دوللي بشعلاني-الديار
د. خليفة لـ «الديار»: نتحضّر لرفع دعوى قضائية ضدّ المسؤولين بتهمة الخيانة العظمى عن صياغة وعدم تعديل المرسوم 6433
أرسلنا كتاباً عن الأسباب الموجبة مرفقاً بالعريضة والتواقيع الى كلّ من عون ودياب وعكر ونجّار… ولم يصلنا أي جواب حتى الآن
تتحضّر مجموعة كبيرة من الأكاديميين ورجال الأعمال والأطباء والخبراء والمثقّفين بالتعاون مع عدد من الجمعيات اللبنانية وتجمّع اللبنانيين في فرنسا ومجموعة «عدل» لتقديم دعوى ضدّ المسؤولين اللبنانيين المتقاعسين عن صياغة المرسوم 6433 أو عن تعديله مع الإحداثيات الجديدة للمنطقة الإقتصادية البحرية الخالصة والتي تُظهر حقّ لبنان في مساحة الـ 2290 كلم2 وإرساله الى الأمم المتحدة، على ما اقترحت قيادة الجيش اللبناني، بتهمة الخيانة العظمى. وينطلق هؤلاء الباحثون والأكاديميون، على ما كشف الأستاذ الجامعي والباحث في قضايا المياه والحدود الدكتور عصام خليفة في حديثه لـ «الديار» من المادة 277 من قانون العقوبات (نبذة الخيانة) على ما يلي: «يُعاقب بالإعتقال المؤقّت خمس سنوات على الأقلّ كلّ لبناني حاول بأعمال أو خطط أو كتابات أو بغير ذلك أن يقتطع جزءاً من الأرض اللبنانية ويضمّه الى دولة أجنبية، أو أن يُملّكها حقّاً أو امتيازاً خاصّاً بالدولة اللبنانية. إذا كان عند ارتكابه الفِعل منتمياً الى إحدى الجمعيات أو المنظمات المشار إليها في المادتين 298 و318 عوقب بالإعتقال مؤبّداً». كما يستندون الى المادة 2 من الفصل الأول تحت عنوان «في الدولة وأراضيها» من الدستور اللبناني التي تنصّ على أنّه «لا يجوز التخلّي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنه».
ورغم الصرخة المدوية من قبل الباحثين والخبراء والأكاديميين التي انطلقت منذ أشهر مطالبة السلطات اللبنانية بالإسراع في تعديل المرسوم 6433 لحفظ حقّ لبنان في ثروثه من الغاز والنفط في المنطقة البحرية العائدة له، والتي تُقدّر بمليارات الدولارات، وذلك قبل أن يبدأ العدو الإسرائيلي بعمليات الحفر وسرقة ثروة لبنان في أوائل حزيران المقبل، لم تهزّ السلطات المعنية ساكناً. وهذا الأمر دفع بهذه المجموعة اللبنانية في الداخل والخارج، الحريصة على حقوق بلادها لها وللأجيال المقبلة بوضع عريضة تحت عنوان «استرداد حقوق الشعب اللبناني في مياهه الإقليمية» وبدأت حملة التواقيع عليها. وقد وصلت هذه التواقيع الى أكثر من 3400 توقيعاً حتى الآن، منها 1217 من فرنسا ودول الخارج، وذلك بهدف طرح هذه القضية على المحافل الدولية كافة من الأمم المتحدة الى الإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وسائر الحكومات الصديقة، في حال بقي المسؤولون المعنيون يُصرّون على عدم تعديل المرسوم المذكور.
مضمون الرسالة الى الجهات المعنية
وعن تفاصيل القضية التي جعلت مجموعة الخبراء والأكاديميين والباحثين يُبادرون الى اتخاذ هذا القرار، أوضح الدكتور خليفة بأنّه جرت محاولات عدّة لحثّ المسؤولين على الإسراع في تعديل المرسوم لحفظ حقوق لبنان، ثمّ قمنا بإرسال رسالة موحّدة الى الجهات المعنية أي الى كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المستقيلة حسّان دياب ووزيري الدفاع زينة عكر عذرا ووزير الأشغال العامّة ميشال نجّار باسم المجتمع المدني. غير أنّنا لم نتلقّ أي إجابة من أي منهم لمعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا التقاعس. علماً بأنّ الكتاب المُرسل اليهم قد نصّ على الأسباب الموجبة لتعديل المرسوم 6433 المُرسل الى الأمين العام للأمم المتحدة، بحسب اقتراحات قيادة الجيش اللبناني.
