تحقيقات - ملفات

والصحافة أيضا صناعة في مواجهة الفاجعة!

ذو الفقار قبيسي -اللواء
يوم كانت المقالات تكتب بالأقلام  وتنضد الحروف بـ«التنقيط من الصناديق» والتوزيع بالمشي أو بالعجلات، كانت الصحافة «زراعة ذات رسالة». ولما أصبحت  تكتب بالآلات، وتوزع الصحف بالطائرات و«الفانات» وبمواقع الالكترونيات، تطورت الصحافة الى «صناعة ذات رسالة» لا يقل دورها في التقدم المعرفي والعلمي والصحي  والاجتماعي، عن دور وزارات التربية والثقافة والعلوم والصحة والجامعات والمعاهد والمدارس العامة والخاصة، لدرجة قول نابوليون ان «خوف الحكام من صرير الأقلام لا يقل عن الخوف من مدافع الثورات» وقول ونستون تشرشل عندما حاول المال الأجنبي شراء جريدة الـTimes «ان انكلترا قد تتخلى يوما عن مستعمراتها عبر البحار ولكن ليس عن صحيفة «التايمس» التي مثلت ذات يوم روح الأمبراطورية البريطانية وفكر وثقافة  وتقاليد وطموحات الشعب البريطاني»، وقول الجنرال ديغول الذي كان وراء تسمية جريدة Le Monde أنه يريدها كما اسمها «صورة فرنسا للعالم وصورة العالم لفرنسا» وفي عهده صدرت القوانين التي دعمت ماليا وعينيا بالورق المجاني  مختلف الصحف والمجلات الفرنسية الموالية والمعارضة والمستقلة على حد سواء ودون أي تمييز في المواقف والاتجاهات، وفي العامين ٢٠١٣ و٢٠١٦ أنشئت  الصناديق الحكومية الفرنسية (FSDP وFSEIP) التي تقدم عبر وزارة الثقافة الدعم المادي للصحافة، على غرار المساعدات الحكومية المباشرة وغير المباشرة ومختلف أنواع الاعفاءات الضريبية التي تقدمها الحكومات الأوروبية والأميركية، وفي وقت تصنف الصناعة الصحفية في المصارف الغربية من ضمن الصناعات التي تنال  القروض والتسهيلات والكفالات وباقي الخدمات المصرفية، فيما صحافة لبنان  بعد  شح مشدود اليد ضيق الأفق في دعم للصحافة تسترده الدولة من ضرائب على بقايا نزر يسير من موارد اعلانية تجف وتختفي حتى قبل الجائحة الوبائية والفاجعة الاقتصادية، فكيف الآن ودولة  النهب والسلب والتبذير وضيقت أو اقفلت باب الصحة والعيش والتعليم على المواطن العاجز والمريض والفقير!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى