ابتسام شديد-الديار
قائد الجيش «بق البحصة» مــن دون «خلفيات رئاسية» … تحصين المؤسسة العسكريّة أولاً
تفسيرات عديدة أعطيت لاطلالة الجنرال جوزف عون الأخيرة التي فاجأ فيها الوسطين السياسي والشعبي من جهة الأسلوب الذي اعتمده قائد الجيش بالخروج عن الخطاب العسكري المألوف واطلاق مواقف حادة تجاه السياسيين وانسانية مع المتظاهرين في حضور كبار ضباط المؤسسة والوحدات العسكرية، مما أثار تساؤلات حول التوقيت السياسي على أبواب انفجار الوضع الاجتماعي والانهيار الشامل، كما جرى ربطه بالأحداث السياسية وتوتر العلاقة بين بعبدا واليرزة بعد ان جرى ربط الموقف بالتباين بين الطرفين، بعد ان طلب رئيس الجمهورية من قائد الجيش التدخل لضبط الشارع، فيما بدا واضحا من خلال سطور رسالة اليرزة ان القيادة العسكرية لا تريد هذه المرة قمع التظاهرات كما كان يحصل في 17 تشرين، الا اذا خرجت الأمور عن السيطرة وباتت تشكل خطرا حقيقيا.
وحجة اليرزة ان عموم الجيش من هموم ومآسي أبناء الوطن وما أصابهم من أزمات اقتصادية واجتماعية يصيب الجيش.
بالنسبة الى قيادة اليرزة، فالأمور في البلاد دخلت منحى خطرا بات يهدد كل القطاعات، وثمة مخاوف من ان تصل التهديدات الى المؤسسة العسكرية، اذ تؤكد مصادر مطلعة على موقف اليرزة ان قائد الجيش تأخر عن بق البحصة والبوح بالمستور وسط شعور عارم لدى القيادة ان هناك من يتربص بالمؤسسة العسكرية بنصب الأفخاخ والكمائن في الشارع وجر الجيش الى المواجهة مع الناس ووضع العسكري في مواجهة مواطن يشبهه في الاوضاع المعيشية والحياتية، وكانت بدأت ماكينات سياسية بضرب صورة الجيش بتسريبات عن عمليات فرار من الخدمة لضرب معنويات الجيش، ومن خلال الحملات التي استهدفت المساعدات الغذائية للقوى العسكرية.
الكلام العالي اللهجة لقائد الجيش فسر على انه انتفاضة لحقوق العسكر وكتمرد من القيادة الحالية على الطبقة السياسية من دون استثناءات، المفارقة فيها ان قائد الجيش من المحسوبين على العهد واختيار رئيس الجمهورية تحديداً، الأمر الذي جرى استثماره في المزايدات السياسية للتصويب على العلاقة الملتسبة بين جنرال اليرزة ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهة، خصوصاً ان اسم جنرال اليرزة بات مطروحاً من ضمن المرشحين لرئاسة الجمهورية في المستقبل، وبعد ان تردد ان العلاقة بين بعبدا واليرزة لم تعد تشبه نفسها أيضا.
يتساءل المطلعون على موقف اليرزة وعما ورد في كلام قائد الجيش من كلام يؤشر الى انه مهتم بالمعركة الرئاسية او ما يوحي برغبته في دخول نادي المرشحين الرئاسيين إلا انه لم يتحدث إلا بعد تدهور الوضع المعيشي للعناصر والضباط، وبعد ان لمس مخاطر تهدد المؤسسة العسكرية ،أما الكلام عن توتر العلاقة بين اليرزة وبعبدا على أثر طلب رئيس الجمهورية فتح الطرقات وقرار اليرزة ان لا فتح للطرقات بالقوة ما دام لا يوجد مخاطر تهدد السلم الأهلي، فيصب في اطار محاولات للإيقاع بين بعبدا واليرزة.
كلام قائد الجيش أحدث زوبعة سياسية، إلا ان اقتراح وزير المال بصفة قانون معجل لمنح العسكريين مبلغ مليون ليرة أثار موجة من الجدل السياسي، اذ رأت فيه مصادر سياسية واقتصادية أنه إبرة مورفين يراد به باطل للالتفاف على الجيش الذي حرم في وقت سابق من مستحقات مالية وامتيازات، كونه يسرع الانهيار المالي والاجتماعي ويخلق شرخا بين الجيش والناس مخلفا تداعيات كارثية في ظل موازنة عاجزة حيث كان الأحرى بالسلطة السياسية ان تقوم بخطوات اصلاحية شاملة لوقف الهدر والفساد والمساءلة.
وفق مصادر سياسية، فإن خطاب قائد الجيش وضع الاصبع على الجرح وكشف معاناة العسكريين بعد انهيار الرواتب والتضييق المالي وتقطير الموازنات وهو رد الاعتبار لمعنويات العسكر بأن هناك قيادة حريصة على أوضاعهم كما يأتي في اطار الرد على قرارات السلطة السياسية بحجب الترقيات والاقتطاع من رواتب ومخصصات عسكرية.