في أوج الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها اللبنانيون، لم تعد الـ500 ليرة مجرّد عملة معدنية لا قيمة لها. وبالرغم من أنّ البطالة والفقر باتا حالة عامّة، لا يتوانَى بعض التجار وأصحاب المؤسّسات عن استغلال الناس وابتزازهم حتى في أصغر حاجاتهم.
ومن النماذج الفاقعة للاستغلال، فرض أحد الأفران الكبرى في قضاء جبيل، (أفران شمسين في حالات)، تسعيرة بقيمة 500 ليرة، مقابل حصول الزبون على كيس فارغ لتعبئة البضائع التي اشتراها من الفرن نفسه، والتي في الأصل زادت أسعارها.
قرار إدارة الفرن لم يستسغه الزبائن، فشهدت صالة البيع صراخاً وجدالاً حادّين دفعا بالإدارة إلى سحب الأكياس من أمام المواطنين المعترضين. أحدهم رفض شراء الكيس حاضناً مشترياته بيديه وخرج غاضباً يتمتم: «لا أستوعب إلى أين وصلنا!». وآخر يسأل عن كيفية حمل المشتريات بدون أكياس.
ما فعله هذا الفرن يشكّل فاتحة لإجراءات ابتزازية سوف يسلكها آخرون يتحكّمون بحاجات المواطن الأساسية. فالمسألة ليست بقيمة الـ500 ليرة، إنّما بمنظومة الجشع والاستغلال التي ينتهجها كبار التجار في ظلّ الأزمة الخانقة ليحقّقوا أرباحاً إضافية. لأنّ تلك الزيادة وإن كانت طفيفة، سوف تزيد سعر ربطة الخبز من 2500 إلى ثلاثة آلاف ليرة لبنانية. وعكس ما يدّعي الفرن بأنّها تغطية لارتفاع أسعار البلاستيك مع ارتفاع سعر صرف الدولار، حيث إنّ سعر الـ2500، كما قبله الـ1500، مركّبان من سعر محتويات الرغيف وكيس النايلون وربطة الكيس. ما يعني أنّ حقوق هذا الفرن وأفران أخرى «واصلة»!
والجدير ذكره، أنّ أصحاب الأفران الكبرى يحقّقون أرباحاً كافية إن احتسبنا فقط استخدامهم للطحين المدعوم في صناعاتٍ كالحلويات و«الكرواسون» وخبز «الباغيت»، عدا معدّل مبيعاتهم المرتفع مقارنةً بأفران صغيرة ومتوسطة الحجم.