بولا مراد-الديار
تكتلات حزبية وطائفية لادارة الانهيار في المناطق
يدرك الجميع ان تشكيل حكومة خلال ايام او اسابيع برئاسة سعد الحريري لن يشكل خشبة الخلاص للبنان. فالانهيار حصل وكل ما يمكن ان تفعله حكومة مماثلة تخفيف وقع وقوة الارتطام. من هنا بدأت الفاعليات الحزبية والمناطقية البحث في المرحلة التالية وكيفية التعامل مع الانهيار باطار نظام لامركزي- سلبي يختلف عن نظام اللامركزية الادارية الذي كان ليشكل النظام الامثل للبلاد. فاللامركزية التي بدأ عدد من الاحزاب والمتمولين العمل على اساسها تنطلق من فكرة تجميع الناس الجائعة والمحتاجة حول هذا او ذاك فيؤمن حد ادنى من احتياجاتها بعد فشل الدولة المركزية المتداعية في تأمين حد ادنى من الحقوق ومقومات العيش والاستمرار.
وليس اللقاء الذي جمع أخيرا رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي»وليد جنبلاط برئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» طلال ارسلان الا مؤشرا اول للمنحى الذي ستسلكه الامور في الاسابيع والاشهر المقبلة. فالرجلان ورغم خلافاتهما المتجذرة قفزا فوقها بمسعى واضح للتفاهم على كيفية ادارة المناطق الدرزية في مرحلة الانهيار. اذ يشكل ذلك هاجسا اساسيا لبيك المختارة، الذي يستشعر وبحسب المعلومات خطرا وجوديا كبيرا قرر على اثره ابداء مرونة مطلقة في معالجة كل الملفات العالقة وعلى رأسها الملف الحكومي.
وقد بدأ فعليا عدد لا بأس به من المواطنين بهجرة عكسية من المدن الى القرى، بحيث انه ومع ارتكاز معظم الاعمال اليوم على الاونلاين تماما كما المدارس، قرر قسم كبير من المواطنين العودة الى بلداتهم وقراهم وخاصة اؤلئك الذين يمتلكون بيوتا هناك واراضي يستطيعون زراعتها. ويقول ن. ح. (٥٥ عاما) انه انتقل وزوجته الى بلدتهم البقاعية من بيروت بعدما باتت الظروف صعبة من النواحي كافة وبخاصة لجهة الغلاء الفاحش. فحتى لو طرق الغلاء ابوابنا في الضيع الا يظل مقبولا مقارنة بالغلاء الذي نهشنا في بيروت. اضف اننا يمكن ان نستغني اليوم عن شراء الخضر من خلال زراعة ارضنا.
وتعي معظم الاحزاب ان التحديات التي تواجهها حاليا والتي ستتضاعف بالمرحلة المقبلة تتطلب منها صرف الكثير من الاموال لاغاثة المحازبين والمناصرين وحتى لاستقطاب المزيد منهم ونحن على مسافة حوالى عام واحد من موعد الانتخابات النيابية المقبلة. وتعتبر مصادر مطلعة ان هذه الظروف ستساعد الاحزاب لا شك في استعادة بعض من خسرتهم خلال العامين الماضيين اثر الانتفاضة الشعبية والنقمة المتعاظمة على القوى السياسية ككل، لذلك بدأ عدد منها باطلاق حملات غير علنية في صفوف المغتربين المتمولين الموالين لها لتأمين الاموال اللازمة لاطلاق حملاتها الانتخابية باكرا وهي حملات ستقوم على ما يبدو بشكل اساسي على تأمين مقومات العيش للمواطنين الذين فقد معظمهم وظائفه وانحدر اكثر من نصفهم لما دون خط الفقر.
حتى ان بعض النواب المتمولين الذين ارتأوا مؤخرا الخروج من العباءات الحزبية كما بعض رجال الاعمال الكبار بدأوا يخلقون حولهم مجموعات تتسع تدريجيا يسعون من خلالها لزعامات مناطقية قد يقررون استثمارها في الانتخابات النيابية المقبلة او العمل على مراكمتها للاستفادة منها في استحقاقات اخرى مقبلة.
بالمحصلة، هو زمن اذلال المواطنين من خلال اجبارهم على العودة لانتماءاتهم الطائفية والمناطقية التي ظنوا انهم تمكنوا من تجاوزها وبخاصة بعد ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ ليكونوا فقط مواطنين في دولة تؤمن حقوقهم. فاذا بهذه الدولة تنهار والحقوق والحياة الكريمة تتطاير ادراج الرياح!