السفيرة الأميركية في زيارتها للسفير السعودي
حكومة فوق 18 وزيراً
وتكشف مصادر أن السفيرة الأميركية أرادت، في تصريحها من القصر الجمهوري، الإيحاء بأن واشنطن تحمِّل مسؤولية التعطيل لرئيس الجمهورية. وهذا وجه من الضغط الذي يُمارس على عون، فيما يتركز البحث على احتمال فرض عقوبات جديدة على مسؤولين لبنانيين.
وتوازياً مع الضغط، توقف كثر عند كلمة التسوية التي رددتها السفيرة الأميركية، متسائلين: ما هي التسوية التي يُحكى عنها؟ وتكشف مصادر متابعة أن هناك صيغة جانبية لم تخرج إلى العلن بعد: تشكيل حكومة اختصاصيين، لا ثلث معطّل فيها، مع الانفتاح على رفع عدد وزرائها. أي ألا تقتصر على 18 وزيراً.
لكن الأهم هو عدم الحصول على الثلث المعطل. هذا ما تحدثت به السفيرتان الأميركية والفرنسية ونائبة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، نجاة رشدي.
لكن الدخول في مثل هذه التسوية يحتاج إلى عاملين أساسيين: الأول مبادرة الرئيس نبيه برّي في اتجاه حزب الله، للاتفاق عليها. والثاني مبادرة حزب الله في اتجاه رئيس الجمهورية لإقناعه بذلك. وعون يقول للسفراء إنه لا يطالب بالثلث المعطل، بل هو يريد 6 من أصل 18، أما الوزير السابع فهو للطاشناق.
وتكشف المعلومات أن برّي قد وضع الحريري في أجواء مبادرته، في لقاء عقد بينهما يوم الخميس، والمبادرة تنطلق من تشكيل حكومة من 24 وزيراً، يكون فيها الرئيس ونائبه بلا أي حقيبة مقابل 22 وزيراً كل واحد منهم يتولى حقيبة واحدة. وتفيد المعلومات، أن برّي وضع حزب الله في جو مبادرته، كما أرسلها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون للحصول على موافقته. حزب الله رحب بالمبادرة، وقد يكون له تدخل مع عون لإقناعه بالموافقة.
السعودية إقليمياً ودولياً
في موازاة الحركة الديبلوماسية، يكثف السفير السعودي نشاطه الواضح في السياق السياسي، وهدفه الأساسي هو نفي ما يقال عن أن السعودية تخلت عن لبنان. بل هي مهتمة به، ولكنها لا تريده دولة معادية. والسعودية استعادت حضورها وتحركها في لبنان، بعد مساع كثيرة، أميركية وأوروبية.
ويأتي هذا التحرك في سياق ديبلوماسي سعودي واسع في المنطقة، ويهدف إلى التهدئة. تريد السعودية أن تكون طرفاً في المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الاتفاق النووي والوضع في المنطقة. ولتثبيت موقعها تستعيد دورها في الملفات والساحات كلها، ولا يمكن أن تبقى خارج التطورات، بل في داخلها.
وحسب مصادر ديبلوماسية خليجية، هناك موافقة أميركية وغربية على إشراك دول الخليج، وخصوصاً السعودية في أي مفاوضات مع إيران. ولذلك، لا بد أن تستعيد السعودية نشاطها الإقليمي. ولذا، تؤكد على تشكيل حكومة اختصاصيين، ضمن إرادة المجتمع الدولي.
لا مؤتمر تأسيسياً
وفي حال عدم الاستجابة لبنانياً لهذه المساعي كلها، سيُفتح باب العقوبات الأوروبية والخليجية، فلا تكون أميركية المنشأ، بل تأخذ أشكالاً متعددة. وهي لن تتعلق بحركة الأموال فقط، بل ستشمل أيضاً حركة السفر. وقد تطال جوانب من استثمارات بعض اللبنانيين الذين لديهم مصالح في الخارج.
السعودية، إذن، تستعيد دورها الأساسي في لبنان. وهو يتجلى من خلال تحرك السفير، واللقاءات التي عقدها مع سفراء الدول الأجنبية. وفي اللقاء بين السفير السعودي والسفيرة الفرنسية رشح انطباع مشترك بينهما حول موقف رئيس الجمهورية: هو الذي يعرقل ويفرض شروطاً قاسية. ولذلك يجري التلويح بالمزيد من الضغوط.
وتشير المعلومات إلى أن السفيرة الأميركية طرحت مجدداً مسألة توفير مساعدات سعودية للجيش اللبناني. وذلك لحماية المؤسسة العسكرية، وسواها من الأجهزة الأمنية، في هذه الأزمة. ويبحث الديبلوماسيون جميعاً ما يمكن فعله لمنع لبنان من الانهيار الكامل، وعدم الذهاب إلى أزمة حكم تفرض مؤتمراً تأسيسياً جديداً. وهناك خيارات كثيرة على بساط البحث.