أكثر مِن ملف تطرّق إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يومَ أمس. من الداخِل اللبناني حيث الجهود لا تزال مستمرة لتأليف حكومة جديدة، إلى محور المقاومة الذي عبَر في أخطر مرحلة من تاريخه، من دون أن يمنَعه ذلِك من تطوير قدراته ومراكمتها، والصمود الفلسطيني الذي أسقطَ صفقة القرن. وكالعادة، أفردَ السيد نصر الله مساحة للحديث عن الشأن اليمني، ناصحاً الأميركيين والسعوديين بعدم تضييع وقتهم، لأن اليمنيين كبار في السياسة ولا يُمكِن خداعهم
وفي حفل تأبيني أقامه «تجمع العلماء المسلمين» للشيخ الراحل أحمد الزين، أشار نصر الله إلى أنّ «الكثيرين ممَّن حمَلوا راية فلسطين، بدّلهم مال البترول والتحوّلات السياسيّة وطمع المناصب، إضافة إلى اليأس أو الإحباط الشخصي»، مؤكّداً أنّ «ثبات الزين في مواقفه كان أساسه أنّ تلك المواقف تنطلق من رؤية ومبادئ وأصول سار عليها وثبت فيها».
وركّز السيد نصر الله على أنّه «في مواجهة المشروع الإسرائيلي والمشروع الأميركي، وفي الطموح إلى أن تكون البلاد الإسلاميّة والعربيّة مستقلّة وحرّة، لا يمكن أن يكون هناك التباس وشبهات، والبعض اليوم يحاول أن يرمي شبهات في القضية الفلسطينية خدمةً للسلاطين»، مذكّراً بأن «الزين كانَ مع فلسطين والمقاومة منذ البداية حتّى النهاية».
ورأى أنّ «الموقف الأصعب كان في سوريا، لأنّ الراحل تحمّل بسببه الكثير من الأذى. ما حصل هناك كان كبيراً وخطيراً وفيه أبواب كبيرة للفتنة والتضليل وتضييع البوصلة». وقال: «موقفه من أحداث البحرين والحرب في اليمن، ينطلق من الأساس نفسه. كان رمزاً كبيراً من رموز الوحدة الوطنية».
في الملف اليمني، قال السيد نصر الله إنّ «هناك حرباً إعلاميّة وسياسيّة حقيقيّة على المقاومين من خلال القول إنّ السعودية تريد وقف الحرب وإن أنصار الله يرفضون ذلك، لأنّهم يربطون مصير اليمن بالملف النووي الإيراني». وشرحَ أنّ «المعروض على الإخوة في اليمن ليس وقف الحرب، بل وقف إطلاق النار واستمرار بقيّة أشكال الحرب، أيّ الحصار، وهذا خداع كبير لا ينطلي على قيادة أنصار الله أو حتّى على أطفال اليمن»
وذكر أنّ «الأميركيّين والسعوديّين يضيّعون الوقت، واليمنيّين كبار في الإيمان والمقاومة والصمود والجهاد، ولا يمكن أن يُخدَعوا لأنّهم كبار في السياسية والحكمة»، مُعتبراً أنّ «الخطوة الأولى هي وقف إطلاق النار والحصار»، داعياً السعودية إلى «عدم إضاعة الوقت، لأنّ هذه اللعبة لن تنطلي على أنصار الله».
وفي الملف الفلسطيني، رأى السيد نصر الله أنّه «بسبب صمود الشعب الفلسطيني، اليوم لا أحد يتحدّث عن مصطلح صفقة القرن». وأشار إلى أنّ «الضلع الثاني في هذه الصفقة، أي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وضع صعب، قد يسقط وفي الحدّ الأدنى هناك أزمة قيادة في إسرائيل، بحسب ما أكّدت الانتخابات البرلمانيّة».
وعلى صعيد متّصل، أوضح أنّ «الإسرائيلي في هذه الأيّام، كلّ يوم لديه صوت مرتفع ويتحدّث عن القلق من تطوّر قدرات محور المقاومة ونموّها»، مؤكّداً أنّ «المحور يعمل على تنمية قدراته ومراكمتها، وهو اليوم ليس في حالة ركود، بل عبَر أخطر مرحلة في تاريخه في السنوات العشر الأخيرة، وهو يقابل التهديدات بالمزيد من العمل الجاد لتراكم القدرات والقوّة التي ستحسم المستقبل».
وركّز على أنّ «أولويّات الإدارة الأميركية الجديدة اليوم هي الصين وروسيا، الصين كقوّة اقتصاديّة قد تصبح الأولى في العالم، وروسيا الّتي ينظرون إليها من الزاوية العسكريّة والأمنيّة»، لافتاً إلى أنّ «هناك جهداً أميركيّاً لمنع تكوّن جبهة تكون فيها إيران إلى جانب الصين وروسيا، وسعياً لمعالجة الملف النووي، مع التأكيد على الدبلوماسية مع إيران». وشدّد على أنّ «ما لم تعطِه إيران لترامب في ظلّ أقصى العقوبات والتهديد اليومي بالحرب، لن تعطيه اليوم».
وتوجّه إلى أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة، مؤكّداً أنّ «أولويّات واشنطن الجديدة ليست في المنطقة، وبالتالي إذا كانوا ينتظرون الأميركيّين فإنّ الانتظار سيكون طويلاً». وقال إنّ «أميركا لم تعد أميركا التي تعرفونها بل تسير نحو الأفول»، داعياً الجميع إلى «عدم انتظار أميركا والعالم والتطوّرات الدوليّة، والانطلاق بحوارات إقليميّة لمعالجة مشاكلنا وأزماتنا»، وموضحاً أنّ «كلّ من ينتمي إلى محور المقاومة جاهز للوصول إلى معالجات وحلول وتسويات، تجعلنا نعبر من المراحل الصعبة».