کواليس بعض التطورات في العراق: الخطة الأمنية الإماراتية لبغداد… كيف فتح الكاظمي أبواب العراق أمام الإمارات؟
الوقت – تتواصل ردود بعض الأحزاب السياسية العراقية ضد الإمارات لتدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد، وفي هذا الصدد كشف أعضاء برلمانيون ومسؤولون عراقيون سابقون، أن دور الإمارات ازداد بشكل كبير، وخاصةً خلال رئاسة مصطفى الكاظمي.
ولعل آخر هذه الردود يتعلق بنقل جهاز المخابرات العراقية 300 ضابط من مکان عملهم إلی مکان آخر، وقوبل باحتجاجات من القوات العراقية وجماعات المقاومة، الذين أكدوا أن هذا الإجراء صدر بأمر من “طحنون بن زايد” مستشار الأمن الوطني في الإمارات.
يسعى هذا المقال إلى دراسة حقيقة نفوذ الإمارات المتنامي في العراق منذ تولي الكاظمي منصبه في مايو 2020.
احتجاج وانتقاد الشيخ “قيس الخزعلي”
غرد الشيخ قيس الخزعلي، الأمين العام لمجموعة عصائب أهل الحق في العراق، في 14 مارس / آذار 2021: “بناءً على ما نقلته مصادر موثوقة عن مجيء فريق أمني إماراتي لإدارة جهاز المخابرات العراقي، هناك أسئلة تطرح نفسها، وهي: هل وصل العراق إلى هذه الدرجة من الضعف حتى يستباح بهذه الطريقة؟”.
وأضاف الأمين العام لعصائب أهل الحق في العراق: “هل نقل 300 منتسب من جهاز المخابرات إلى الجمارك الحدودية له علاقة بمجيء هذا الفريق؟ أليس أن الإمارات كلما دخلوا قريةً أفسدوها مثلما فعلوا في اليمن وليبيا؟ ما حجم المؤامرة التي تحاك ضد العراق، وما أسرع خطوات تنفيذها في الفترة الأخيرة وما أجرأ منفذيها؟”.
وتابع الخزعلي قوله: “لا أعلم سبب السكوت أو التهاون إزاء هذا الموضوع، ما يجري ومنذ فترة أقل ما يقال عنه أنه خطير ويهدد مستقبل الدولة”.
عالية نصيف تکشف
قالت “عالية نصيف” النائبة في البرلمان العراقي عن كتلة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، في مقابلة تلفزيونية في 14 مارس/آذار 2021: “أحد مستشاري الكاظمي يمثل إحدى أدوات طحنون بن زايد، ويومياً يزور الإمارات ويعقد اجتماعات هناك لتنفيذ سياسات الأخيرة في العراق”.
وأضافت نصيف: “الإمارات تستبيح البلد، فهناك من يذهب ويأخذ الأوامر من طحنون، وأن شخصيات برلمانية وأعضاء في الحكومة إذا أرادت الحصول على منصب تذهب إلى الرجل وتأتي بالمنصب، وأن أبوظبي لديها أدوات من السنة والشيعة والكرد في داخل العملية السياسية بالعراق”.
وتری نصيف أن “طحنون يتدخل بالأمور السياسية ويدير القرار السياسي في العراق، وليس غريباً أن يتدخل بالشؤون الأمنية”.
کما أشارت إلى أنه “قبل مدة ذهب أحد البرلمانيين إلى الإمارات، وحصل على موافقة أن يكون وكيل رئيس جهاز المخابرات، وبعدها نقلوه إلى وزارة الأمن الوطني”.
وذکرت عالية نصيف أن “أكثر ضباط المخابرات هم من الشيعة”، مضيفةً أنه “عندما جاء الكاظمي بدأ بإدخال السنة إليه، وكذلك الحال في جهاز الأمن الوطني. فبالتالي أعتقد أن إبعاد الضباط الـ300 جاء لكونهم كانوا داعمين وقريبين من الحشد الشعبي”.
کذلك، قالت نصيف في مقابلة أخرى أجريت معها في 15 مارس/آذار 2021: إن “التدخل الإماراتي لا يقتصر على جهاز المخابرات فقط، فخلية الصقور(تابعة للداخلية العراقية) اعتقلت شخصاً يدعى (ز. ح) عام 2020، وهو محكوم بالمؤبد حالياً، جنَّدته الإمارات لتنفيذ اغتيالات ضد بعض السياسيين في كربلاء”.
لقاحات كورونا
في 9 مارس 2021، كشف وزير الداخلية العراقي السابق “باقر جبر الزبيدي” عن الدور الذي تلعبه الإمارات في بلاده، من خلال علاقات وثيقة مع بعض السياسيين العراقيين.
