“ليبانون ديبايت” – المحرر السياسي
في معرض مقاربتها وقراءتها الهادئة للوحة الداخلية بكل تفاصيلها ووجعها، تروي أوساط في قصر بعبدا، أنه عندما سُئل وزير خارجية فرنسا ميشال جوبير في الماضي، عن طبيعة ومصدر الحلول في منطقة الشرق الأوسط، كان جوابه أن “الحل يأتي دائماً، إمّا من الحكمة وإمّا من الصدفة وإمّا من التعب”.
وتضيف هذه الأوساط أن لبنان وصل اليوم الى حالة متقدمة من الإنهاك والتعب، وبات على مشارف الإنهيار، أي انهيار النظام المالي والمصرفي والإقتصادي، فيما نظامه السياسي لا ينفكّ يولّد الأزمات والمشاكل من دون أية حلول، مؤكدة أنه قد “بلغ السيل الزُبى”، ومن غير المقبول التفرّج على هذا الإنهيار.
ولكن هل من حلّ حكومي؟ عن هذا السؤال، تجيب أوساط قصر بعبدا أنه من الممكن حصول ذلك قريباً، وربما مع عودة وفد “حزب الله” من روسيا ومع عودة الإتصالات ومع تحريك المبادرات، فكل شيئ ممكن، وكذلك مع إعادة تموضع الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والرئيس المكلف سعد الحريري، حيث من الممكن أن يشكل هذا الأمر حافزاً لهم لطرح السؤال الذي يطرحه الجميع اليوم وليس فقط جنبلاط: إلى أين؟
لكن الأوساط تستدرك بأنه، وعلى المستوى السياسي، “أصبح القصر أكثر استعداداً لإتخاذ الخطوات المتاحة له في موضوع التكليف، أي إذا استمرّت العرقلة إلى ما لا نهاية، وهذه الخطوات هي تحت الدرس ولن تكون إعتباطية أو غوغائية أوشعبوية.”
أمّا على المستوى المالي، فتشير أيضاً الى أنه كان لا بدّ من التواصل مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لا سيّما في ظلّ ظاهرة إقدام بعض كبار المصارف أو الصيارفة على شراء الدولار من السوق وبكميات ضخمة، وهذا الأمر يستند الى معلومات بهذا الشأن وليس إلى الشكاوى المحالة أمام القضاء، حيث تؤكد هذه المعلومات أن الإرتفاع الجنوني لسعر الدولار، يعود لعمليات الشراء هذه، إذ ما من تفسير للارتفاع هذا الذي أدّى إلى تداعيات كارثية على صعيد ارتفاع أسعار السلع الحيوية والأساسية واليومية للمواطنين، وتسبّب بإقفال بعض المراكز التجارية بالامس.
ومن هنا تعتبر أوساط قصر بعبدا أن ما حصل “غير مبرّر”، وبالتالي لا بدّ من تفسير كل ما يحيط بالدولار “السياسي”، لأن سعر “الدولار الأقتصادي”، مفهوم ومردّه إلى الأزمة الإقتصادية، كما أن أسبابه تُختصر بالأزمات المتوارثة.
وإذ تسأل عن أسباب إستحضار “الدولار السياسي” اليوم، تشدّد على تفهم وجع اللبنانيين ومواكبة حركتهم الإعتراضية في الشارع وما يسمّى بقطع الطرقات، لأن الجوع كافر ولا طوائف له ولا مناطق، موضحة أنه كان لا بدّ من التواصل مع الحاكم والأجهزة الأمنية في هذا الإطار، ومشيرةً الى حصول إجتماعات نوعية وداخلية غير معلنة بالأمس، لمعالجة الوضع السياسي وللتصدّي لظواهر التشنج السياسي وغياب أفق تشكيل الحكومة، ومقاربة الحلول، وذلك بالاضافة طبعاً إلى بحث أزمة ارتفاع سعر الدولار بشكل غير مسبوق في الايام الماضية.
في نهاية المطاف تخلص أوساط قصر بعبدا إلى التأكيد بأن “وجع الناس بات لا يطاق ونحن منهم، ونواجه مثلهم الغلاء وفقدان المواد الحيوية في الاسواق، ولا نستطيع الإستمرار مع ارتفاع الأسعار وتجاوز الدولار عتبة 15 الف ليرة “، وتكشف أنه و”على ما نعرفه عن العماد عون، هو أنه بالتأكيد أنه لن يبقى في موقع المتفرج على هذه الحالات المعيشية الصعبة للغاية والتي بلغت حدّاً لا يطاق. ولذا من الواجب الإنتظار، وبالتالي فإن عنوان المرحلة اليوم هو الإنتظار القليل للحلول الكبرى”.