الأخبار
في وقتٍ قياسي، انتهت الإدارة الأميركية الجديدة من إعداد تقريرها الخاص الذي يسلِّط الضوء على أحوال حقوق الإنسان في العالم، كما تراها الولايات المتحدة التي تسعى إلى إعادة تعريف ما تعنيه زُمرةٌ ديموقراطية في البيت الأبيض. التقرير افتُتح بالتصويب على حقبة دونالد ترامب، التي تَغرف إدارة جو بايدن من «إنجازاتها»، حتّى على مستوى التعريفات والمصطلحات، مِن مِثل الإبقاء على صفة «محتلّة» مشطوبة لدى الإشارة إلى الضفة الغربية أو الجولان السوري ومواصلة الاعتراف بالقدس «عاصمةً لإسرائيل»؛ كما مرَّ على أعداء الولايات المتحدة واحداً واحداً، مستكملاً الهجوم على السعودية ومصر، وخاصّاً الصين بحصة الأسد من الهجمات، وصولاً إلى الاعتراف بالتحدّيات التي تواجهها عرّابة حقوق الإنسان، وعلى رأسها العنصريّة المؤسِّسة
بإماطتها اللثام عن تقرير حقوق الإنسان لعام 2020، تكون إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد حدَّدت الخطوط العريضة لسياستها الخارجية، والتي تقوم على شعار «حماية حقوق الإنسان». وإذا كان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد افتتح تقريره بانتقاد حقبة الرئيس السابق، دونالد ترامب، «الصامتة» عن حقوق الإنسان، متعهِّداً بـ»طيّها»، فإنه لم ينته، بطبيعة الحال، من دون ذكر جميع «أعداء» الولايات المتحدة، من الصين إلى روسيا مروراً بفنزويلا وغيرها من الدول. وفي سياق التقرير المنشور على موقع وزارة الخارجية الأميركية، بدا لافتاً استكمال واشنطن هجومها على السعودية الخاضعة، راهناً، لمراجعة العلاقات معها، من بعد حقبةٍ ذهبيّة مثَّلت فيها واشنطن رافعةً لصعود وليّ عهد المملكة، محمد بن سلمان. ويجيء الهجوم الأحدث على الرياض في أعقاب رفع الإدارة الأميركية، في شباط/ فبراير الماضي، السرية عن تقرير الاستخبارات الوطنية، والذي خلص صراحةً إلى ضلوع ابن سلمان في جريمة اغتيال جمال خاشقجي.وعلى رغم أن الإدارة الأميركية لن تُقدِم على خطوات من شأنها تعكير صفو العلاقات بين الحليفتَين الاستراتيجيتَين، استناداً إلى الخلاصات الآنفة، أشار بلينكن، في تقريره، إلى حدوث «عمليات قتل غير مشروع» في السعودية، حيث جرى تنفيذ «أحكام بالإعدام على جرائم غير عنيفة، وسُجّلت حالات اختفاء قسري». وأشار إلى أن السلطات في المملكة «لم تعاقب المسؤولين المتَّهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان»، مضيفاً أن الرياض عَرفت «اعتقالات واحتجازاً تعسفياً وقيوداً خطيرة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت»، متابعاً أنه سُجِّل «انخراط في المضايقة والترهيب ضدّ المعارضين السعوديين الذين يعيشون في الخارج». وكان للاعتقالات التي طاولت أفراد العائلة الحاكمة نصيب في التقرير؛ إذ تحدّث عن مخاوف واشنطن في شأن الإخفاء القسري لولي العهد السابق، محمد بن نايف، وشقيق الملك أحمد بن عبد العزيز. وكشف التقرير عن معلومات مفادها أن «مكان وجود ابن نايف ظلَّ مجهولاً بعد احتجازه بخمسة أشهر»، وأنه «لم يُسمح لطبيبه الشخصي بزيارته» وسط قلق متصاعد في شأن صحته. وعلى غرار السعودية، وجِّهت إلى مصر اتهامات مماثلة، ابتداءً من القتل التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وحالات سوء المعاملة من قِبَل الحكومة، مروراً بالقيود الخطيرة على حرية التعبير والصحافة، وصولاً إلى الإشارة إلى أن الحكومة المصرية «لم تحقِّق بشكل شامل في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك معظم حوادث العنف من قِبَل قوات الأمن».
