مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في إيران، تبدو إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على عجلة من أمرها لإتمام اتّفاق يراعي اشتراطاتها، ويُجنّبها التفاوض مع المحافظين في ما لو كان الفوز حليفهم هذه المرّة. إزاء ذلك، تبدو واشنطن أقرب إلى التراجع عن شرطها استئناف إيران الامتثال للاتفاق أولاً، وهو ما بيّتته تسريبات إعلامية تحدَّثت عن أن الولايات المتحدة اقترحت، أخيراً، عودةً متزامنة لـ»خطّة العمل الشاملة المشتركة»
هذه الإشارات قرأتها روسيا على أنها «مشجّعة»، وأن من شأنها كسر حالة الجمود في الملفّ النووي الإيراني، إذ أكّد وزير الخارجية، سيرغي لافروف، خلال مشاركته في جلسة خاصة في منتدى نادي «فالدي»، أن موسكو تدعم مثل هذه الخطوات. لكن طهران لا تزال على موقفها إزاء ضرورة أن تبادر الإدارة الأميركية إلى خطوات ملموسة، وأن تتخلّى عن سياسة «الضغوط القصوى» التي أرساها دونالد ترامب في التعامُل مع الملفّ النووي. واعتبر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن الولايات المتحدة تريد أن توحي بأنها مستعدِّة لمسار الدبلوماسية، «وهذا غير صحيح، لأنّها تواصل سياسة المماطلة»، لافتاً إلى أن إدارة بايدن تتكلَّم كثيراً، لكنها لم تتّخذ أيَّ خطوة عملية وجدّية في شأن رفع العقوبات المفروضة على الجمهوية الإسلامية، مبدياً، من جديد، استعداد بلاده للتراجُع خلال يوم واحد عن كلّ الخطوات التي اتّخذتها حيال الاتفاق النووي في ما لو لمست إرادة أميركية جدّية في رفع العقوبات.
وفي تفاصيل التطوُّرات، تشير وكالة «رويترز»، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين غربيين، إلى أن إدارة بايدن وإيران تواصَلتا بشكل غير مباشر عبر الأطراف الأوروبيين في الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا). ويَعتقد هؤلاء أن طهران تريد الآن مناقشة خطّة أوسع للعودة إلى الخطّة، إذ قال مسؤول أميركي: «ما سمعناه أنهم كانوا مهتمّين في البداية بسلسلة من الخطوات الأولية، ولذا كنّا نتبادل الأفكار في شأنها. يبدو ممَّا نسمعه علناً الآن، ومن خلال وسائل أخرى، أنهم قد يكونون غير مهتمّين (بمناقشة) الخطوات الأوّلية، ولكنهم (مهتمّون بمناقشة) خريطة طريق للعودة إلى الامتثال الكامل. وإذا كان هذا هو ما تريد إيران التحدُّث عنه، فنحن سعداء للحديث عنه». يأتي ذلك في وقتٍ ذكرت فيه مصادر أميركية أن الولايات المتحدة أبلغت الجمهورية الإسلامية استعدادها لعودةٍ متزامنة لالتزام كامل ببنود الاتفاق النووي، فيما أبدى البيت الأبيض استعداداً للدخول في عملية دبلوماسية «مثمرة» مع إيران. وفي هذا الإطار، أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، بأن الإدارة الأميركية تسعى إلى القيام بخطوات أولى على أساس متبادل، أو أن يعود الطرفان إلى التزام كامل ببنود الاتفاق النووي. وفيما سعت إدارة بايدن أيضاً إلى إظهار أنها ليست في عجلة من أمرها، إلّا أنها تواجه اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 حزيران/ يونيو، والتي يُحتمل أن يفوز فيها المحافظون، وهو ما من شأنه أن يُعقِّد أيّ مسار دبلوماسي للحلّ. في هذا الوقت، رفضت طهران تقريراً نشره موقع «بوليتيكو» الأميركي، الإثنين، قال فيه إن واشنطن تُخطِّط لتقديم اقتراح جديد يطلب من إيران وقف العمل بأجهزة الطرد المركزي المتقدّمة وتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20%، في مقابل تخفيف غير محدَّد للعقوبات الأميركية. وقالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة على «تويتر»: «لا حاجة إلى اقتراح للولايات المتحدة لإعادة الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة… يتطلّب الأمر قراراً سياسياً فحسب من الولايات المتحدة لتنفيذ كامل وفوري لجميع التزاماتها». وأشار الموقع الأميركي إلى أن الإدارة تحاول تقديم مقترح جديد لطهران من أجل تشجيعها على الدخول في محادثات في شأن الاتفاق النووي، مضيفاً أن المقترح، الذي يضمّ تخفيف العقوبات عن إيران، يأتي في وقت يقترب فيه موعد الانتخابات الإيرانية، ما «يدفع بعض المسؤولين الأميركيين إلى التعجيل بالتعاطي مع مسألة عودة إيران إلى الجلوس حول طاولة المفاوضات».
وفي خضمّ الحراك الدبلوماسي، أفاد ثلاثة مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، «رويترز»، بأن عقوبات أوروبية مرتقبة، هي الأولى من نوعها منذ عام 2013، ستطال شخصيات إيرانية بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، وهي تتضمّن حظراً على السفر وتجميداً للأرصدة المالية. وقال الدبلوماسيون إن من المتوقَّع أن يوافق مبعوثو الاتحاد على تجميد أصول هؤلاء الأفراد وفرض حظر على سفرهم، على أن يتمّ نشر أسمائهم الأسبوع المقبل عندما تدْخل العقوبات حيّز التنفيذ.