وقال الزبيدي: “الإمارات تلعب دورًا خطيرًا في العراق، وطحنون يفعل ما يراه مناسبًا، بما في ذلك إعطاء لقاح كورونا لسياسيين عراقيين مقربين منه”.
وأثار الزبيدي قضية لقاحات كورونا فيما وصلت الشحنة الأولى من لقاحات كورونا بحسب الإعلان الرسمي إلى العراق في 2 آذار/مارس، وأوضحت وزارة الصحة العراقية أن الصين تبرعت بـ50 ألف لقاح للعراق.
قبل الزبيدي، كشف “نبراس الكاظمي” الكاتب والباحث العراقي، عن هذا الموضوع، وقال إن طحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي الإماراتي، أعطى 10 آلاف جرعة من اللقاح الصيني، وأن أربعة أطباء، بينهم الطبيب الخاص للكاظمي، ذهبوا إلى الإمارات لتعلم كيفية تخزين اللقاحات واستخدامها.
ومضى في التأكيد على أن مجموعةً محددةً تستخدم هذه اللقاحات، وقال “لقد تم إعطاء هذه اللقاحات خارج نطاق وزارة الخارجية، وهذا يوضح أن البنية الصحية اللوجيستية هي لهذه المجموعة من المجتمع العراقي التي يحرم منها عامة الناس”.
إضافةً إلى ذلك، أرسلت الإمارات 2000 جرعة من لقاح كورونا لعائلة مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان، و 1000 جرعة لقاح لعائلة الطالباني.
التدخل في الانتخابات النيابية
في قضية تدخل الإمارات في الشؤون الداخلية للعراق، فإن “سليم الجبوري”، رئيس مجلس النواب العراقي السابق، في مقابلة في مايو 2019، وبينما فضح دور الإمارات في اللعب بنتائج الانتخابات وتهميشه بحيث لم يفز بمقعد واحد في انتخابات 2018 البرلمانية، قال: “كنت فائزاً بالانتخابات النيابية بكل المعطيات بالشواهد والادلة، وباتصال تلقيته من الادارة الانتخابية على أنني فائز”.
وأضاف الجبوري: أن “خميس الخنجر أبلغني قبل أسبوعين من الانتخابات بأنه جرى في الإمارات أمر معين يتعلق بوضع الانتخابات، لأن السيرفرات الخاصة بالاقتراع كانت هناك”، موضحاً أن “الخنجر أكد بأن النتائج ستكون صادمةً بالنسبة لي”.
الملف الأمني للعراق في يد الإمارات
من جهة أخرى، صرح “كاظم الصيادي”، عضو مجلس النواب العراقي، أن تدخل الإمارات في العراق ليس موضوعًا جديدًا يجب معالجته، وقال: “هناك أدلة موثوقة على أنه الأمارات استلمت الملف العراقي بتكليف من أميركا والكيان الصهيوني بعد احتلال داعش لعدد من المحافظات، کما أحيلت القضية الأمنية اليمنية للسعوديين والقضية الأمنية السورية للقطريين”.
وأوضح في هذا الصدد: “بحسب هذه الخطة فإن مهمة كل دولة من دول الإمارات وقطر والسعودية في الدول الثلاث العراق وسوريا واليمن، هي تمويل وتسليح الجماعات التكفيرية الإرهابية وتشكيل عصابات الموت، وتدمير البنية التحتية المالية والاقتصادية والصحية والطبية لهذه الدول، وبالنسبة إلی العراق كان التركيز على بغداد والمحافظات الشيعية الجنوبية”.
وتأکيداً علی تصريحات النائبة نصيف حول استلام بعض السياسيين العراقيين مناصبهم من طحنون، قال الصيادي: “هؤلاء السياسيون يشترون مناصبهم من طحنون بن زايد، وبتقسيم هذه الأموال بين القوى والتيارات السياسية العراقية، يحصل طحنون من جهة على موافقتهم على تسليم هذه المناصب، ومن جهة أخرى يسبب في مزيد من الانقسامات والخلافات في المشهد السياسي العراقي، وبهذه الطريقة تكون المناصب الأساسية والحساسة بيد مرتزقته”.
قوبل موضوع التدخل الإماراتي في الشؤون الداخلية للعراق بردود فعل بعض نواب هذا البلد، بمن فيهم “فالح الخزعلي” وعدد من النواب الآخرين، واستناداً إلی بعض مواد الدستور العراقي، وصفوا تدخل الإمارات في العراق بأنه تهديد واضح للأمن القومي للبلاد، ودعوا رئيس مجلس النواب العراقي إلى معالجة القضية بشكل فوري وجدي.