عيسى بو عيسى-الديار
يبشر المعنيون في السلطة أن الاتي أعظم في لبنان وأن المرحلة المقبلة ستكون أسوأ من المرحلة الراهنة ، وأن الأمن قد تلاشى كما قال صراحة وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي، ومع ذلك لم يحرك أصحاب الشأن ساكنا حيال الإنهيار اللبناني المتنامي والفوضى الاجتماعية المحتمة إذ استمرت العملة بالتهاوي مع ارتفاع الدولار الى مستويات خطيرة، علما أن رسائل خارجية عديدة من الدول الاوروبية وروسيا بلغت إلى الرؤساء تعبر عن قلق غربي حيال احتمال تدحرج الامور أمنياً في لبنان ، جراء الأزمة المالية والاقتصادية التي سوف تهدد الاستقرار في هذا البلد وتولد انفجارا اجتماعيا شعبيا.
وترسم أوساط متابعة المشهد اللبناني القادم بسرعة نحو التفلت من كافة النواحي حيث ملامح الانفجار بدأت تتشكل مع اقتحام المواطنين للسوبرماركت للحصول على المواد المدعومة وتكسير بعض المحلات التجارية، فإن رفع الدعم عن المواد الاساسية يولد الانفجار الأوسع على مساحة الوطن خصوصا من الناحية الامنية حيث باتت عملية السطو على مدخرات سائق تاكسي تعتبر « غنيمة « !
وتعتبر هذه الاوساط أن رجال الدولة في لبنان قد أستسلموا لواقع الحال فيما الخارج غير مهتم على الاطلاق في عملية مدّ اليد للمساعدة مما يعني أن القرار السياسي الداخلي مفقود وعاجز بمواجهة التفلت المالي والانهيار الاقتصادي لأن كل فريق يريد شراء المزيد من الوقت مع ادراك الجميع أن البلد يدخل في دهليز مظلم.
وتقول الاوساط نفسها ان كل الحراك الداخلي لم ينتج حكومة، وإطالة الفراغ الحكومي لا تستشعر مخاطره المكونات الأساسية، فالمساعي والوساطات التي لم تسقط، جمدت إلى حين، واحياؤها يفترض أن ينطلق من مبدأ تأليف حكومة من 18 وزيرا لا ثلث معطل فيها لأي مكون سياسي بمفرده ، وهنا تكمن المعضلة الأساسية المستعصية عن الحل، فالرئيس ميشال عون لن يقدم بحسب زواره، المزيد من التنازلات ويقول لا صحة لما قيل عن حل لعقدتي وزارتي الداخلية والعدل، ويكفي أنه سلّم بتكليف الرئيس سعد الحريري ، وليس بعيدا يبدو أن الرئيس عون يترقب عودة وفد حزب الله من موسكو.
وتتحدث هذه الاوساط عن سلسلة من اللقاءات التي بقيت خارج التداول الاعلامي ولقاء مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا بالنائب جبران باسيل لم يحــدث اي خرق، وكذلك يبدو الرئيــس المكلف سعد الحريري في جو مغاير لكل ما يتم طرحه دون أن يكشف عن طروحات جــديدة مقابل ما وضعه رئيس الجمهورية قيد التداول .
أما الرهانات على التطورات الدولية والاقليمية لن تكون في مصلحة احد، كما تؤكد الاوساط، طالما أن أي تفاهمات أو اتفاقات جديدة على الخط الأميركي- الإيراني لا تزال بعيدة، هذا عطفا
عن أن لبنان ليس على سلم أولويات روسيا التي تركز بحث مسؤوليها مع وفد حزب الله على تطورات المنطقة والملف السوري على وجه التحديد ، بل أكثر من ذلك فإن الفرنسيين لن يتراجعوا عن سقف مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون التي يبدو أنها لا ترقى إلى المستوى السياسي لمجمل الافرقاء .
في هذا الوقت الغير مراقب لا من الداخل أو الخارج تشير الاوساط الى أن الوضع الأمني سوف يتدهور حكما على وقع مختلف المشاكل المستعصية ، وهذا ما تحذر منه المصادر الامنية بمختلف أجهزتها التي ليس بإمكانها إعتراض الجائعين عن إرتكاب المعاصي ونيل حصصهم الغذائية مجانا وبواسطة السلاح على مجمل الاراضي اللبنانية كما حدث في إحدى المحلات التجارية الكبرى بالأمس ، وتضيف أن كمية السلاح التي تم بيعها خلال السنة الفائتة من قبل المواطنين وحاليا لا يمكن ضبطها وهي تشكل خطرا كبيرا ولا رادع له !! ، كما أن المستشفيات سوف تشهد عمليات إنتقامية بواسطة السلاح على خلفية إدخال مريض بحاجة للعلاج ، ناهيك عن الصيدليات ووضعها الحرج من ناحيتين : الاولى فقدان معظم الادوية المستعصية، ومطالبها التي ستقفل أبوابها اليوم.
هل لبنان على موعد مع حرب داخلية ؟ هذه الاوساط تجزم أن السلاح سوف يستعمل بكثرة في الشارع، لكن لا مؤشرات لديها عن معارك واسعة داخل البلد بالرغم من كون أكثر من ثلثي الازمة سياسي بإمتياز ويكفي أن تعلن حكومة جديدة كي يهبط الدولار الى أرقام متدنية عما هي حاله اليوم ، وتختم الاوساط بالقول : إن الازمة غربلت أهل السياسة الواحد بعد الاّخر تمهيدا لعملية استعمال المنخل !!