بالنسبة إلى فلسطين، وعلى رغم أن التقرير عرّج عَرَضاً على انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان، بما يشمل عمليات «الاعتقال التعسفي لفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة»، إلاّ أنه لوحظ عدم تراجع إدارة بايدن عن خطوات كانت الإدارة السابقة قد اعتمدتها، إذ أكّد التقرير الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وبسيادة الاحتلال على مرتفعات الجولان، ولم يتراجع عن شطب مصطلح «محتلة» عند وصف الضفة الغربية. ورداً على سؤال عن السبب الذي دفع بالوزارة إلى عدم العودة إلى الصيغة التي كانت معتمدة قبل عام 2018، أوضحت المسؤولة عن حقوق الإنسان في وزارة الخارجية، ليزا بيترسون، أن الدبلوماسيين الأميركيين فضّلوا الالتزام بـ»المحدَّدات الجغرافية فحسب»، مضيفة أن»هذا الأمر يتماشى مع ممارساتنا العامة». وبما أن بايدن يدافع عن حلّ الدولتين، فقد حرصت الخارجية في تقريرها على تضمينه فقرة تشرح فيها أن الكلمات المستخدمة لتوصيف إسرائيل والأراضي الفلسطينية «لا تعكس موقفاً في شأن أيٍّ من قضايا الوضع النهائي التي سيتمّ التفاوض في شأنها من قبل أطراف النزاع، ولا سيما حدود السيادة الإسرائيلية في القدس أو الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطينية مستقبلية».
وكان للصين حصّة وازنة في التقرير، الذي كرَّر اتهامها بـ»الإبادة الجماعية» ضدّ مسلمي الإيغور في إقليم شينجيانغ، مشدّداً على أن الإدارة الأميركية تعطي الأولوية للتنسيق مع الحلفاء في هذا الخصوص. وأشار إلى الجهود المشتركة الأخيرة في شأن الإيغور و»القمع» الصيني في هونغ كونغ، والتسميم المزعوم للمعارض الروسي أليكسي نافالني. كذلك، ندَّد بالهجمات على السياسيين المعارضين وناشطي مكافحة الفساد والصحافيين المستقلين وسجنهم، في أماكن مثل روسيا وفنزويلا وتركيا.
على المستوى الداخلي، تعهّد التقرير، الواقع في 450 صفحة، بطيّ حقبة ترامب الصامتة عن حقوق الإنسان. وعرّج بلينكن في انتقاده على سلفه مايك بومبيو، الذي أعلى شأن حقوق بعينها باعتبارها حقوقاً «غير قابلة للتصرّف» مثل حريّة الدين والمعتقد، على حساب حقوق الأقليّات الجنسانية والحقّ في الإجهاض؛ إذ كان الوزير السابق قد أنشأ في وزارة الخارجية «لجنة للحقوق غير القابلة للتصرّف»، لكنّ خلفه سارع إلى إلغائها فور تولّيه منصبه. وقال بلينكن إنّه «لا توجد تراتبية تجعل بعض الحقوق أهمّ من أخرى»، مؤكّداً «طيّ صفحة هذه الآراء المتحيّزة»، ومضيفاً أن بلاده تعترف بالتحديات التي تواجهها، بما في ذلك «العنصرية المنهجيّة».
بإماطتها اللثام عن تقرير حقوق الإنسان لعام 2020، تكون إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد حدَّدت الخطوط العريضة لسياستها الخارجية، والتي تقوم على شعار «حماية حقوق الإنسان». وإذا كان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد افتتح تقريره بانتقاد حقبة الرئيس السابق، دونالد ترامب، «الصامتة» عن حقوق الإنسان، متعهِّداً بـ»طيّها»، فإنه لم ينته، بطبيعة الحال، من دون ذكر جميع «أعداء» الولايات المتحدة، من الصين إلى روسيا مروراً بفنزويلا وغيرها من الدول. وفي سياق التقرير المنشور على موقع وزارة الخارجية الأميركية، بدا لافتاً استكمال واشنطن هجومها على السعودية الخاضعة، راهناً، لمراجعة العلاقات معها، من بعد حقبةٍ ذهبيّة مثَّلت فيها واشنطن رافعةً لصعود وليّ عهد المملكة، محمد بن سلمان. ويجيء الهجوم الأحدث على الرياض في أعقاب رفع الإدارة الأميركية، في شباط/ فبراير الماضي، السرية عن تقرير الاستخبارات الوطنية، والذي خلص صراحةً إلى ضلوع ابن سلمان في جريمة اغتيال جمال خاشقجي.