دوائر واسعة مقتنعة في المملكة تتخوف من وجود توجه إسرائيلي بضم الضفتين الشرقية والغربية- جيتي
قال مستشرق إسرائيلي إنه “على عكس القادة العرب الآخرين في الإمارات ومصر والسعودية وسلطنة عمان، فإن الملك الأردني عبد الله الثاني لا يحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهناك توتر واضح في العلاقة بينهما، بما في ذلك تهرب العاهل الأردني من المحادثات الهاتفية مع نتنياهو، ورفضه الاجتماع به قبل نحو عامين، أو السماح للمصورين بتوثيق الاجتماع”.
وأضاف إيهود يعاري، محلل الشؤون الشرق أوسطية، في مقاله على القناة 12، ترجمته “عربي21″، أنه “رغم هذا التوتر، لكن المصلحة الأردنية تملي على الحكومة في عمان أن تحافظ على تعاون وثيق مع إسرائيل على طول الحدود، وفي العديد من القضايا الأمنية، رغم استمرار أجواء من الشكوك، والتحفظات بشأن السلام مع إسرائيل، ولذلك لا يبدو أن هذه الأزمة سيكون لها حل سريع في المستقبل المنظور”.
وأكد يعاري، وثيق الصلة بأجهزة الأمن الإسرائيلية، والباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن “إلغاء زيارة ولي العهد الأردني الأمير حسين للقدس، بعد أن وصل مع حراسه الأمنيين إلى جسر اللنبي بعد تنسيق مبكر مع نظرائهم الإسرائيليين، أدت إلى خلق أزمة عابرة بينهما، لكن السلطات الأردنية تنتهج الآن سياسة متعمدة لتهدئة الرياح في هذا الشأن، وغير راغبة في إحداث أزمة مستمرة، لأن الأردنيين يدركون حقيقة اعتمادهم على إسرائيل في إمدادات المياه، ويزيدون بسرعة اعتمادهم عليها للتزود بالغاز”.
وأشار إلى أن “الغضب الأردني من إسرائيل في السنوات الأخيرة يتركز في ثلاثة مجالات رئيسية، أولها الشكوى المتكررة منهم أنها خرقت وعدها المنصوص عليه في اتفاق قبل 6 سنوات بمد أنبوب لنقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت، فقد كان لديهم آمال كبيرة في هذا المشروع، لكن السلطات الإسرائيلية توصلت لاستنتاج مفاده أنه لا جدوى اقتصادية لهذا المصنع، كما ينطوي على مخاطر بيئية”.
وأوضح أن “إسرائيل تحاول أن تعرض على الأردنيين تدفق المياه من البحر المتوسط، لكنهم حتى الآن يصرون على أنهم يريدون خط أنابيب سيمر بالكامل عبر أراضيهم”.
وأضاف أن “الشكوى الأردنية الثانية من إسرائيل تتعلق بالوضع الخاص الممنوح للأردن في المسجد الأقصى بموجب اتفاق السلام لعام 1994، حيث فشل الأردنيون في منع فقدان بعض نفوذهم في المؤسسات الوقفية المقدسية، كما أن عناصر أخرى، بما في ذلك الأتراك والحركة الإسلامية وفتح، تعمل على تقليص سلطة الملك في المرتبة الثالثة في قداسته لدى المسلمين”.
وأكد أن “الشكوى الأردنية الثالثة أعمق من سابقاتها، وتتعلق بأن دوائر واسعة مقتنعة في المملكة تتخوف من وجود توجه إسرائيلي بضم الضفتين الشرقية والغربية، لتكونا لاحقا تحت الحكم الفلسطيني، حتى أن كل محاولات إقناع القيادة الأردنية بأن مثل هذه الخطة ليست في مكانها، لكن هذه المحاولات لم تؤت ثمارها، ولذلك فإن الملك عبد الله يريد نقلة حقيقية باتجاه إقامة دولة فلسطينية، أو على الأقل إقامة إحساس بأنه ممكن”.
وأضاف أنه “على هذه الخلفية، يجب أن نتذكر أن الأردن في ضائقة اقتصادية كبيرة، حتى قبل أن يضربه وباء كورونا، ولا يتلقى مساعدة كبيرة من الدول النفطية في الخليج العربي، ما يزيد التوتر بين العرش الهاشمي والعائلة المالكة السعودية منذ أكثر من مئة عام، حين طرد مؤسس السلالة السعودية الملك عبد العزيز بن سعود أسلاف اِلملك عبد الله الأردني من منطقة الحجاز والمشاعر المقدسة في مكة والمدينة”.
وأشار إلى أن “الأردنيين يخشون اليوم أن اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والسعودية ستشمل منح السعوديين موطئ قدم في القدس، ما يؤكد أن شكل السلام مع الأردن يثبت أن الخيار ليس بين السلام البارد والدافئ، ولكن هناك خيار سلام “حامض”، يحتوي على عناصر تعاون قوية ملفوفة بجرعة غزيرة من الريبة والاستياء”.