ترجمة “لبنان 24”
استبعد الخبير التركي علي دميرطاش أنّ تكون منظومة “أس-400” الدفاعية الروسية وراء التوترات الأميركية-التركية الراهنة، معتبراً انّ الأزمة الراهنة هي نتيجة إحباط الولايات المتحدة الأميركية المتنامي من أنقرة بدءاً من أوائل الألفية تحديداً. وأوضح الخبير أنّ تركيا عمدت بشكل متزايد مذاك إلى اتباع سياسة خارجية مستقلة، وهي سياسة “لم تكن متماشية بالضرورة مع ما تتصوّره واشنطن من مصالح”.
وفي تقرير نشرته مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، عاد الخبير إلى العام 2003، وتحديداً إلى الغزو الأميركي للعراق، مشيراً إلى أنّ الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان رفضت طلب واشنطن استخدام الأراض التركية لفتح جبهة شمالية والإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين.
وأوضح الخبير أنّ القرار التركي هذا أغضب إدارة الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش، فضغطت من أجل اتباع سياسة خارجية أكثر تركيزاً على الجيش. وأضاف: “لسوء الحظ، أرست تلك السياسة أسس الخلاف التي تؤثر بشكل كبير على العلاقات الثنائية مذاك”.
كذلك، عاد الخبير إلى تموز العام 2003، عندما أوقفت القوات الأميركية 18 عنصراً من المغاوير التركية في مدينة السليمانية على خلفية مزاعم بالتخطيط لاغتيال مخافظ كركوك الكردي المنتخب حديثاً آنذاك.
وفي تأكيد على أهمية هذه الحادثة، رأى الخبير أنّها مثّلت بداية لتولي البنتاغون، بل القيادة المركزية، مهمة تحديد السياسات إزاء تركيا، ما أدخل العلاقات الثنائية في حلقة مفرغة خارجة عن السيطرة.
وبحسب ما أوضح الخبير، فإنّ اندلاع الحرب السورية في العام 2011 عمّق الخلافات المتنامية بين الحليفيْن وعضويْ حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ مشيراً إلى أنّ البنتاغون “لم يتردد في اتخاذ خطوات من شأنها أن تغضب أنقرة عبر دعم وحدات حماية الشعب الكردي”- مجموعة مصنّفة إرهابية في أنقرة.
ورأى الخبير أنّ الولايات المتحدة زادت الأمور سوءاً في أوج الحرب السورية، وذلك عندما سحبت منظومة “باتريوت” الصاروخية من المنطقة الحدودية التركية-السورية. في السياق نفسه، لفت الخبير إلى أنّ واشنطن تجاهلت طلبات أنقرة لشراء منظومة “باتريوت”، مشيراً إلى أنّ تركيا وجدت نفسها أمام خيار واحد، فقصدت روسيا التي اقتنص رئيسها فلاديمير بوتين الفرصة سعياً إلى تقويض “الناتو”.
وعلى الرغم من مناشدات واشنطن المتكررة، وصلت الدفعة الأولى من المنظومة الدفاعية الروسية إلى تركيا في تموز العام 2019، وفي آخر تصريح له عنها، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنه أبلغ نظيره الأميركي أنتوني بلينكن بأن شراء المنظومة “صفقة منتهية”.
وبناء على هذه التطورات، خلص الخبير: “تعلمت أنقرة الآن أنّها قادرة على تنفيذ سياسات قد تتعارض مع رغبة واشنطن”، مؤكداً أنّ إحباط واشنطن من أنقرة يشكّل دليلاً واضحاً إلى تراجع النفوذ الأميركي السريع.