عاد ملفّ الكهرباء إلى الواجهة مُجدّداً بعد تهديد وزير الطاقة ريمون غجر منذ أيام، ومن على منبر قصر بعبدا، اللبنانيين بالعتمة مع نهاية الشهر الجاري ما لم تؤمّن سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول.
وقد لاقى غجر نواب من “التيار الوطني الحر” عبر تقديم إقتراح قانون يرمي إلى إعطاء سلفة مالية بقيمة 1500 مليار ليرة، أي مليار دولار حسب السعر الرسمي.
هذه المعادلة الجديدة ما بين السلفة والعتمة ستحطّ أمام اللجان النيابية المشتركة اليوم في ساحة النجمة، بعدما رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري إدراج الإقتراح على جدول الجلسة التشريعية التي انعقدت يوم الجمعة الماضي وأحاله إلى اللجان لدرسه.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ هناك تقاطعاً بين مختلف الكتل النيابية المعارضة لسياسة السلف التي يعتمدها وزراء “التيار الوطني الحر” في ملفّ الكهرباء، حول الموازنة بين تأمين الكهرباء وعدم الموافقة على السلفة كما هي مقترحة. كذلك هناك من قال إنّ ملفّ الكهرباء وضع على الطاولة برمّته، وستجري في جلسة اللجان اليوم مناقشة كل تفاصيله.
وترى مصادر متابعة أنّ ملفّ الكهرباء الذي بات يشكّل أكثر من 40 مليار دولار عجزاً، وهو من الملفّات والقطاعات المطلوب إصلاحها، إن كان من خلال مؤتمر “سيدر” أو المبادرة الفرنسية أو أي مساعدة خارجية، لا يمكن الإستمرار في التعامل معه عبر أسلوب الإبتزاز المعتمد منذ سنوات.
فهناك أسئلة كثيرة عن كيفية تأمين المبالغ المطلوبة وقدرة مصرف لبنان على ذلك، وعلى حساب من؟ وماذا؟
وبانتظار وقائع جلسة اللجان، فإنّ مواقف الكتل النيابية توزّعت بين معترض بالمطلق على السلفة وبين موافق مع تخفيض المبلغ ووضع شروط قاسية من باب الموازنة بين تفادي العتمة والسلفة.
ويقول مقرّر لجنة المال والموازنة وعضو كتلة “الوسط المستقل” النائب نقولا نحاس لـ”نداء الوطن”: “نحن مع طرح ملفّ الكهرباء بكامله على الطاولة ومعرفة المهل وآلية المعالجة الكاملة، كما سنطالب بالتجزئة بانتظار تشكيل الحكومة، ولكننا لن نقبل بالعتمة ولا السير بالمطلق، ويتمّ تحديد الموقف النهائي على ضوء المناقشات”.
أما عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب الدكتور بلال عبد الله فيقول لـ”نداء الوطن”: “سنشارك في الجلسة وسنعارض إعطاء السلفة، فنحن لدينا موقف مبدئي تجاه ملفّ الكهرباء الذي يحتاج إلى عملية إصلاح شاملة، والتهديد بالعتمة لا ينفع، فالسلف السابقة كانت مشروطة ببعض الخطوات الإصلاحية ولم يتمّ الإلتزام بها، لذلك فليتحمل المسؤولية “التيار” الذي يدّعي العفة وليبدأ التدقيق الجنائي في وزارة الطاقة”.
عضو كتلة “المستقبل” النائب الدكتور محمد الحجّار قال لـ”نداء الوطن”: “نحن حكماً لسنا مع العتمة بالرغم من أنّ ما يجري هو ابتزاز ويذكّرنا بالقانون الذي أقرّ عام 2011 وأعطي مبلغ 1200 مليار ليرة من أجل حلّ مشكلة الكهرباء، ورفض فريق “التيار الوطني الحر” الذهاب أو التوجّه نحو الصناديق العربية أو القروض، وأصرّ على أن تكون من الخزينة، وكل ذلك على أساس القيام بعملية إصلاح شاملة وإنشاء معامل التغويز”.
وأكّد الحجّار أنّ “الكتلة مع تخفيض المبلغ ووضع شروط حول إدارة الملفّ، سيّما وأنّ هناك أسئلة كثيرة حول ما إذا كان مبلغ الـ1500 مليار سيكون فقط لكهرباء لبنان؟ وماذا جرى مع العراق وما قيل عن إتفاق لتأمين كميات ضخمة من الفيول؟”.
مصادر “اللقاء النيابي التشاوري” قالت إنّ “اللقاء” مع الموافقة بشروط، بينما “حزب الله” يتمنّى التوافق وإيجاد المخرج المناسب لهذا الملفّ بين الأطراف المختلفة، خصوصاً بين حليفيه الرئيس نبيه بري و”التيار الوطني الحر”.
وترى مصادر كتلة “التنمية والتحرير” أنّ الأهم هو كيفية إيجاد التوازن بين تأمين المال وتفادي العتمة، وبالتالي ترجّح خيار التجزئة لهذه السلفة.
أمّا تكتّل “الجمهورية القوية” ونواب “القوات اللبنانية” فلديهم موقف مبدئي إعتراضي على سياسة السلف، وإذا حصل ووافقوا على هذه السلفة فلن يحصل ذلك إلا من خلال شروط قاسية جداً.
ويقول عضو التكتل النائب أنيس نصار لـ”نداء الوطن”: “إنّ السلف السابقة أقرّت على أساس شروط تشكيل الهيئة الناظمة وإجراء إصلاحات، وكانوا يأخذون السلفة ويضحكون علينا وإذا كان هناك توجه لإعطاء سلفة لمدّة ثلاثة أشهر فيجب أن تكون ضمن شروط وعلى أساس محاسبة المسؤولين، لأنّ السؤال الأكبر هو من أين سيأتي مصرف لبنان بالمبلغ؟”. وأكدت مصادر “القوات” مشاركتها في جلسة اللجان “لكننا سنعترض على السلفة ولن نوافق عليها لأن يبدو أن هناك صفقة حول تجزئتها. ولن نسير بالأمر”.