي القوات الروسية عن آبار النفط في الشرق، يرى محللون سياسيون بأن الجماعات المسلحة و المدعومة تركياً و المتواجدة بالغرب الليبي، ستتجه أنظارها إلى آبار النفط تلك، الأمر الذي يثير المخاوف من ما قد تفعله حال سيطرتها على هذه الثروات.
مما لا شك فيه أن تخلي روسيا عن ليبيا، سيضعف مكانتها في المجتمع الدولي، و على الصعيد الداخل الليبي سيعتبره الليبيون خذلاناً لهم، حيث اذا تم وقف الدعم المقدم إلى المشير خليفة حفتر والجيش الوطني من قبل موسكو، قد ينتج عنه انزلاق الأطراف إلى مواجهات جديدة لا يحمد عقباها، مما سيفقد روسيا دورها المهم في الشرق الأوسط، لأن الدول المتحالفة معها سينتابها الشك من هذه القرارات المفاجئة و الخاضعة لقوى إقليمية أخرى، الأمر الذي سيدفعها للبحث عن بديل لتلقي الدعم، وهذا أمر سيضعف روسيا بشكل حتمي، في سيناريو مشابه لما حصل في أفغانستان عندما انسحبت قوات الإتحاد السوفييتي منها، و سادة سيطرة أمريكا على المحافل الدولية وفرضت هيمنتها على العالم أجمع.