وعلى رغم أن الإدارة الأميركية لن تُقدِم على خطوات من شأنها تعكير صفو العلاقات بين الحليفتَين الاستراتيجيتَين، استناداً إلى الخلاصات الآنفة، أشار بلينكن، في تقريره، إلى حدوث «عمليات قتل غير مشروع» في السعودية، حيث جرى تنفيذ «أحكام بالإعدام على جرائم غير عنيفة، وسُجّلت حالات اختفاء قسري». وأشار إلى أن السلطات في المملكة «لم تعاقب المسؤولين المتَّهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان»، مضيفاً أن الرياض عَرفت «اعتقالات واحتجازاً تعسفياً وقيوداً خطيرة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت»، متابعاً أنه سُجِّل «انخراط في المضايقة والترهيب ضدّ المعارضين السعوديين الذين يعيشون في الخارج». وكان للاعتقالات التي طاولت أفراد العائلة الحاكمة نصيب في التقرير؛ إذ تحدّث عن مخاوف واشنطن في شأن الإخفاء القسري لولي العهد السابق، محمد بن نايف، وشقيق الملك أحمد بن عبد العزيز. وكشف التقرير عن معلومات مفادها أن «مكان وجود ابن نايف ظلَّ مجهولاً بعد احتجازه بخمسة أشهر»، وأنه «لم يُسمح لطبيبه الشخصي بزيارته» وسط قلق متصاعد في شأن صحته. وعلى غرار السعودية، وجِّهت إلى مصر اتهامات مماثلة، ابتداءً من القتل التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وحالات سوء المعاملة من قِبَل الحكومة، مروراً بالقيود الخطيرة على حرية التعبير والصحافة، وصولاً إلى الإشارة إلى أن الحكومة المصرية «لم تحقِّق بشكل شامل في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك معظم حوادث العنف من قِبَل قوات الأمن».
بالنسبة إلى فلسطين، وعلى رغم أن التقرير عرّج عَرَضاً على انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان، بما يشمل عمليات «الاعتقال التعسفي لفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة»، إلاّ أنه لوحظ عدم تراجع إدارة بايدن عن خطوات كانت الإدارة السابقة قد اعتمدتها، إذ أكّد التقرير الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وبسيادة الاحتلال على مرتفعات الجولان، ولم يتراجع عن شطب مصطلح «محتلة» عند وصف الضفة الغربية. ورداً على سؤال عن السبب الذي دفع بالوزارة إلى عدم العودة إلى الصيغة التي كانت معتمدة قبل عام 2018، أوضحت المسؤولة عن حقوق الإنسان في وزارة الخارجية، ليزا بيترسون، أن الدبلوماسيين الأميركيين فضّلوا الالتزام بـ»المحدَّدات الجغرافية فحسب»، مضيفة أن»هذا الأمر يتماشى مع ممارساتنا العامة». وبما أن بايدن يدافع عن حلّ الدولتين، فقد حرصت الخارجية في تقريرها على تضمينه فقرة تشرح فيها أن الكلمات المستخدمة لتوصيف إسرائيل والأراضي الفلسطينية «لا تعكس موقفاً في شأن أيٍّ من قضايا الوضع النهائي التي سيتمّ التفاوض في شأنها من قبل أطراف النزاع، ولا سيما حدود السيادة الإسرائيلية في القدس أو الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطينية مستقبلية».
وكان للصين حصّة وازنة في التقرير، الذي كرَّر اتهامها بـ»الإبادة الجماعية» ضدّ مسلمي الإيغور في إقليم شينجيانغ، مشدّداً على أن الإدارة الأميركية تعطي الأولوية للتنسيق مع الحلفاء في هذا الخصوص. وأشار إلى الجهود المشتركة الأخيرة في شأن الإيغور و»القمع» الصيني في هونغ كونغ، والتسميم المزعوم للمعارض الروسي أليكسي نافالني. كذلك، ندَّد بالهجمات على السياسيين المعارضين وناشطي مكافحة الفساد والصحافيين المستقلين وسجنهم، في أماكن مثل روسيا وفنزويلا وتركيا.
على المستوى الداخلي، تعهّد التقرير، الواقع في 450 صفحة، بطيّ حقبة ترامب الصامتة عن حقوق الإنسان. وعرّج بلينكن في انتقاده على سلفه مايك بومبيو، الذي أعلى شأن حقوق بعينها باعتبارها حقوقاً «غير قابلة للتصرّف» مثل حريّة الدين والمعتقد، على حساب حقوق الأقليّات الجنسانية والحقّ في الإجهاض؛ إذ كان الوزير السابق قد أنشأ في وزارة الخارجية «لجنة للحقوق غير القابلة للتصرّف»، لكنّ خلفه سارع إلى إلغائها فور تولّيه منصبه. وقال بلينكن إنّه «لا توجد تراتبية تجعل بعض الحقوق أهمّ من أخرى»، مؤكّداً «طيّ صفحة هذه الآراء المتحيّزة»، ومضيفاً أن بلاده تعترف بالتحديات التي تواجهها، بما في ذلك «العنصرية المنهجيّة».