اندريه قصاص-لبنان24
عندما أقرّت اللجان النيابية المشتركة أمس، سلفة لشركة كهرباء لبنان بـ 200 مليون دولار لشراء “الفيول” خيرّت اللبنانيين بين العتمة الشاملة أو الموت من الجوع، من دون أن يرّف لها جفن.
بعد هذا القرار ما كان على هؤلاء اللبنانيين، العالقين بين فكي كماشة، سوى الخضوع لما يقرّره بإسمهم وعنهم نواب الأمة. هكذا وبكل بساطة تمّ إقرار إفقار اللبنانيين أكثر مما هم عليه. وزادوا على الدين العام 200 مليون دولار، التي ستتبخر بعد مدّة عندما تنتهي الكمية المستوردة من “الفيول” لتعود القصة مجدّدًا إلى الواجهة وليعود وزير الطاقة ريمون غجر إلى وضع اللبنانيين أمام معادلة: إما “فيول” وإما عتمة شاملة.
على الأرجح أن النواب الذين أقرّوا بالأمس هذه السلفة لم يفكرّوا سوى بنتيجة واحدة، وهي أنه في حال شمول العتمة مختلف المناطق اللبنانية فإن الناس سينزلون إلى الشوارع هذه المرّة تحت شعار “يا قاتل يا مقتول”، وسيذهبون إلى منازل المسؤولين لإنزالهم عن كراسيهم بالقوة.
لذلك فضّل هؤلاء النواب تأجيل المشكلة، وإن على حساب الخزينة العامة، التي أصبحت بفضل سياساتهم غير الحكيمة وغير الرشيدة، فارغة وخاوية.
وبعد كل هذه المسرحية الهزلية المبكية، التي شهدناها بالأمس، الم يكن الأجدى بهؤلاء الذين تهرّوبوا من تحمّل المسؤولية، كالعادة، أن يسألوا أنفسهم عن مليارات الدولارات التي صُرفت من جيوب اللبنانيين على كهرباء لا تأتي إلا لمامًا، ألم يكن الأجدى أن يسائلوا وزير الطاقة الحالي ومن كان قبله ومن كان قبل قبله وصولًا إلى الوزير السابق جبران باسيل، الذي وعدنا بكهرباء 24 على 24 منذ العام 2015، وما زلنا في العتمة، أين ذهبت كل تلك الميليارات، وماذا فعلوا بها؟
إذا كان “التيار الوطني الحر”، وهوالمسؤول الوحيد عن تطيير هذه المليارات على مشاريع وهمية، يصرّ على موضوع التحقيق الجنائي فإنه من الأجدى قبل التصويب على مصرف لبنان، الذي كان يطبّق السياسات المالية للحكومات المتعاقبة، أن تبدأ المحاسبة من وزارة الطاقة وشركة كهرباء لبنان، حتى يعرف اللبنانيون إلى جيوب من ذهبت كل هذه الأموال وكيف صُرفت.