وجاء في الرسالة: «لمّا كان المرسوم 6433/2011 المرسل من الحكومة اللبنانية الى الأمم المتحدة ينص في مادته الثالثة على ما يلي: «إنّه يمكن مراجعة حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وتحسينها وبالتالي تعديل لوائح إحداثياتها عند توافر بيانات أكثر دقة ووفقاً للحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنية».
ولما كانت المادة 157 من وثيقة الأمانة العامة للأمم المتحدة للعام 1999 تنص على ما يلي: «يمكن لأية دولة أن تسحب وثيقة عائدة لها تمّ إيداعها من جانب واحد لدى الأمين العام للأمم المتحدة».
ولما كانت شركة «إنرجين» اليونانية ستبدأ شفط الغاز والنفط أواخر الربيع المقبل (أوائل حزيران) جنوب الخط الذي ينتهي في النقطة 23 لصالح الكيان الاسرائيلي.
ولما كان لبنان لا يستطيع بحسب القانون الدولي أن يُطالب بحقوقه في هذه المنطقة المشار إليها في الفقرة السابقة إذا بدأت الشركة «إنرجين» بالعمل،
ولما كان هذا الأمر يُشكّل خطراً على البلوكات اللبنانية 8 و 9 و 10، بحيث أنّ إسرائيل ستعرقل عمل شركة «توتال» الفرنسية التي وقّعت عقداً مع الدولة اللبنانية لاستخراج الغاز والنفط من البلوك 9 بالإضافة الى منع باقي شركات النفط مستقبلاً من التقدّم للإستثمار والعمل في البلوك رقم 8.
ولمّا كانت المنطقة المتنازع عليها تزيد عن 2290 كلم2، وهي بحسب كل التقارير غنية جداً في الغاز والنفط،
ولمّا كان الجيش اللبناني قد أرسل منذ 9/3/2020 ملفاً الى مقام مجلس الوزراء لتعديل إحداثيات المرسوم 6433 (مرفق ربطاً)
ولمّا كان الدستور اللبناني، في مادته الثاني، يؤكّد على ضرورة الحفاظ على كامل سيادة وحقوق الدولة اللبنانية ضمن كامل حدودها البريّة والبحرية،
ولمّا كنا نعهد في دولتكم الحرص على المصالح العليا للشعب اللبناني، والحرص على حقوق دولتنا اللبنانية في تلك الثروة الغازية والنفطية التي هي من حقّ الأجيال اللبنانية الآتية،
ولمّا كان الوفد اللبناني قد فاوض على أساس هذا الخط (حتى النقطة 29)، وبالتالي فهو بحاجة الى دعم السلطة السياسية في هذا الموقف الوطني،
ولمّا كنت قد وضعت عريضة وقّع عليها مئات لا بل ألوف اللبنانيين (في داخل الوطن وخارجه) (مرفقة ربطاً).
لذلك نتمنى على فخامتكم (أو دولتكم أو معاليكم) أن توقّعوا على المرسوم المقترح من قيادة الجيش مع باقي الوزراء المعنيين.
وفي حال لم يتمّ إرسال مرسوم جديد يُعدّل إحداثيات المرسوم 6433، سيخسر لبنان، لا سمح الله، ثروة بمئات مليارات الدولارات وسنقوم نحن كقوى مجتمع مدني بولوج كلّ الوسائل لحماية حقوق ومصالح الشعب اللبناني. ولا نتوقّع من دولتكم الا التجاوب مع حقوق شعبنا الذي يعاني من أشكال الإفقار والإذلال في هذه المرحلة العصيبة من تاريخنا المعاصر».
تحرّك اللبنانيين في الداخل والخارج
غير أنّ هذه الرسالة التي أُرسلت في ملف الى الجهات الأربع المعنية وفق دائرة قضايا العدلية، والتي يُفترض أن تقوم بالتوقيع عليها قبل إرسالها الى الأمم المتحدة، قد تبلّغ الدكتور خليفة إيصالاً باستلامها من قبل السلطات المعنية لكنّها لم تقم بالردّ عليها أو بالتحرّك الفوري لتعديل المرسوم المذكور. ولهذا عقدت «الحركة الثقافية» في انطلياس مؤتمراً صحافياً كشفت فيه عن مضمون هذا الكتاب والعرائض التي وقّع عليها حتى الآن 3400 لبنانياً في الداخل والخارج، منهم 1217 من فرنسا، والتي جرى إرفاقها بالملف المُرسل الى كلّ من رئيسي الجمهورية والحكومة ووزيري الدفاع والأشغال العامّة.
