كهرباء لبنان..مأساة من فساد
–ملاك درويش
تبدو اليوم مؤسسة كهرباء لبنان بعجزها عن النهوض، صورة مصغرة عن الدولة التي اختار أركانها تقاسمها وتقاسم خيراتها، دون أن يكلفوا أنفسهم عبء تنظيمها.
كهرباء لبنان كابوس لكل اللبنانيين الذين يدفعون ما يتوجب عليهم دون الحصول على الخدمة المطلوبة.
وإذا أردت البحث عن المقصر في هذا الإطار أقول لك أن هذا الأمر قطعاً هو أمر مستحيل، في بلد تسلّط مسؤولوه على كل شيء بما فيها التعيينات، وعدم إعطاء المعلومات للقضاء الغير مستقل وإضعاف هيئات الرقابة الرسمية.
حال مؤسسة كهرباء لبنان كحال كل لبنان، تشكو من عدم توفير الإستقلالية لها، وعدم قدرتها على تحصیل فواتيرها وغيرها من الأمور المبطنة.
اليوم تزامناً مع الأزمات التي تعصف في لبنان، يعاد طرح مشكلة الكهرباء
”المأساة المستمرة”لعدة أسباب، لعلّ أهمها انقسام السلطة وزيادة مراكز النفوذ.
ترجع أسباب تعثر مؤسسة كهرباء لبنان في إنتاج الطاقة وتأمينها للمستهلكين، إلى عدم التزام الموردين البرمجة المتفق عليها في التعهدات. وقد أتاح ذلك ثغرات عديدة أمكن منها تسلل السياسيين وأصحاب النفوذ، بدءاً من المحروقات (غش في الكميات والنوعيات، تأخير في التسليم، نقل بري غير مستوفٍ للشروط) ولا نغفل عن مشاكل الصيانة، التي شكلت محوراً خلافياً على حساب المستهلكين والقطاعات الإقتصادية.
وهكذا أمتد الفساد المعمم في الدولة إلى المؤسسة، والمعامل المخصصة بالإنتاج، ومحطات التحويل، وشبكات النقل، وأعمدة العمل، وعدادات الكهرباء، بلوغاً إلى الفساد الإداري، ولا سيما على صعيدي الجباية وضبط السرقات أي كجذع له آلاف الأغصان..
ناهيك عن أعباء الديون المتراكمة وخدمتها السنوية، وكميات الطاقة غير المشمولة بالفواتير، بحيث تصل نسبة الهدر إلى ٤٥ في المئة، منها ١٤ في المئة ترجع إلى الإهدار التقني.
أصبح لبنان مثالاً يحتذى به لفشله في إقامة دولة متقدمة، فما هو إلا وسيلة لتهديم المجتمعات والطاقات وتخدير العقول وتجميدها وسرقة طموحات الشباب.
نحن اليوم أمام نتائج وخلاصات أعوام من النهب الممنهج والفساد، أمام إقتصاد ريعي وهمي، أمام دولة مرتهنة للمصارف والخارج أمام كل شيء خالي من الوطن!