“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
لم يكن يحتاج “حزب الله” إلى سلوك درب البحث عن “الأوكسيجين”، ليؤكّد متانة العلاقة التي تربطه بالنظام السوري، ولا لمساعيه المُستمرّة منذ اندلاع الحرب في سوريا، لتبييض صفحة النظام السوري، خصوصاً في المراحل التي تلطّخت فيها يد هذا النظام بدماء شعبه من أطفال ونساء وكبار السن. لكن يبدو أن “الحزب” لم يجد هذه المرّة سوى ذريعة “الأوكسيجين”، ليُمحي بعض النقاط السوداء من سجلات حليفه السوداء، علّ الأمر ينفع في تبديل وجهة النظر الدولية بما يتعلّق بالعقوبات المفروضة على النظام السوري، بعدما أظهر “إنسانيته” من خلال مدّه لبنان بجرعات تنفّس مُصطنعة.
خلال فترات سابقة، وفي عزّ الإتهامات الدولية للنظام السوري بالإجرام، فتح “حزب الله” لهذا النظام ممرّاً آمناً انطلاقاً من لبنان، لتنظيف سجلّ هذا الأخير عبر مبادرة هدفت إلى عبور اللاجئين السوريين تحت شعار “العودة الآمنة”. وقد اختارالحزب يومها الحكومة اللبنانية لتؤمن غطاءً لهذه العودة، إلّا أن رياحه جرت بعكس ما اشتهت سُفن قوى “14 أذار”، فحصل يومها انشقاق حكومي انعكس تفلّتاً سياسياً بداخلها، فكانت الزيارات الفردية والحزبية للضغط على الحكومة وجعلها في مواجهة مُباشرة مع المجتمع الدولي، والهدف دائماً تلميع صورة الرئيس السوري بشّار الأسد.
في السياق، يؤكد مصدر سياسي بارز، أن “مسرحية” الأوكسيجين التي نفّذها وزير الصحّة، إنما تأتي في سياق استمرار سعي “الحزب” بالتمسّك بالنظام السوري والإمساك به، خصوصاً بعدما أيقن “حزب الله” أن ورقته في سوريا قد شارفت على الإنتهاء، وهذا ما تبلّغه وفد الحزب بشكل غير مباشر خلال زيارته موسكو. ويبدو اليوم أن ثمّة توجّهاً لدى إيران، بزيادة وتيرة العمل والتعاون مع النظام السوري من أجل “إفشال المخطّطات التي تهدف إلى عزل سوريا عن المحور الإيراني”.
أيضاً، بالنسبة إلى زيارة الوزير حَمَد حسن إلى سوريا تحت ذريعة “الأوكسيجين”، يرى المصدر نفسه أن هكذا زيارة بحاجة أولاً إلى تكليف أو تفويض من الحكومة، وهذا ما لم يحصل بالطبع، لا في زيارة حسن، ولا حتّى في زيارات سابقة قام بها وزارء من “الثنائي الشيعي” أو وزراء أحزاب أخرى حليفة للنظام السوري.
وممّا استرعى التوقف عنده في اللحظة التي قام بها الوزير حَمَد بزيارة دمشق، الكلام الذي صدر عن نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، والذي أكد فيه عدم وجود نقص في مادة الاوكسيجين، وبأن هناك مصنعان كبيران للأوكسيجين في لبنان يلبّيان الطلب.
إنطلاقاً من هذا الكلام، يعود المصدر السياسي ليؤكد أن الهدف من هذه الزيارة هو “دفع لبنان ليكون معبراً للنظام السوري إلى دول أخرى، وتحديداً الدول العربية، وذلك على غرار حفلات تطبيل سابقة من بعض الوزراء اللبنانيين للنظام السوري، من جُملتها ما كان يُحكى عن استيراد لبنان الكهرباء من سوريا. ويجب التنبّه بأن هناك من سيطلّ علينا لاحقاً ليقول لنا، كيف قبلتم الأوكسيجين من النظام السوري، بينما تصرّون على رفض الزيارات الرسمية”.
أمّا بما يتعلّق بالداخل اللبناني، وتحديداً حول الخيارات البديلة التي كان طرحها نائب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في حال فشل تأليف الحكومة، اعتبر المصدر أنها خيارات وهمية، لأن العارف بالدستور اللبناني يعلم جيداً أن هذه الخيارات لا يُمكن أن تُطَبّق، ولذلك يُمكن وضع هذا الكلام في خانة التهويل بشكل أوّلي، وأيضاً لتشجيع رئيس الجمهورية على رفض أي مبادرة، ريثما يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود بما هو متعلّق بالمفاوضات النووية”.