} د. وفيق إبراهيم-البناء
تختلط القضايا في لبنان حتى يبدو و كأنه سعوديّ فرنسيّ أميركي سوري وإيراني حاملاً هموم الخليج وبلاد الشام وإيران عاكساً اهتمامات فرنسيّة وأميركيّة في آن معاً.
فهل يعقل أن يحمل لبنان كل هذه الاهتمامات ويجابه «إسرائيل» في الوقت نفسه؟
هذا هو لبنان الذي يعكس الأدوار الخليجيّة والإيرانيّة والسوريّة ولا يمكنه أبداً التخلّي عن هذه الدول المتصارعة في أكثر من نقطة خليجيّة وشرق أوسطيّة.
لبنان إذاً في قلب دراما تمتد من الخليج الى لبنان لا يمكنه التخلي عنها باعتبار أن جزيرة العرب هي الميدان الطاغي على المنطقة بواسطة التأييد الأميركي الفرنسيّ المصريّ المهيمن بقوة على المنطقة، مقابل محدوديّة الدور السوريّ الإيرانيّ، لكنه ليس ضعيفاً، كما يتوهّم البعض، فالدور الإيرانيّ المتراكم حول أهمية حزب الله ليس بسيطاً كما يعتقد البعض وقد يكون بالغ القوة أكثر مما يعتقد الكثير من المحللين، خصوصاً أن حزب الله تمكن أخيراً من التموضع لبنانياً وسورياً وفلسطينياً بما يحفظ له قوته وبراعته في الدفاع عن أدواره وأدوار إيران وسورية ومواقعه الهامة جداً في لبنان. يكفي أن حزب الله واحد من أقوى المؤسسات الحزبية الناشطة في لبنان ومتمكن من أداء أدوار في مختلف المناطق اللبنانية.
فهل يستطيع حزب الله التصدّي للأميركيين في لبنان وسورية؟ الامر ليس صعباً خصوصاً أن الحزب أصبح متمكناً في جنوب لبنان والبقاع بشكل أساسيّ وله امتداداته في سورية، وهذا يعني أن حزب الله تنظيم لبناني جنوبي سوري إيراني إقليمي أصبح بوسعه أداء أدوار واسعة تنافس الأميركيين والفرنسيين والسعوديين في آن معاً.
إنما هل يستطيع الموارنة منافسة السنة اللبنانيين بسهولة على قيادة الصيغة اللبنانية؟ هذا أمر صعب جداً، لأن الصيغة اللبنانية اصبحت تحتاج الى قوة ثلاثيّة تجمع بين الموارنة والسنة والشيعة خصوصاً بعد اتفاق الطائف الذي اكد على ثلاثيّة السلطة في لبنان بشكل مباشر ومنذ اتفاق الطائف، لكن التطبيق جرى إرجائه ليقتصر على السنة والموارنة، لكن تطوّر الدور الشيعيّ في الآونة الأخيرة ارتباطاً بنمو الدور الإيراني في الإقليم بأسره وليس في لبنان بمفرده جعل الدور اللبناني بالغ التطوّر ولا يقتصر على الأهمية المركزية للشيعة اللبنانيين، فهؤلاء يحظون اليوم على أهميّات لبنانية وسورية مجابهة لـ»إسرائيل» ومقاومين للخليج وطامحين لأدوار خليجيّة وأجزاء من الصيغة اللبنانية.
يتبين أن الشيعة اللبنانيين يطرحون أنفسهم جزءاً أساسياً من الصراعات اللبنانية ولا يكتفون بلعبة الصراع على الصيغة المحليّة.
فهل يمكن الاكتفاء بدور سنيّ أو مارونيّ ويليهما دور شيعيّ؟ الصراع الثلاثي مفتوح ومرتبط بالدور الأميركيّ الفرنسيّ الخليجيّ والدليل أن الدور الخليجي أصبح يتنقل من رئاسة جمهورية لبنان الى مجلس النواب وصولاً الى وليد جنبلاط وهكذا دواليك.
كيف الحل؟ هل هو ممكن؟
الحل هو محصلة تسويات أميركية فرنسية خليجية مع حضور إيرانيّ سوريّ وإلا فإن الحلول صعبة جداً بما يعني ان لبنان ينتظر نضوج الطبخة الإقليميّة – الدوليّة وإلا فلا حل على الإطلاق.
فهل اقتربت الحلول اللبنانية؟
الوضع ليس وشيكاً، فلبنان يحتاج الى دعم فرنسي متشابك مع الأميركيّين وتؤيّده سورية وإيران وإلا فإن الصراعات الداخلية فيه متجهة للمزيد من الاشتباكات.
إن اتفاقاً أميركيّاً فرنسيّاً مقترناً بتأييد من الموارنة من شأنه منح لبنان سلّم نجاة ليس بقليل واهباً المعادلة اللبنانيّة دفعاً كبيراً نحو النجاة.
بذلك يتضح أن اتفاقاً مارونيّاً سنيّاً شيعيّاً تمنحه سورية التأييد ولا تعترض عليه إيران. كل هذا يكفي لإنقاذ لبنان من براثن جهنم.
فهل يتفق الأميركيّون على هذا المخطط؟ يحتاج الأميركيّون الى إعادة تحريك جزيرة العرب نفطياً واقتصادياً. وهذا بمفرده كافٍ لتحريك لبنان نحو سكة السلام وإنقاذه من الجمود نحو لبنان القادر على بناء دولة متحرّكة بوسعها تأدية أدوار ناجعة في زمن صعب ورديء.