وقال الدكتور خليفة إنّ الإغتراب اللبناني لا سيما «تجمّع اللبنانيين» في فرنسا برئاسة كمال طربية، ومجموعة «عدل» التي يترأسها الدكتور جورج اسطفان تعاوناً مع عدد من الجمعيات اللبنانية في الداخل للقيام بهذا التحرّك الذي يهدف الى مطالبة السلطات اللبنانية بتعديل المرسوم 6433 فوراً. وقد أشار طربية في كلمة له الى أنّ «إقبال الإغتراب اللبناني على التوقيع بكثافة غير مسبوقة يُفسّر بشعور المغتربين اللبنانيين أنّ عدم التجاوب مع ما يُطالب به الدكتور وخليفة ومجموعة من الأكاديميين والباحثين، يعني السماح عن قصد أو عن جهل بتمكين العدو الإسرائيلي البدء بعمليات الحفر في البحر داخل البلوكات اللبنانية والمباشرة بسرقة ثروتنا من النفط والغاز. وهذا يعني التعدّي الفاضح على حقوقنا وحرمان الشعب اللبناني من عائدات تُقدّر بمليارات الدولارات خصوصاً في ظلّ هذا الوضع الكارثي في لبنان الذي يحتاج فيه الى «فِلس الأرملة». وأكّد أنّه «إذا تقاعست السلطة اللبنانية عن وقف الإنهيار ومكافحة السرقة والفساد والإفراج عن أموال المودعين واستعادة المال المنهوب، فإنّنا لن نسمح لها بالسكوت عن محاولات العدو سرقة الأمل من عيون أطفالنا ومن حقّ أجيالنا الطالعة من الإستفادة من ثروتنا الغازية والنفطية. وحذّر بأنّ «حقوق لبنان الكاملة في أعماق المنطقة البحرية العائدة له قانوناً هي خط أحمر، ولن نسمح بتجاوزه لا من قبل العدو الإسرائيلي ولا من قبل السلطة. ولهذا، فإنّنا في الإغتراب اللبناني نحذّر المراجع كافة في الدولة اللبنانية أنّه في حال عدم تعديل المرسوم 6433 بالسرعة المطلوبة وإرساله الى الأمم المتحدة سنطرح هذه القضية على جميع المحافل الدولية والعربية والحكومات الصديقة».
وعن الأسباب التي حثّت أفراد المجتمع المدني على التوقيع على العريضة فهي ثلاثة، على ما ذكر العميد جورج نادر الذي ساهم في جمع بعض التواقيع من المناطق اللبنانية، هي:
1- الإيمان بأنّ أرضنا لا يجوز التخلّي عنها، ولأنّ التخلي عنها يُعتبر «خيانة عُظمى».
2- إلزام الحكومة اللبنانية والضغط عليها بالوسائل كافة لتعديل المرسوم 6433 وإرساله الى الأمم المتحدة لحفظ حقّ لبنان في المنطقة الإقتصادية البحرية الخالصة.
3- في حال تمنّعت الحكومة لأسباب ما تتعلّق ربما بوقف العقوبات الأميركية على بعض الشخصيات، على ما أفادت بعض المعلومات، عن تعديل المرسوم 6433 فسيقوم محامو «ثورة 17 تشرين» برفع دعوى ضدّ الحكومة اللبنانية بتهمة الخيانة العظمى، وسنرى ما يُمكننا كجمعيات ومجتمع مدني فعله بعد ذلك لدى الأمم المتحدة.
وتساءل الدكتور خليفة عن أسباب التلكؤ والإهمال في تعديل هذا المرسوم الذي يحفظ حقّ لبنان في ثروته النفطية، علماً بأنّ مساحة الـ 2290 كلم2 تُعادل خمس مساحة الأراضي اللبنانية التي تبلغ 10452 كلم2. وشدّد على أنّه بإمكان حكومة تصريف الأعمال تعديل المرسوم كونه من الأمور المصيرية التي تُهدّد بالإستيلاء على أجزاء من الحقوق اللبنانية في المنطقة البحرية العائدة له. وفي حال بدأ العدو الإسرائيلي بالحفر في المنطقة المتنازع عليها، لا يعود للبنان، بحسب القانون الدولي، الحقّ في المطالبة بحقّه في ثروته في هذه المنطقة، ما يعني بأنّه سيفقد ثروته في الـ 2290 كلم2 في حال لم يتحرّك المعنيون قبل أوائل حزيران المقبل.