|
ملاك عقيل -أساس ميديا- الثلاثاء 16 آذار 2021 |
انتهت المهلة التي أعطاها القاضي طارق بيطار لنفسه، لدراسة ملفّ التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت منذ تعيينه محقّقًا عدليًّا في القضية في 19 شباط الفائت.
طلبَ بيطار مهلةَ أسبوعين لوضع يده على كل جوانب القضية، تمهيدًا للانطلاق في التحقيقات من النقطة التي انتهى إليها المحقّق العدلي السابق القاضي فادي صوّان، فـ “أكرَمَه” أهالي الضحايا بمنحه ثلاثة أسابيع خلال لقائهم به في مكتبه بوزارة العدل في 22 شباط.
تعهّد رئيس محكمة جنايات بيروت السابق أمام وفد أهالي الضحايا، “بالانكباب على قراءة أوراق القضية حتّى في أيام العطل الأسبوعية”، مؤكّدًا لهم أنّ “كل الحصانات ستسقط أمام التحقيق الشفاف”.
جملة تذكّر بما أورده القاضي صوّان سابقًا عبر جوابه إلى محكمة التمييز، على الدعوى المرفوعة ضدّه لنقل الملف إلى قاضٍ آخر، حين أكّد تخطّيه كل الحصانات قائلًا: “لن أقف أمام أيّ حصانة في ملاحقة المجرمين”.
وهي النقطة المفصلية التي استندت إليها محكمة التمييز الجزائية لتنحية صوّان، باعتبار كلامه يشكّل مخالفةً صريحةً للقوانين والدستور، إضافة إلى إقراره بتضرّر منزله في الأشرفية وقبض تعويض مقداره 13 مليون ليرة من الجيش عن هذه الأضرار، ما صُنّف في رأي المحكمة “ارتيابًا مشروعًا” في أداء القاضي، يفرض اتخاذ القرار بتنحيته.
عمليًّا قرار محكمة التمييز رَسَم سقفًا واضحًا لمسار التحقيق والادّعاءات، لن يكون بإمكان القاضي بيطار تجاوزه، وإلّا… قد يلحق بصوّان!
صحيح أنّ المحقّق العدلي صاحب صلاحيات واسعة جدًّا تجعل منه قاضي القضاة، لكنّ “ملف صوّان” بمساره ونتيجته، سيكون الكتيّب الصغير على طاولة القاضي بيطار، مع “درسَيْن” أساسيّيْن: استئناف التحقيق من حيث انتهى إذ لا عودة إلى الوراء، وعدم تجاوز حصانات الرؤساء والوزراء والنواب والمحامين. والأهمّ: الاستفادة من أخطاء القاضي صوّان التي عرّضته لمساءلة مفتوحة وعلنية من الرأي العام، وأهالي الضحايا، والسياسيين والمجتمع المدني.
أولى هذه الأخطاء وأهمّها: الاستنسابية في الإدّعاءات. فجريمة المرفأ التي تعود خيوطها الأولى إلى عام 2013 قاربها صوّان بادّعاءات خارجة عن أيّ سياق منطقيّ طالت رئيس حكومة تصريف الأعمال وثلاثة وزراء، من دون أن تتوضّح أسباب استبعاده طوال ستة أشهر، ولو على سبيل الاستماع إلى إفاداتهم، لقضاة وقادة أمنيين وضباط كبار، ووزراء عدل… أو حتى توسيع مروحة الادّعاءات لتطال شريحة أوسع ممّن تحوم الشبهات حول مسؤوليتهم وتقصيرهم.
وحتى الآن لا يزال القاضي بيطار في مرحلة توثيق الملف وحفظه ضمن usb . فهو يحتوي آلاف الأوراق من محاضر التحقيق والاستجوابات والمستندات المرفقة. ووفق المطلعين سيباشر قريبًا الاستدعاءات بحقّ أشخاص لم يتمّ الاستماع سابقًا إلى إفاداتهم، وقد يستمع مجددًا إلى من تمّ التحقيق معهم. ويعاونه في المهمّة بعض القضاة المتدرّجين.
وتتوقّع مصادر قضائية “أن يأخذ القاضي بيطار بالدفوع الشكلية التي سيتقدّم بها محامو بعض المدّعى عليهم”. واليوم هناك 37 مدّعى عليهم في القضية، و25 موقوفًا هي حصيلة الادّعاءات من قِبل النيابة العامة التمييزية والقاضي صوّان.
وآخر من استمع إليه القاضي صوّان قبل تنحيته، كان قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي كشاهد. وفيما بات من المسلّم به أنّ هناك مسؤولية على الجيش في مواكبة وصول شحنة الـ2700 كلغ من نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، وتخزينها على مدى ست سنوات في العنبر رقم 12 من دون تلفها أو فرض قرار إعادتها، فإنّ القاضي بيطار أمام استحقاق مفصليّ يتعلّق بكيفية مقاربته للادّعاءات التي تطال سياسيين وأمنيين، وقضاة ووزراء عدل، وأيضًا رفع الظلم عمّن لا يزال موقوفًا اعتباطيًّا.
وتؤكّد مصادر مطلعة أنّ “إدارة التحقيق ستكون مختلفة مع بيطار، خصوصًا لناحية إطلاع الرأي العام أكثر على مراحل التحقيق. وهذا الأمر سيتمّ تباعًا من خلال بيانات لبيطار تصدر عبر مجلس القضاء الأعلى بشكل دائم. فخلال ستّة أشهر من توليه مهمّة التحقيق، أصدر القاضي صوّان أربعة بيانات، “متوقّعة”صدور بيانات وتوضيحات بشكل أكبر في المرحلة القادمة”.