–وكالة نيوز
عقدت جمعية الصداقة الفرنسية–السورية ليلة امس الاربعاء، ندوة عبر تطبيق zoom ضمت نحو 120 شخصية سياسية وفكرية، لمناسبة الذكرى العاشرة للحرب السورية، أدان فيها المتحدثون الحصار الذي يقتل الشعب، وأجمعوا على أن سورية تدفع ثمن الصراع الدولي التي باتت ضحيته، وان ما تعرضت له هي “حرب عالمية مصغّرة“، وأكدوا أن دور الأطلسي خطير، وان الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة “جو بايدن” تعيد صقور المحافظين، ما يعني أن المرحلة المقبلة ستكون قاسية.
بعد تقديم من رئيس الجمعية ديديه ديستريمو، كانت مداخلات لأربعة متحدثين، هم كارولين غالاكتيروس الباحثة ورئيسة مركز أبحادث Geopragma، والنائب السابق ورئيس فريق الصداقة الفرنسي السوري جيرار بابت، وايريك دينيسي مدير المركز الفرنسي للابحاث والاستخبارات (له عدة كتب ودراسات عن سورية)، وأحمد مناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية والعضو السابق في فريق المفتشين العرب والدوليين الى سورية.
قالت السيدة غالاكتيروس:”ان ما يحصل في سوريا حالياً هو تعبير عن غضب غربي بسبب الفشل في تنفيذ سياسة الأطلسي، وان جو بايدن ليس الرجل الذي يعتقده البعض فهو سيعيد المحافظين الجدد الى المنطقة، وان سورية بالتالي تدفع ثمن خطة الأطلسي الخطيرة ضد الصين وروسيا، ذلك ان الادارة الاميركية تعمل على ازعاج موسكو وها هي تستأنف ذلك في أوكرانيا وفي التصريحات الهجومية، فبايدن يتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه قاتل. لذلك نعتقد ان سورية تدفع ثمن الاستراتيجيا الأوراسية، وللأسف الشديد فإن مصير الشعب السوري لا يهم أحداً“.
وأضافت :” ان روسيا تسعى للقيام بدور ذكي، وذلك من خلال تعزيز العلاقات والاتصالات مع دول المنطقة من الخليج وإسرائيل الى تركيا وإيران ، ولعل مناطق مثل ادلب وشرق الفرات مقبلة على تطورات“.
وقالت غالاكتيروس :” ليس لفرنسا أي مصلحة أخلاقية أو سياسية أو استراتيجية أو عسكرية للمشاركة في هذه الاستراتيجيات الدولية الخطيرة، وقد كان على باريس أن تدعم منذ البداية الشرعية الدولية وأن تنقذ ما بقي من دور فرنسي في سورية ولبنان، لكننا للأسف في مرحلة إنكار وقد فقدنا مصداقيتنا ونضيع الأخلاق التي بُنيت عليها المباديء الفرنسية، حيث دعمنا تفكيك سورية وشجعنا العصابات المسلحة ونقوم بذلك بذريعة الاخلاق بينما الأمر هو غباء استراتيجي“.
واذ اعتبرت السيدة غالاكتيروس ان الوقت لم يتأخر لتصحيح الأخطاء ، فهي دعت الى الابتعاد عن العقوبات الأميركية وقانون قيصر والى العمل مع موسكو للوساطة في أستانا وغيرها واعادة فتح السفارة والقنصلية السوريتين في باريس.
ثم تحدث النائب السابق جيرار بابت لكن أسبابا تقنية حالت دون اكماله كل مداخلته، وقال:”ان كثيرا من الأطباء والناس يموتون في سوريا، وان أدوية لأمراض مستعصية فُقدت وبينها أدوية معالجة السرطان، ولم تعد ثمة أماكن كثيرة متوفرة في المستشفيات، والوقود يتضاءل بشكل خطير وكذلك الكهرباء والغذاء وحليب الأطفال والقمح خصوصا ان الأميركيين أحرقوا حقوق القمح، وان حلب مثلا التي كان فيها أكثر من 65 سيارة إسعاف لم يبق فيها أكثر من 5 سيارات وهي غالبا ما تفتقر للوقود. مشيرا الى ضرورة وقف هذا القتل الجماعي للناس فورا“.
بدوره ذهب أحمد مناعي لكشف ما عاشه هو شخصيا مع فريق المراقبين الدوليين والعرب في سوريا في العام 2011 ، مؤكداً:”ان التقارير التي كانوا يكتبوها كانت تؤكد وجود مسلحين وعمليات نهب وتخريب، فمثلاً في حمص التي كانت واحدة من 3 مناطق ساخنة، كان يوجد أكثر من 3 ألاف رجل مسلح، وهو ما يُكذّب رواية ان الثورة بدأت سلمية” وقال:”ان احد المفتشين خدع للأسف فريقنا وهو أنور مالك الذي انشق عنا وتفاوض مع قناة الجزيرة طالباً 100 ألف دولار، فدفعت له 50 ألفاً وراح يشوه صورة المراقبين“.
وكشف أيضاً:”ان جهاديين مسلحين ذهبوا من سوريا الى درعا قبل بدء المعارك فيها وهم الذي تسللوا الى مناطق عديدة وبينها المسجد الذي كان فيه رجل ضرير لم ير شيئا، وهم الذين بدأوا المشاكل من هناك“.
واكد ان “السلطات السورية لم تمنعنا من العمل، وكانت لنا الحرية الكاملة، وانا شخصياً ذهبت الى الحسكة والقامشلي، حيث كانت الأوضاع شبه هادئة، لكن كانت تتم عمليات خطف جنود سوريين شباب حين يعودون من خدمتهم، وذلك للمطالبة بفدية من أهلهم“.
أما المُداخلة الأشمل فكانت لأيريك دينيسي الخبير جداً بالشان السوري والذي نشر عشرات المقالات وكتباً عن الحرب والمجتمع في سورية تاريخاً وحاضراً، وقال:”اننا نشهد في سورية حرباً عالمية مصغرة، لا بل اطول من الحربين العالميتين، وان سورية تتعرض للاعتداء من كل جيرانها، لكنها صمدت دون ان يطرح الرأي العام العالمي أي سؤال عن ثبات النظام والدولة، فلو كان نظاماً ديكتاتورياً فكيف يصمد بلا الشعب، لذلك فان سورية هي ضحية حملة عسكرية منظمة وحملة اعلامية ممنهجة، وحصار اقتصادي وطبي وانساني خطير، اضيفت اليه حرب كوفيد 19 كورونا“.
واعتبر دينيسيه:”ان الدعاية السياسية “البروباغندا” التي تعرضت لها سورية فاقت كل التوقعات، ذلك ان الأطلسي وأنظمة عربية كانت لها مصلحة في اسقاط النظام المتعدد وتقريباً العلماني، وان دولاً في الخليج وتركيا مثلاً، لم يكن من مصلحتها مثل هذا النظام التعددي، وكان الأميركيون والبريطانيون ينسقون كل تلك الحملات، وساهم في ذلك قنوات فضائية اعلامية تلاعبت بالحقائق والصور، وغالباً ما كانت مثلاً تبث صوراً تقول انها في حلب، بينما هي من حروب غزة او العراق وليبيا“.
واذ اعتبر دينيسية ان الدولتين اللتين دخلتا شرعيا الى سورية هما روسيا وايران، فانه اعتبر:”ان الاوروبيين مارسوا التبعية المطلقة خلف الأميركيين لا بل ان بعضهم مثل بريطانيا سبق الأميركيين ولذلك فاننا فقدنا كل مصداقيتنا، ونرى ان تركيا ربحت والممالك والأمارات ترسخت بدعم اميركا واسرائيل“.