من صيغة 6+6+6 وحكومة الـ18 وزير الى صيغة 8+8+8 وحكومة الـ24 وزير تتقدم المشاورات الحكومة بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري ومساعدة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بخطوات ثابتة ومدروسة نحو حل الأزمة الحكومية على قاعدة ارضاء جميع الأطراف، ومنعاً لأي فشل جديد. وقد كان لافتاً الجولة المكوكية التي قام بها اللواء ابراهيم أمس على المقار الرسمية مستطلعاً للآراء ومقرباً في وجهات النظر.
وما زالت تفاصيل التحركات والاتصالات الجارية لحلحلة الازمة الحكومية محصورة في نطاق طرح الافكار واستكشاف المواقف منها، مع تفادي الاعتراف بكون ما يطرح بالمبادرة خشية عرقلتها او افشالها تجنبا لتداعياتها وزيادة منسوب الاحباط لدى اللبنانيين.
لكن ما كشفته مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة، يشير الى اتصالات مستمرة بعيدة من الاضواء، يقوم بها اكثر من طرف وجهة فاعلة وفي مقدمتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتذليل الخلافات وطرح صيغ مقبولة لدى المعنيين بعملية التأليف، لافتة الى انها بلغت مرحلة مقبولة، لجهة صيغة الحكومة المرتقبة، بينما لا يزال مطلوبا تبديد عقبات قد تطيح بكل التحركات والوساطات وتعيد الأمور إلى نقطة الصفر.
ولفتت المعلومات المتوافرة لـ” الديار” الى أن وتيرة الاتصالات والجهود التي بدأت على وقع مبادرة الرئيس بري الجديدة ارتفعت في اليومين الماضيين وهي مرشحة ان تتكثف باقي هذا الاسبوع سعيا الى تذليل العقبات وحل العقد امام تاليف الحكومة.
وتضيف المعلومات ان البحث سيتوسع في غضون اليومين المقبلين ليطاول تفاصيل الصيغة الجديدة التي يطرحها بري أي صيغة الـ 24 وزيرا والتي يتفق معه جنبلاط عليها وتحظى بدعم حزب الله وتأييد بكركي.
مبادرة بري
اذاً، تسير مساعي الرئيس بري بين حدّي النجاح والفشل، وهو مستمر بها برغم بعض العراقيل القائمة، وهو يتحرك في اتجاه الضغط حول هذا الملف، واعتبرت مصادر “اللواء” أن صيغة الـ٢٤ لا تزال تتقدم وتنتظر موافقة نهائية من رئيس الحكومة المكلف الذي لا يزال يدرس بعض التفاصيل وقالت ان لا كلام يتم تداوله إلا ذلك المتعلق بصيغة ٨-٨-٨ من دون ثلث معطل معلنة أن التأخير في ترتيب بعض الأمور يعود إلى جس نبض مهمة اللواء ابراهيم فضلا عن إمكانية اعادة التواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف إلا إذا حضرت الطبخة والتقيا للتوقيع عليها وهذه مسألة تكشفها الأيام المقبلة.
ويتردد في هذا السياق ان بري “الذي لدغ من الجحر مرات” ان من خلال جهوده ووساطاته الخاصة، او من خلال مراقبته لمصير وساطات الاخرين، لن يكون في وارد “الطحشة ” بوساطة كاملة المواصفات وعلنا ما لم يتحصن مسبقا هذه المرة بضمانات واضحة وثابتة من المعنيين الأساسيين بالتأليف، ويأتي في مقدم ذلك تعهد العهد وتياره باسقاط مسألة الثلث المعطل إسقاطا اسمياً وفعلياً بما يتيح البحث في توسيع التركيبة على معادلة ثلاث ثمانات بلا أي ثلث معطل لاي فريق، علما ان ثمة معطيات تشير الى ان بري ليس هو الذي طرح تركيبة الـ 24 وزيرا وانما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وان بعبدا لم تجب بعد على هذا الطرح وكذلك الرئيس الحريري.
وعلى مقلب الرئيس الحريري علمت “اللواء” “انه منفتح على اي حل لتشكيل الحكومة يقترحه الاصدقاء والحلفاء كالرئيس بري ووليد جنبلاط، بما يعني موافقته على توسيع الحكومة الى 24 وزيرا من الاختصاصيين، لكن من دون التنازل عن موقفه الرافض منح الثلث الضامن لأي طرف، لأن التجارب الحكومية السابقة تدل على فشل هكذا حكومات”.
