الأخبار
ويتضمّن التقرير عبارات وتوصيفات «غريبة» لم ترد في الإعلام العبري سابقاً عن نصر الله، وتحديداً في تقرير أعدّته الاستخبارات العسكرية.
التقرير مطوّل، في ما يلي أبرز ما ورد فيه:
«مصاب بجنون العظمة. ومصاب بالشك. مهووس بالإعلام الإسرائيلي، ويقرأ كل كلمة تُكتب عنه. نرجسي. واقع في أزمة هوية. سوبر فطن. لا ينوي بالفعل التقاعد قريباً، ولا يُعدّ وريثاً له. فريق الباحثين في أمان، الذي يتابع الأمين العام لحزب الله 24/7 يكشف لأول مرة: هكذا يبدو «ملف حسن نصر الله» لدى الاستخبارات الإسرائيلية.
«حسن نصر الله يعيش الإعلام الإسرائيلي»، توضح الدكتورة «ق»، وهي باحثة استراتيجية كبيرة في لواء الأبحاث في أمان، والتي منذ عقد تحلم وتتنفس 24/7 الأمين العام لحزب الله. «إنه يعرف كل المراسلين. هذا هو سبيله للتعلم عن المجتمع الإسرائيلي، الجمهور الإسرائيلي، كي يستطيع التراسل معه مباشرةً. في المدة الأخيرة، الإعلام الإسرائيلي يمنحه منبراً حتى أكثر من الإعلام عنده، في لبنان. الأهمية التي يلقاها من الإعلام عندنا، تواصل فقط تغذية نرجسيته».
الدكتورة «ق» هي جزء من فريق يضم أكثر من 15 باحثاً في لواء الأبحاث في أمان، وكلهم يركّزون على أمرٍ واحد: تحليل شخصية الأمين العام لحزب الله وأعماله، من أجل التكهن بردود أفعاله على السيناريوات المختلفة. إنهم يُحدّثون طوال الوقت المعلومات التي تتدفّق إليهم، سواء من مصادر علنية أو بوسائل استخبارية سرية، ويبنون «ملف نصر الله» للاستخبارات الإسرائيلية.
شخصيته مثيرة جداً للاهتمام ومعقّدة، ولا يمكن معرفة كل شيءٍ عنه. لديه كفاءة سياسية ــــ استراتيجية فريدة، وفي العقود الثلاثة الأخيرة، ينمّي صورته كزعيمٍ لا يُنازَع. إنه مركزي جداً، سرّي، يقلّل من التشاور، ومنهمك بنفسه إلى حد النرجسية.
إحدى الخلاصات التي توصّلوا إليها في الفريق هي أن نصر الله ممزّق بين هويّتين: الدينية، الإسلامية، الملتزمة؛ والهوية السياسية، البراغماتية، حيث لديه أيضاً سكان مدنيون يديرهم.
«ق»: «ضميره الأخلاقي الصارم يسبّب له توتراً بنيوياً بين الالتزام الديني لإيران وبين بلده لبنان».
يقول النقيب «أ»، عضو الفريق: «إنه متعصّب كثيراً لشخصه، ولا يسمح لآخرين بالنموّ بقربه. إنه لا يبني وريثاً لليوم الذي لن يكون فيه، ويحتفظ بحرص على صولجان السيطرة العسكرية. اتخاذ القرارات هو عليه ــــ والكلمة الأخيرة كلمته بالكامل».
الدكتورة «ق» وكل أعضاء فريقها، ينتمون إلى «ساحة إرهاب»، أو باسمها التقليدي «ساحة لبنان»، التي يرأسها العقيد «ن». تحته تعمل المقدّم «أ»، التي تعمل رئيسة للقسم الاستراتيجي، ويخضع لها ثلاثة رؤساء فروع برتبة نقيب: فرع سياسي، الذي يبحث في الأنشطة السياسية لنصر الله؛ فرع استراتيجي، الذي يبحث في مجاله السياسي ــــ العسكري؛ وفرع اقتصادي. كل فرع مؤلف من عدة خلايا، تضم جنوداً وجنديات، بعضهم احتياطيون في مجالات شرق أوسطية، العلوم السياسية والإعلام، وبعضهم متخرّجو برنامج «حبتسالوت» أو دورات داخلية أخرى لشعبة الأبحاث في أمان. وينضم إليهم أيضاً باحثون خبراء، بعضهم مدنيون موظفون في الجيش الإسرائيلي، والذين يخضعون مباشرةً لرئيس لواء الأبحاث في أمان، مثل الدكتورة «ق»، المتخصصة في العلاقات الدولية ودراسات الأمن ونالت شهادة الدكتوراه في الأمن الإقليمي بالتركيز على نصر الله. كل هذا المجهود الاستخباري، كما قلنا، يتركّز على شخصٍ واحد، الذي لا يزال يشكّل، أيضاً بعد ما يقرب من 30 سنة، نوعاً من لغز. في خطوة نادرة، سمح الجيش الإسرائيلي لـ«يديعوت أحرونوت» بلقاء عدد من الخبراء بساحة لبنان، من أجل إلقاء نظرة نادرة على «ملف نصر الله».
الأمر الأكثر أساسية الذي يجب فهمه في سياق نصر الله هو الموقع العميق للدّين في حياته. النقيب «أ»، رئيس فرع حزب الله ــــ استراتيجي في ساحة لبنان، يقول إن «نصر الله هو رجل دين، يصلّي مثل أي شيعي جيد». ويتابع النقيب «أ»: «ولا أيّ قرار في لبنان يمرّ من دون موافقة حزب الله. لديه سلاح، وهو المنظّمة الأقوى والمسيطرة هناك».
