جاء تصريح النائب علي حسن خليل من مجلس النواب “بأن لا شيء يبشر بحكومة قريبة” ليؤكد ان المساعي الحكومية مقفلة، خصوصاً وان مثل هذا الكلام اتى بعد زيارته الرئيس المكلف سعد الحريري في بيت الوسط، حاملاً مبادرة من رئيس مجلس النواب نبيه بري تقوم على اقتراح حكومة من عشرين وزيراً لا ثلث معطلاً فيها لأحد، ويتمثل فيها الدروز بوزيرين يتم اختيار الوزير الثاني بالتوافق بين رئيس “الحزب الاشتراكي” وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان، فيما يتفق على المرشح الكاثوليكي الثاني بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. لم يقدم الحريري جوابه على الاقتراح وفضل ابلاغه الى رئيس المجلس خلال لقاء يجمعهما.
وقبل اقتراح بري واجه الحريري اقتراح مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بالسلبية وخلافاً لما قيل عن ان الحريري لم يتبلغ بأي طرح، تقول مصادر معنية بالمبادرة ان اللواء ابراهيم ابلغ الحريري بالطرح لكن الأخير اشترط منح تكتل “لبنان القوي” برئاسة جبران باسيل ثقته للحكومة، فأجابه اللواء وما العلاقة بين الطرحين؟ فأجابه الحريري: لا يمكن اعطاء عون خمسة وزراء وحده. رفض المبادرة من الرئيس المكلف “اثار استياء الفرنسيين” الذي كانوا استفسروا من المدير العام للامن العام عن الامر، وعادوا للاتصال بالافرقاء المعنيين بالتأليف.
والافق المقفل امام الحكومة هو الانطباع الذي استمر مخيماً على المساعي الداخلية والخارجية منها. وثمنت مصادر مطلعة على أجواء حزب الله “التنازل” الذي قدمه رئيس الجمهورية ميشال عون وقبوله بحصة من خمسة وزراء بدل سبعة، من دون مشاركة باسيل في الحكومة ولا منح تكتله النيابي الثقة للحكومة، لكن الحريري رفض الاقتراح، ما عزز انطباع “حزب الله” بأن الرئيس المكلف لا يريد تشكيل حكومة، ما يهدد باستمرار المراوحة فترة طويلة بعد، خصوصاً وان لا مخارج دستورية ولا سياسية لسحب التكليف من الحريري حتى من خلال مجلس النواب، وهو ما يرفضه “حزب الله”. وبرأي المصادر المطلعة على أجواء الحزب: “يريد الحريري الاستمرار في سياسة اضعاف العهد، خصوصاً وان الوضع المالي بلغ ذروته مع تجاوز سعر صرف الدولار العشرة آلاف ليرة وفي ظل الاعتصامات واقفال الطرقات والفوضى الحاصلة. ويسعى الحريري الى هدر المزيد من الوقت والتهرب من خلال جولات خارجية ليس لها نتائج بينما البلد رهين الفوضى”.
لا اتصالات بين بعبدا و”بيت الوسط” وتعتبر بعبدا انه من الطبيعي ان يبادر الرئيس المكلف الى الاتصال لطلب لقاء الرئيس وليس العكس، خصوصاً بعد ان تبلغ عون رفض الحريري مبادرة اللواء ابراهيم وهو ما يؤكد ان الحريري تلقى عرضاً حكومياً وتمّ رفضه، ويذهب البعض الى حد اعتبار ان جزءاً من كلام وزير الخارجية الفرنسي لودريان قصد به الحريري ضمناً.
والغريب بحسب المصادر ان الحريري الذي كان يرفض لقاء باسيل او الاتصال به بات يطلب نيل ثقة كتلته النيابية كشرط اساسي من شروط تشكيل الحكومة، وتنقل المصادر ان المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين الخليل، وفي آخر مسعى لـ”الحزب” على خط تحسين العلاقة بين الحريري وباسيل عرض اجتماعهما للتفاهم مجدداً، فكان جواب الحريري النهائي: “لا اريد ان اسمع به او مقابلته”، وقد فشلت بالفعل مساعي الكثيرين لترطيب العلاقة بينهما ليفاجئ الحريري الجميع باشتراط نيل حكومته ثقة التكتل النيابي لـ”التيار الوطني الحر” في الحكومة.
يحتار المعنيون بتشكيل الحكومة بـ”الاسباب الكامنة خلف تخلف الحريري عن تشكيل الحكومة، وفي تقديرهم ان السبب الاهم يبقى رغبة الحريري في الانفتاح على السعودية رغم فشل كل المساعي في احداث اي خرق على خط العلاقة مجدداً”.
وتنقل اوساط تواصلت مؤخراً مع السفارة السعودية خلاصة مفادها ان “المملكة غير معنية بالاسماء في ما يتعلق بتشكيل الحكومة وما يهمها هو تشكيل حكومة لبنانية يمكن التعاطي معها، وان المملكة على مسافة واحدة ومنفتحة على كل الاطراف”.
كلام تؤكده جولات سفير المملكة المتواصلة واستقبالاته والاجواء التي يخرج بها من يلتقيه من المسؤولين، لناحية الجو الايجابي وابداء المرونة والتواصل مع كل الاطراف وتثمين التوصل الى تشكيل حكومة بأسرع ما يكون.
وفي نظرة مختصرة على مسار تشكيل الحكومة ان الجميع يسعى الى تدوير الزوايا في سبيل خرق جدار الفشل، لكن المستغرب بحسب المصادر تغيير الحريري شروطه وقد سدت الآفاق في وجهه، ما جعل البعض في قوى 8 آذار يتحدث عن احتمال عودته مجدداً الى مربع الحكومة السياسية او التكنوسياسية، لكن يبقى السؤال ما الخطوة التالية التي سيفعلها الحريري خصوصاً وان كل المحيطين به من الحلفاء ينصحونه بالتأليف والمقصود هنا بري وجنبلاط، وهو الاكثر الحاحاً لتشكيل حكومة لحراجة الوضع امنياً ومعيشياً وتفاقم مخاوفه من الخطر المتنقل جراء اقفال الطرقات.