الحدث

هل يُفتّش دياب عن الإجماع الداخلي والدولي للموافقة على تفعيل حكومته كحلّ مؤقّت لإنقاذ البلاد ؟!

دوللي بشعلاني-الديار

 

الشعب الجائع قد يصل الى العصيان المدني… إذا لم يتحمّل المسؤولون مسؤولياتهم أمام معاناته !!

 

يجد الكثيرون في الداخل والخارج بأنّه إذا بقي الرئيس المكلّف سعد الحريري مصرّاً على التشكيلة الحكومية التي قدّمها، رغم أنّها لا تُراعي المعيار الأساسي لعنوانها العريض «من الإختصاصيين»، وسيُواصل وضع ورقة التكليف في جيبه من دون أن يقترح أي حلّ آخر لولادة الحكومة الجديدة، فإنّ تفعيل حكومة تصريف الأعمال تبقى هي الحلّ الوحيد المؤقّت الى حين قيام التسوية الإقليمية والدولية المرتقبة والتي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على تشكيل الحكومة في لبنان. غير أنّ رئيس الحكومة المستقيلة حسّان دياب يرفض تعويم حكومته التي قدّمت استقالتها منذ أكثر من 7 أشهر بعد 6 أيّام من انفجار مرفأ بيروت الكارثي، ويُطالب بتفسير دستوري لصلاحيات حكومته في ظلّ دعوات تفعيل الحكومة الحالية والإتهامات التي سيقت لها بتقاعسها عن أداء مهامها كما يجب. فهل فعلاً الحلّ اليوم هو تفعيل حكومة دياب في ظلّ مرحلة الإنتظار التي دخل فيها لبنان منذ تكليف الحريري، أم ثمّة حلّ آخر قد يدفع المسؤولين الى تأليف الحكومة سريعاً؟!

من الواضح أنّ الجميع لا يتعاون لتشكيل حكومة، تقول أوساط ديبلوماسية عليمة، فالمسؤولين لا يتحمّلون مسؤولية ما يحصل بالمواطنين الذين يزدادون فقراً وجوعاً وبطالة، ولا يريدون بالتالي وضع خلافاتهم جانباً لحلّ الوضع الإقتصادي والمالي المنهار الذي يُعاني منه البلد، بل يقومون بحساباتهم الشخصية ومدى قدرتهم على السيطرة في المرحلة المقبلة. ولهذا يقوم كلّ فريق سياسي بالإتصالات مع الدول الداعمة له في الخارج لمعرفة موقفها من تشكيل الحكومة.

وبحسب المعلومات، فإنّ كلاً من الولايات المتحدة أو روسيا أو إيران أو السعودية، لا تستعجل تشكيل الحكومة، كون الوضع المجمّد الحالي لا يجعل، من أي فريق سياسي غالباً أو مغلوباً في الداخل، في حين أنّ أي حكومة جديدة، أكانت من الإختصاصيين المستقلّين الذين لا يُعتقد أنّهم موجودون فعلاً، أو من الحزبيين غير النافرين، أو حتى حكومة تكنوسياسية، لا بدّ وأن تأتي بفريق أكثري يُهيمن على الأطراف الأخرى. ولهذا يصرّ كلّ طرف على موقفه ولا يتراجع ولا يتنازل أو يقدم على خطوة نحو الطرف الآخر.

أمّا الدعوات لتفعيل حكومة تصريف الأعمال فيرفضها الرئيس دياب اليوم، بحسب الاوساط، لكي لا يورث إرث الثلاثين عاماً الماضية من الفساد. كما وأنّ الأشهر التي عملت فيها حكومته لم تتمكّن من تحقيق الخطة الإقتصادية التي وضعها، بسبب التدخّلات السياسية فيها، من وجهة نظره، ولهذا لن يقوم بتكرار هذه التجربة التي لن تنجح، إلا في حال حصوله على إجماع داخلي ودولي على تعويم حكومته، وتركها تعمل، ولو لوقت قصير محدّد، من دون فرض أي شروط عليها.

غير أنّ ثمّة أطراف داخلية من التي رفضت المشاركة في حكومة دياب لا تُوافق اليوم على تعويمها، في حين تدعم أخرى هذا الإقتراح. وبالنسبة لبعض دول الخارج، فقد سبق وأن وصفت الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك السعودية حكومة دياب بأنّها حكومة اللون الواحد، من وجهة نظرها، ولهذا قد تُعيق تلقّيها الدعم المالي المطلوب للإنقاذ من المجموعة الدولية وبنك النقد الدولي. فيما تبدو فرنسا الأقرب الى دعم تعويم حكومة دياب، إذا كان التوافق على تشكيل حكومة جديدة لا يزال بعيد التحقق، وذلك من أجل حلحلة الوضع الإقتصادي في البلاد وعدم وصوله الى الإنهيار التام.

وفي الوقت نفسه، تأمل الأوساط نفسها أن يتحمّل دياب المسؤولية ويقوم بهذا الواجب الوطني في ظلّ المعاناة التي يعيشها الشعب اللبناني، فيُبادر الى تفعيل حكومته، سيما وأنّه يحصل على بعض الدعم من الداخل وخصوصاً من حزب الله، ومن «القوّات اللبنانية» التي دعت الى ضرورة تفعيل حكومة تصريف الأعمال. على أن تقوم بالعمل لنحو ثلاثة أشهر الى حين أن تتبيّن الصورة الواضحة للمرحلة المقبلة في منطقة الشرق الأوسط. وهنا، يُصبح على المجلس النيابي الإجتماع واتخاذ قرار تفعيل الحكومة بهدف تسيير شؤون الناس لما فيه مصلحتهم، والعمل على الحدّ من تفاقم الأزمة الإقتصادية والتلاعب بأسعار المواد الغذائية والمتاجرة بالدواء وما الى ذلك. علماً بأنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لا يؤيّد هذا الطرح، ويُفضّل تشكيل حكومة جديدة برئاسة الحريري.

ولكن إذا أصرّ الحريري على عدم تشكيل الحكومة وعلى إبقاء ورقة التكليف في جيبه، وتمسّك دياب بموقفه الرافض لتفعيل حكومته، فإنّ الكلمة ستكون عندها للشعب، على ما أكّدت الاوساط، بحسب معلومات خارجية. وصحيح بأنّ انتفاضة 17 تشرين من العام 2019 لم تنجح واصطدمت بعوائق عدّة أبرزها دخول الأحزاب السياسية على خطّها، إلاّ أنّ الشعب الجائع سيقوم هذه المرّة بالعصيان المدني وسيقف بالمرصاد للمسؤولين كافة، على ما تُراهن دول الخارج. وهذا الأمر إن حصل لا بدّ وأن يخشاه المسؤولون في الداخل، وأن يحذر منه البعض في الخارج، إذ من الممكن أن يؤدّي هذا العصيان الى تدمير البلد والى انفجار الوضع الأمني في الشارع وصولاً الى مواجهات عنيفة بين شارعين وربّما الى حرب قد تبدأ ولا تنتهي. وعندها تدخل البلاد في الفوضى الأمنية بعد أن وصلت الى الإنهيار الإقتصادي والمالي والإجتماعي والمعيشي… ورأت أنّه لو لم يكن وباء «كورونا» يُثني اليوم الكثير من العقلاء عن النزول الى الشارع، لكان الشعب لجأ مجدّداً اليه منذ وقت طويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى