لم يكن هناك لا تطبيل ولا تزمير في موسكو خلال زيارة وفد “حزب الله”، إذ إن هذه الزيارة تأتي في إطار إطلاع الروس على مواقف كل الأطراف اللبنانية ومحاولة فعل شيء من أجل الحل.
من كان ينتظر أن ينبهر الروس بوفد “حزب الله” أو أن يُحضّروا إستقبالاً فوق العادة خاب ظنّه، لأن روسيا بلد يلتزم بالبروتوكول إلى أقصى درجة وهذا البروتوكول صارم، فوفد “الحزب” كان برئاسة النائب محمد رعد والإستقبال كان بحجم نائب لبناني وليس على قدر ما يمتلك “حزب الله” من صواريخ، وظهر واضحاً تمسّك الروس بالبروتوكول أثناء إستقبال الرئيس فلاديمير بوتين الرئيس ميشال عون، حيث جلس وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل إلى يمين عون وعندما حاولت أن تجلس إبنته ميراي عون إلى يساره رفض الروس هذا الأمر لأن اليسار يكون مخصّصاً لسفير البلاد شوقي بونصّار.
إذاً، أجرى “حزب الله” محادثاته مع كل من وزير الخارجية سيرغي لافروف ومن ثمّ مع نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف، على أن يُكمل وفد “الحزب” لقاءاته اليوم بغداء في السفارة اللبنانية في موسكو بعدما كان رعد إتصل قبل ثلاثة أيام من موعد الزيارة بالسفير بونصّار لإبلاغه أنه قادم إلى موسكو ويرغب بلقائه.
وفي المعلومات أن وفد “حزب الله” سمع كلاماً واضحاً من لافروف وبوغدانوف مفاده أن روسيا مع تأليف حكومة بأسرع وقت ممكن على أن تكون برئاسة الرئيس سعد الحريري ولا يكون فيها عامل التعطيل والتفجير ورفض حصول أي فريق على الثلث المُعطّل، كما تناول البحث أوضاع سوريا واليمن وكل المنطقة.
وتستعدّ روسيا لإستقبال وفود لبنانية لكي تطّلع على كل المواقف وللقول انها تقف على مسافة واحدة من كل الأفرقاء، وعلى رغم كل اللقاءات التي تحصل إلّا أنّ نتائج زيارة “حزب الله” وانعكاسها على الواقع اللبناني تحتاج إلى وقت لتتبلور.
وفي السياق، تلفت مصادر ديبلوماسية مطّلعة لـ”نداء الوطن” إلى أن الحراك الروسي هو محاولة لاستشراف حلول، لكن المعطيات المتوافرة من موسكو تشير إلى أن الحلول لا تزال بعيدة.
وتؤكّد المصادر وجود ضغوط ومحاولات حثيثة لإيجاد حل لمسألة تأليف حكومة لبنانية، والموقف الروسي واضح كما ورد في بيان الخارجية الروسية وهو تأليف حكومة برئاسة الحريري، وكذلك من دون ثلث معطّل مثلما أبلغ الروس رسمياً السفير بونصّار، وهذه الأمور سمعها “حزب الله” من المسؤولين الروس.
وتشدّد المصادر على أن كل تلك الحركة وما سيتبعها في موسكو لا تصل إلى درجة مبادرة روسية متكاملة لإيجاد نوع من التسوية بين أطراف الأزمة اللبنانية.
وتُصرّ روسيا على الحديث مع كل الأطراف اللبنانية، ولا تستبعد المصادر إمكانية توجيه دعوة لحزب “القوات اللبنانية” أولاً ومن ثمّ دعوة خاصة لرئيسه الدكتور سمير جعجع لزيارة موسكو في وقت لاحق، ويؤكد بوغدانوف، كما كل المسؤولين الروس، أمام زوّاره أنه يريد أن تكون لبلاده علاقة مع كل الأطراف اللبنانية من دون إستثناء.
تحتاج موسكو إلى وقت إضافي لبلورة تحرّكها، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن التعطيل المستمرّ ونسف كل المبادرات من الداخل اللبناني سيؤدّيان إلى مزيد من التعقيدات، وبالتالي فإن موسكو لا تتسرّع وتتبنّى أي مبادرة بل هي تدخل كعامل مساعد للفرنسيين وليس كمنافس.