واوضحت المصادر ان الحريري ينتظر بلورة موقف الرئيس عون من هذا الطرح والذي ربما يكون قد نقله اليه امس اللواء ابراهيم، ليُبنى على الشيء مقتضاه، لأنه كان يقول انه لم يتلقَ اي شيء رسمياً عن مبادرة بري الجديدة.
في المقابل، لم تخف مصادر متابعة للجهود المبذولة على خط تأليف الحكومة لـ”نداء الوطن”، توجسها من أن يعمد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى إحباط هذه الجهود التي يقودها بري في سبيل إنضاج صيغة الحل الوزاري بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ولذلك بدا بري متريثاً في زيارة قصر بعبدا بانتظار تلقيه “ضمانات رئاسية” تؤكد المضي قدماً في الصيغة التسووية، و”لمّا يصير الفول بالمكيول” عندها يبادر فوراً إلى زيارة عون.
الموقف الدولي
ولكن ما يتعين تسليط الأضواء عليه في خلفية التحرك الهادئ الذي يجري منذ أيام والذي تكثف على نحو ملحوظ غداة الاتصالات التي اجراها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بالرؤساء عون وبري والحريري، وإصداره بيانه الأخير الذي اكتسب أهمية استثنائية، هي المعطيات التي توردها “النهار” عن ان المجموعة الدولية التي تهتم بلبنان تبدي خوفا شديدا يكاد يلامس الذعر على الوضع في لبنان، وهي تاليا بدأت تستعد لاتخاذ اجراءات وخطوات في شأن معرقلي تشكيل الحكومة في لبنان في ظل نقاشات جدية تجريها الدول المعنية حول طبيعة هذه الاجراءات، وما اذا كانت تستطيع ان تفرض عقوبات على السياسيين الذين يعيقون الاتفاق على حكومة جديدة. وتفيد معلومات موثوقة ان هذه المجموعة، ولا سيما منها فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة ودول عربية عدة، تفكر وتناقش ما يمكنها القيام به من اجل دفع الامور في لبنان نحو مكان افضل ما يفيد تالياً ان كل الخيارات موضوعة على الطاولة لان هذه الدول لم يعد في استطاعتها ان تقف مكتوفة وتتفرج على وضع تعتبره خطيرا جدا فيما هناك اداء يرقى الى اللامسؤولية في تدمير البلد علما ان هذه الدول لا يمكنها كذلك ان تكون مكان المسؤولين اللبنانيين الذين يتعين عليهم القيام بما عليهم القيام به. مع ذلك فان الخيارات المطروحة امام هذه الدول تبدو مربكة ازاء نقاط من بينها اي خطوات يجب اتخاذها، وهل ينبغي فرض عقوبات، ومن ستشمل؟ علما ان هؤلاء المسؤولين انتخبهم الشعب اللبناني او فئات منه. وتاليا ما هي فاعلية هذه الاجراءات او العقوبات؟ وهل ستخلق دينامية مختلفة او ان ردود الفعل عليها ستؤدي الى تشبث هؤلاء بمواقفهم وتعقيد الوضع اكثر مما هو عليه حتى الان؟
اللواء ابراهيم على الخط
وسجلت حركة لافتة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العائد من باريس حيث تنقل بين المقار الرئاسية، وزار عين التينة والتقى الرئيس بري وعرضا الأوضاع العامة والمستجدات الأمنية والسياسية.
وكشفت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ ابراهيم العائد من العاصمة الفرنسية “حمل معه معطيات محددة على صعيد الملف الحكومي” تصب في خانة التشديد على وجوب الإسراع في تأليف الحكومة العتيدة، مع إبداء باريس استعدادها “لإدارة محركات المساعدات فور التأليف والالتزام بالبرنامج الاصلاحي”، مشيرةً إلى أنّ ابراهيم جال في هذا الصدد بين عين التينة وقصر بعبدا ناقلاً المعطيات الفرنسية، ومناقشاً في “قضايا تفصيلية تتصل بسد أي ثغرة قد تعترض الفرصة الأخيرة المتاحة راهناً للتأليف”.
وفي سياق متصل، علمت “البناء” أن “الموقف الفرنسي الأخير كان واضحاً ومتشدّداً وحذّر بشكل حاسم من التعطيل المتعمد ما دفع بالقوى السياسية كافة الى تفعيل الجهد والاتصالات واللقاءات للبحث عن مخرج للأزمة الحكومية”.