(النقيب «أ»): «إنه لا يخرج من المنزل، لا يقترب من النوافذ. عملياً، لا يرى ضوء النهار. إنه يفهم جيداً أنه لحظة يطلّ برأسه، إسرائيل تعلم أين هو. هذا يجعله شخصاً معزولاً جداً.
بهذه المسلكية، يدفع ثمناً شخصياً جسدياً. يوضح النقيب «أ»: «خلال خطاباته، نحن نرى كيف أنه يتصرّف بثقل. في المكان الذي ينغلق فيه، ليس لديه إمكانية إدارة حياة رياضية. كونه لا يتعرّض للشمس، تنقصه فيتامينات مثل فيتامين دي».
وكيف في وضعٍ كهذا ينجح في إدارة منظّمة معقّدة مثل حزب الله؟
ج: «بعد كل هذه السنوات الطويلة جداً على رأس المنظمة، هناك ما يُسمّى «روح القائد». يكفي نقله تعليمات، ويعلمون ما الذي يريده».
«توجيهات نصر الله واضحة جداً للمنظّمة»، توضح الملازم «هـ»، رئيسة خلية «جبهة»، التي تتابع الشأن العسكري في عمل نصر الله تجاه إسرائيل. «رد على كل قتيل لبناني، على كل مسّ بالسيادة. الحفاظ على مبدأ التناسبية. إنهم يعرفون كيف يرى الردّ، وكيف كان يريد أن يتجلّى».
«بسبب خشيته من اكتشافه، لا يملك هاتفاً جوّالاً. الرسائل يمرّرها عبر الأشخاص القلّة الذين هو على اتصالٍ بهم ــــ نائبه، الشيخ نعيم قاسم، ورئيس اللجنة التنفيذية هاشم صفي الدين. نحن ندرسهما أيضاً، بداهةً، كيف يمرّر نصر الله الرسائل عبرهما. شفهياً، أو حتى كتابةً.
«نصر الله هو بطل في التعلّم، وعرف دائماً اكتشاف نفسه من جديد. لكن الآن، تحت ضغوطٍ جمّة بعد تصفية سليماني، الأوراق في لبنان اختلطت. معسكر نصر الله في فوضى. في قاعدته الشيعية، ينبرون ضدّه أكثر فأكثر.
■ ■ ■
عزلة نصر الله، يقولون، تتزايد مع السنين. هكذا أيضاً من ناحية مهنية وشخصية على حدّ سواء. الملازم ثاني «ش»: «ليس لديه أحد يمكنه الاعتماد عليه، وهو يخشى أيضاً أن يكبُر أحدهم ويهدّد هيمنته. مركزيّته الهائلة، وحقيقة أنه لا يعوّل على أحد، تتناسبان ونرجسيّته. بالمناسبة، أيضاً في ظروف الاختباء التي يعيشها، هناك من يهتمّ بقصّ شعره وتشذيب لحيته قبل كل خطاب.
(الدكتورة «ق»): «إذا كان «مقدّساً» لغاية سنة 2006، وفي المجتمع الشيعي كلهم قالوا «آمين» لكل قرار له، بعد [حرب] لبنان الثانية هناك تصدّعات في التأييد. لا يزال رمزاً، لكن هناك من ينبرون ضده».
«لناحية العمر، إنه ضمن مجموعة الخطر، ما يوفّر له سبباً لعدم الخروج، ومبرراً شرعياً لعدم الالتقاء أو الاجتماع لاتخاذ قرارات مشتركة. هذا ساعده في معاظمة سياسته فرّق تسُد».
النقيب «أ»: «الكورونا وفّرت له فرصة التمأسس أقوى كزعيم طائفة. الناس انتظروا ما سيقوله: «لا تخرجوا من المنزل». وهو يحبّ هذا، عندما يصغي إليه الشيعة».
ومع كل هذا، رغم سنّه، والعبء الكبير والضغوط الواقع فيهم، باحثو الساحة يمكنهم القول إن نصر الله يذهب للنوم متأخراً، ولا يزال يحرص على تعلّم الدين.
رغم أن الإسرائيليين يصغون جيداً لكل تهديد من الأمين العام لحزب الله، بحسب الملفّ، الأمر الأساسي الذي يعني نصر الله حالياً هو المعركة الداخلية الطائفية والمعقّدة جداً في لبنان.
تقول المقدّم «أ»: «في حياته اليومية، نصر الله ينهمك كثيراً بالمنظومة اللبنانية أكثر من المنظومة الإقليمية. إنها شرعية وجوده هناك. الصحيح إلى الآن، المنظومة الإقليمية تعنيه تقريباً مثل قشرة الثوم».
وتكشف الدكتورة «ق»: «من المهم جداً له أن يشاهدوا خطاباته. بحسب المعطيات، نسبة المشاهدة لخطاباته في لبنان آخذة في الانخفاض، وهو منزعج جداً من استمرار هذا.
المقدّم «أ»: أساس خطابه الأخير تناول مواضيع داخلية لبنانية. طبعاً في الإعلام الإسرائيلي ما تمّ اقتباسه وتصدّر العناوين كان المقاطع التي تطرّق فيها إلينا ــــ ردّ على كلمة رئيس الأركان في معهد أبحاث الأمن القومي، حذّر من التدهور إلى حرب مع إسرائيل، وقدّم صيغة معادلته، مدينة مقابل مدينة. لكن هذا كان جزءاً صغيراً فقط من كل الخطاب. رسالته لم تكن عدوانية، بل العكس.
الملازم ثاني «ش»، رئيسة الخلية الإقليمية، توضح أكثر: «خطابه الأخير طال أكثر من ساعة ونصف ساعة. فقط الدقائق الخمس الأخيرة خصّصها للكلام الذي قاله تجاه إسرائيل. هذا يتكرّر كثيراً جداً في خطاباته في المدّة الأخيرة».