على وقع الارتفاع الجنوني بسعر الدولار في السوق الموازية، وما استتبعه من اقفال للمحال التجارية والسوبرماركت ومحطات المحروقات، لم يعد الملف الحكومي أولوية على الساحة الداخلية على الرغم من سقوط جميع المبادرات وكان آخرها مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
فبحسب معلومات “النهار” من مصادر مقرّبة من الرئيس المكلّف سعد الحريري فإنّ المبادرة التي كان قادها اللواء عباس ابرهيم في الموضوع الحكومي لم تصل إلى سلوك طريق التنفيذ نتيجة أكثر من موضوع عالق بما في ذلك غياب القرار الواضح لدى فريق العهد وضبابية المشهد القائم في هذا الخصوص. إلّا أن المعطيات تشير إلى مبادرة ثانية عادت لتطرح على طريق التداول في الساعات الماضية، ويقصد هنا مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر مسعى قديم – جديد، عُلم أنّ الرئيس المكلف يتفهّمه وهو مستعدّ للبحث في مضمونه على أن تتظهّر أي مستجدات في الأيام المقبلة. إلى ذلك، علمت “النهار” من مطّلعين على مضمون مبادرة رئيس المجلس أنّها لا تزال نفسها ولم تطرأ عليها تعديلات لناحية البحث عن اختصاصيين غير حزبيين مع عدم إعطاء الثلث المعطل لأي فريق.
واشارت مصادر مواكبة لعملية تشكيل الحكومة لـ”اللواء” الى ان الامور معقدة وان التحرك الذي يقوم به الرئيس نبيه بري لاخراج عملية التشكيل من دائرة التعطيل يواجه بفتور من الرئاسة الاولى وعدم تجاوب من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يعتبر ان بري يميل بتحركه لمصلحة الرئيس الحريري.
اجتماع الحريري – جنبلاط
وسط هذه الأجواء، كان لافتاً الاجتماع الذي عقد أمس في بيت الوسط بين الرئيس الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنلاط، الذي كان قد التقى يوم السبت الوزير السابق طلال ارسلان.
ووفقا لاوساط مطلعة لـ”الديار” خلص اللقاء الى نتيجة مفادها ان “الاجواء مقفلة” حكوميا، والطريق مقطوعة مع بعبدا،بعدما تم طيّ صفحة مبادرتي الرئيس نبيه بري واللواء عباس ابراهيم، وقد تم سحبهما عن “الطاولة” ولا يوجد الان ما يمكن التعويل عليه “لكسر الجمود” داخليا. وعلم في هذا السياق ان جنبلاط كان حريصا على تأكيد متانة العلاقة مع الحريري شارحا موقفه من قبول تشكيل حكومة من 20 وزيرا وتخليه عن دعم حكومة من 18، متسلحا بالوضع الاقتصادي السيىء معبرا عن مخاوفه من فوضى شاملة سيصعب لجمها، وسيدفع الجميع ثمنها.
التشاؤم في بعبدا
اما في بعبدا فلا جديد ايضا، وقد اكدت مصادرها لـ”الديار” ان الامور عادت الى “النقطة صفر” بعدما رفض الحريري كل المبادرات. من جهتها اكدت مصادر تيار “المستقبل” إن الحريري لم يتبلغ من اللواء إبراهيم أي مبادرة، ولم يلتق به منذ أكثر من أسبوعين ولم ينقل له اي طروحات، فكيف يرفض الحريري طرحاً لم يُعرض عليه اصلا؟
وعليه نقلت أوساط مقربة من دوائر الرئاسة الأولى أجواءً تشاؤمية حيال إمكانية ولادة الحكومة في وقت قريب على اعتبار أنّ “كلّ ما كان يعوّل عليه من عوامل يمكن أن تساهم في تشكيل الحكومة أصبح في خبر كان”، مشيرةً إلى أنّ “الفرنسيين يضغطون في كل الاتجاهات ولم يسفر ضغطهم عن أي نتيجة حتى الساعة، وكذلك كل المبادرات والمساعي التي يقوم بها رئيس مجلس النواب أو سواه لن تكون نتيجتها إلا سراباً”.
ومن هنا تشير مصادر “الأخبار” الى انه يصعب على رئيس الجمهورية اليوم التعاون مع الحريري نفسه الذي ما زال يتبنى النهج ذاته والطروحات ذاتها ويتمسك بالأشخاص أنفسهم. تلك النقطة الأولى، وفق المصادر، التي تشير بما لا لبس فيه إلى أن الحريري ليس رجل المرحلة، في نظر رئيس الجمهورية. لا بل إنه بات جزءاً من المشكلة ومعرقلاً لأي حلّ؛ فبدلاً من أن يكون همه الأول خلق المبادرات للإسراع في تأليف الحكومة، ينتظر مبادرات غيره ويتعمد رفضها لإطالة أمد الأزمة وتسجيل نقاط على خصومه. أما النقطة الثانية، فتدور حول عدم قدرة الحريري، رغم كل الجولات التي قام بها، من الإمارات الى تركيا ومصر وفرنسا وقطر، على اجتذاب ولو موقف مساعد رمزيّ، كبادرة دعم لترؤسه الحكومة ، بحسب “الأخبار”