سناء الجاك-نداء الوطن
واضح أنّ موسكو قرّرت التفاوض مع الوكيل الأصيل الذي سيحلّ ضيفاً عليها الاثنين المقبل لبحث الشؤون اللبنانية، وعلى رأسها تشكيل الحكومة، وليس مع البديل الذي ينوح على حقوق المسيحيين.
وواضح أنّ هذا البديل يتخبّط مع فشله، ولا يقدّم أو يؤخّر في المعضلة اللبنانية التي تتأرجح في مهبّ المتغيّرات الإقليمية.
وهذا الفشل يطرح أسئلة معقّدة تتعلّق بالدور والفعالية والثقة والشرعية الشعبية والقدرة على تنفيذ أجندة المِحور.
بالتالي، قد تحمل المرحلة المقبلة إشارات إلى علل في التعامل بين وكيل المِحور والغطاء المسيحي الذي لم يعد نافعاً، والذي يحفل تاريخه بخيانة من يستطيع خيانته، وإنكار فضل الآخرين عليه لجهة تسهيل وصوله الى السلطة، سواء كانوا من أهل البيت أو من خارجه.
هذا عدا الطعن في الظهر والانتهازية والانقلاب على الاتفاقات وملحقاتها السرّية.
في المقابل، لم يعد يملك البديل إلا الغرق أكثر فأكثر في عزلته الدولية، وربّما الداخلية. ولم يعد لديه إلا استنباط فذلكات تبرّر له مواصلته تعطيل البلد تحت ألف حجّة وحجّة، لترسيخ مسعاه القاضي بتعويم العهد وتوريث الصهر والبقاء في القصر.
لا نعرف إلى متى سيستمرّ القبول بهذا البديل الذي تحوَّل ديكتاتورياً بالشكل وليس بالمضمون والقدرات، وهو الذي حسب أنه سيستفيد من قدرات مشغّله إلى أبد الآبدين، أو سيلعب على الحبال ليبقى على قيد السلطة.
ولم يعد يملك إلا هذه المشهدية الكاريكاتورية في عقد إجتماعات للمجلس الأعلى للدفاع واستدعاء حاكم مصرف لبنان، وإصدار بيانات تتّهم على اليمين والشمال الآخرين بالمؤامرة على العهد.
وقمّة “المؤامرة” عندما يتمّ التداول بشأن انتخابات رئاسة الجمهورية. حينها يبلغ استفزاز جماعة الديكتاتور المسكين مبلغاً لا يوصف من الغضب والإنتفاض والانقضاض على الطامعين بالمنصب والمفرطين بكرامة المسيحيين وحقوقهم.
فجماعة الديكتاتور لا يستوعبون حتّى فكرة انتهاء الولاية ومغادرة القصر إلى غير رجعة. ففي الفكرة إهانة شخصية، وطرحها من المحرّمات، وكأنّ القيامة ستقوم حينها، أو كأنّها لم تقم بفضلهم وبجهودهم الحثيثة وتبشيرهم بجهنّم والعتمة الشاملة، في ابتزاز وقح وصارخ للشركاء في الفساد وللشعب اللبناني بكلّ شرائحه.
ومن يتابع الأداء الديكتاتوري الكاريكاتوري، لا بد سيستنتج أنّ العهد يحسب نفسه شمشون الجبّار، ويلتزم مبدأ “عليّ وعلى أعدائي”. لذا يستبسل في التعطيل أكثر فأكثر. وخوفه أن تركب حكومة لا يستطيع التحكّم بها، تتولّى مرحلة ما بعد انتهاء الولاية، ويصبح حليفه حليف عدوه.. حينها العوض بسلامتكم.
لكن ما يغفل عنه جماعة الديكتاتور هو أنّ أوراق اللعبة ليست في أيديهم، ولم تكن يوماً، وهم ليسوا الرقم الصعب، كان لديهم فترة سماح، وليس واضحاً إذا ما كانت قد انتهت أو تغيّرت شروطها.
فالمِحور ووكيله في مكان آخر. إذ يبدو أنّ إدارة بايدن لن تقدّم جوائز ترضية ولن تفرش طريق المفاوضات بالورود والرياحين. والأهمّ أنّها لن تفرّط بما تصنّفه إنجازات على هذا الصعيد.
ورأس المِحور الذي يبحث عن حلول عبر الضغوط، لن يتهاون في استخدام ورقة لبنان، كما غيرها من الأوراق في سبيل تحقيق أهدافه. بالتالي مصير الورقة لا يمكن تبيانه إلا في ظلّ متطلّباته وظروفه.
أمّا شمشون الجبّار فسوف يذهب فرق عملة في هذه المعمعة… وحينها “تخبزوا بالأفراح… هذا اذا بقي فرح أو طحين…”.