تحقيقات - ملفات

وزير المخمّس مردود

عماد موسى-نداء الوطن

يوم تشكّلت قوات الردع العربية في العام 1976، بعد قمتي الرياض (المصغّرة) والقاهرة (الموسّعة)، دخلت القوات السورية إلى لبنان كي تبقى، بمشاركة بعض الوحدات التي تشكّل منها “الردع”، لا كي تنجز مهمة محددة، وبعدها تعود مشكورة إلى بلادها. لا اتفاق الطائف ولا القرارات الدولية ولا الإعتراض السياسي والشعبي، ولا قانون محاسبة سوريا عنت شيئاً لنظام الوصاية. إستشهاد الرئيس رفيق الحريري أنهى 30 سنة من احتلال ذوي القربى.

طوال وجوده في ربوعنا، مارس الجندي السوري على الحواجز ومارس ضبّاط المخابرات في المناطق ومارس الحاكم العسكري في عنجر ومارس معاونوه في طرابلس وبيروت التسلّط والتشبيح والإستقواء، كلّ بحسب موقعه، أذلّ المواطن كما أذلّ المرشحين ووصل الأمر إلى احتقار رؤساء ونواب والتعامل معهم بفوقية. ونشطت في المقابل سوق النكتة في لبنان، التي طاولت الردع، كما نشط سوق الدعارة السياسية وبات طريق التنويب، في معظم أقضية لبنان يمر عبر عنجر.

ويروى أن مرجعاً كبيراً أرسل ذات يوم إلى غازي كنعان إثنين من كبار معاونيه، فسألهما فور دخولهما: ماذا تشربان؟ فأجاب أحدهما “مناخد قهوة”. فطلب كنعان “تنين شاي لضيفيه”، والإثنان اليوم يدينان ورئيسهما بالولاء السياسي للدكتور الأسد ويستشعران ظل أبي يعرب في كل مكان.

مقولة القول، أن العلاقة بين لبنان وسوريا ما كانت يوماً علاقة متكافئة، ولا طبيعية، ولا سويّة منذ استقلال الدولتين. ما أثّر في تكوين لاوعي الشعبين الشقيقين وتغذية مشاعر الكراهية والتخابث في تعاملهما المصلحي، يعبّر عنها المثقف والفنان والسياسي والعامل والنازح ويمارس الشعبان، كل بدوره، فوقية موصوفة.

ذات يوم، أوقف شرطي سير سيارة أجرة سورية لم تحترم الشارة الضوئية الحمراء. وقد أوسع الشرطي اللبناني السائق السوري ضرباً حتى أدماه، تحركت المعالجات فأوقف الشرطي وذهب أحد الضباط الكبار لتقديم اعتذاراته إلى مسؤول سوري رفيع، وفيما هو يشرح له ما حصل، قاطعه الأخير: “لا تشرح لي ما حصل. أنتم تكرهوننا” لم يجرؤ الضابط اللبناني أن يعقّب بأن الشعور متبادل.

من يعرف ما يعتمل في قلوب العامة وقادة الرأي في البلدين، يفهم خلفية التعاطي السلبي والعدائي لشرائح لبنانية كبيرة مع دفعات “الأوكسجين السوري” العابرة للحدود، وهي كما تبيّن، ليست هبة كريمة من الدكتور بشار الأسد، الاختصاصي بالكيماويات. ولوزير المخمّس مردود حمد حسن كلام آخر، أو على الأرجح رجعُ صدى لكلامٍ “الأوكسجين السوري أبعد من مساعدة إنسانية، ويثبت أن كل الضخ الإعلامي ضد سوريا على مدار 10 سنوات لن يغير في حقيقة التاريخ والجغرافيا بين بلدين جارين شقيقين”.

دع التاريخ دكتور حسن لأهله وروّاده وانصرف إلى تعزيز موهبتك في السجع والجناس والطباق والمخمّس مردود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى