“تفعيل الحكومة ستكون نتيجته استمرار الانهيار وتأمين المصالح” حرب لـ”نداء الوطن”: حامل السلاح لا يستطيع أن يُصلح أو يفرض الحلول
ماجدة عازار-نداء الوطن
انعش الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله طرحاً سابقاً لـ”التيار الوطني الحر” وبدا متناغماً معه، بعدما جمعتهما “مصيبة” انهيار البلد والتهديد بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع، فأحيا في كلمته امس الاول اقتراح قانون لتعديل الدستور كان تقدّم به “التيار” في تشرين الاول 2020 يلزم الرئيس المكلف تأليف الحكومة في مهلة أقصاها شهر من تاريخ تسميته لتأدية هذه المهمة، ولو ان نصرالله لم يتحدث عن تفاصيل او مهل بل تحدث عن وجود “مسودات أفكار وهي بحاجة إلى نقاش”، مؤكداً ان “هذا الباب يجب ان يُسمح لنا أيضاً أن نَدقّ عليه”.
ولهذه الغاية، سألت نداء الوطن” الوزير السابق بطرس حرب في اعتباره احد المشاركين في وضع صياغة اتفاق الطائف رأيه في طرح “حزب الله” فأكد بداية أنّ “التعديلات الدستورية سنة 1990 جاءت ترجمة لاتفاق الطائف الذي نصّ على تعديلات اساسية في النظام تستند الى المبادئ التي قام عليها لبنان، وهي: “وحدة العيش المشترك على اساس لا شرق ولا غرب بما يعني الحياد، ولبنان عضو ملتزم في جامعة الدول العربية وعضو ملتزم في الامم المتحدة وينفذ مواثيقها وقراراتها”. ولفت الى انه “لا يمكن لاي دستور ان يلحظ كل ثغرات الممارسة التي لا تحتاج الى ضوابط عندما يقوم بها رجال يحترمون الدستور ومصلحة البلد، فالضابط هنا هو اخلاقياتهم ووطنيتهم.
لكن عندما يتولّى الحكم اشخاص يفتقدون هذه الضوابط، عندها تبرز الحاجة الى ان يتحول الدستور من ميثاق عام لكيفية ادارة البلاد من دون تفاصيل، الى قانون عادي وتفاصيل لسدّ كل الثغرات التي يمكن ان تحصل خلال الممارسة”. وقال حرب: “صحيح ان الدستور لا يلحظ مهلة زمنية معينة لرئيس الجمهورية لبدء استشارات التكليف الملزمة، كذلك لا يلحظ مهلة زمنية تحدد الوقت المعطى للرئيس المكلف ليشكل حكومته، لان هذا الامر تُرك للرئيسين المعنيين، علماً ان النقطة الاخيرة بحثناها في الطائف، ولكن تم التوافق آنذاك على ابقاء الامور على ما كانت عليه قبل الطائف، اي لم يتغير شيء. فحينها، أثار فريقنا وجوب وضع مهلة زمنية للرئيس المكلف، فاجتمع النواب السنّة وابلغونا موقفاً جماعياً ورسمياً رافضاً ومؤكداً على ضرورة ابقاء الامور على ما هي عليه، باعتبار ان وضع اي مهلة للرئيس المكلف يعطي رئيس الجمهورية امكانية لعرقلة مهمّته الى حين انتهاء هذه المهلة وبالتالي تكليف غيره. لذلك جرى التعويل والاتكال على حكمة المسؤولين ووطنيتهم وخبرتهم واخلاقياتهم التي تفرض عليهم ان يأخذوا بالاعتبار مصلحة الوطن ولا يتصارعون على مصالح خاصة او فئوية كما يحصل اليوم”.
واضاف: “الا ان الامر المؤسف هو عدم احترام الطائف بدءاً من بند حل الميليشيات وتسليم السلاح للدولة، ومن مخالفة هذا البند انطلقت مخالفات عدّة عطّلت الدستور وعطّلت تشكيل الحكومات وعطّلت الانتخابات الرئاسية، وطبعاً لا حاجة للتذكير أنّ أول من ابتدأ بهذه الممارسة التعطيلية هو العماد ميشال عون و”حزب الله”بالذات، فالعماد عون عطّل تشكيل حكومات متعددة اشهراً عدّة كل مرة لتوزير صهره، وبالتالي ما مارسه في وجه الرؤساء السابقين صار عادة تمارسها قوى سياسية في وجه الرئيس الحالي الذي هو العماد عون نفسه. فهذه الممارسة السيئة المخالفة لمبادئ النظام الديموقراطي، اي ربط تشكيل الحكومة بتوزير الصهر ومنحه وزارات معينة هي التي ادّت في النتيجة الى ممارسات يشكو منها اليوم، مع الاخذ في الاعتبار ان تلك الممارسات التي اضرّت بلبنان وباقتصاده وأدّت الى تجميده لسنوات، راكمت الانعكاسات السلبية، وساهمت بانهيار النظام السياسي والاقتصادي والمالي.
فلو أن طرح هذا التعديل يأتي في ظروف عادية بغية تطوير النظام وتحديثه وسدّ ثغرات فيه لكان هذا الامر مقبولاً ولكنت شخصياً من مؤيديه، لكن ان يأتي هذا الطرح من مَن يحمل السلاح غير الشرعي ومِن مَن عطل تطبيق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، فليسمح لنا، فليس بالسلاح يعطّل، وليس بالسلاح يُصلّح، فحامل السلاح لا يستطيع ان يُصلح او ان يفرض الحلول، حامل السلاح يفترض به ان يسلم سلاحه للدولة، وحينها يحق له ان يتحدث بالحلول الممكنة لمعالجة الانهيار. فهذا الطرح لا يجوز بحثه الآن، بل المطلوب هو ان تغلّب القوى السياسية بدءاً برئيس الجمهورية والرئيس المكلف المصلحة الوطنية العامة، وان يتحملوا مسؤولياتهم عبر تقديم تنازلات متبادلة لكي نصل الى حكومة تستطيع ان تبدأ مسيرة انقاذ لبنان من الوضع الذي يتخبّط فيه”.
اما في شأن تفعيل حكومة تصريف الاعمال، وفق ما طالب السيد نصرالله في حال استمرّ التأزيم، فرأى حرب “ان هذا الطرح مخالف للدستور، لأنّ الحكومة قدّمت استقالتها ورئيس الجمهورية قبلها وكلّف شخصاً جديداً لتشكيل حكومة جديدة، ومن المفترض أن تصرّف في الفترة الانتقالية الاعمال باطارها الضيق، لذلك لا يمكن تفعيل الحكومة المستقيلة مجدّداً. ولأنّ تفعيلها يعني من ناحية ثانية ابقاء الحالة المشكو منها والمتردية يوماً بعد يوم على ما هي عليه، اي ابقاء حكومة فاشلة، باعتراف حتّى من اعضائها بفشلها في الظرف الراهن، وتفعيل حكومة كهذه ستكون نتيجته استمرار الانهيار الحاصل وتأمين مصالح اهل السلطة. فحكومة تصريف الاعمال واجبها ان تصرّف الاعمال التي تحتاجها البلاد خلال الفترة الانتقالية، ولكنّ واضعي الدستور لم يتصوّروا مرة أنّ المسؤولين عن البلاد سيعطّلونه من اجل مصالح خاصة او فئوية او حزبية، وسيأخذونها الى الانهيار الشامل، والناس الى الجوع”.