نون -اللواء
نزَل الشعب الغاضب إلى الشارع، قطَع الطرقات، أشعل الساحات، أطلق الصرخات، وأوقفت الحرائق الحركة على الأوتوسترادات، واستعادت مشهدية إنتفاضة ١٧ تشرين بعض زخمها في حراك الجموع الثائرة،.. ومع ذلك بقي أهل الحكم في سباتهم العميق، متنكرين لواقع التردي والإنهيار، ومتلهين عن المعالجات والحلول بالمحاصصات والصفقات والسرقات!
لا إعلان القائد جوزيف عون عن تضامن الجيش مع أهله وشعبه، ولا إقتراب الثوار الغاضبين من إعلان العصيان المدني، ولا مبادرات البطريرك بشارة الراعي وتصعيد لهجته ضد المسؤولين، ولا مساعي الرئيس نبيه بري، ولا وساطات اللواء عباس إبراهيم، لم تنفع كلها، ورغم ما رافقها من جهود وآمال، في تحقيق أي إختراق في جدار الأزمة الحكومية التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، ولا في الحد من مسلسل الإنحدار نحو جهنم، التي تتلظى أجساد اللبنانيين وأرواحهم بنيرانها الحارقة.
إزاء هذا الفشل المريع لكل المحاولات الداخلية في التوصل إلى مخارج معقولة للمحن التي حوّلت حياة اللبنانيين إلى كوابيس جهنمية، إفتقدوا فيها كيس الحليب، وربطة الخبز، وجنى أعمارهم في المصارف، وسقطت الأكثرية تحت خط الفقر، وأصبحت أيامهم ليالي سوداء..، إزاء كل ذلك هل يجوز إستمرار الرهان على الحل الداخلي بعدما أثبتت التطورات الدراميكية طوال أكثر من سنة، عجز الحكم الحالي والمنظومة السياسية في تنشيط قنوات الحوار بين أطرافها، وفشل أهل القرار في تجاوز العناد في خلافاتهم، والتخلي عن مصالحهم الأنانية، والإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ وإصلاح.
ألا يُبرر هذا الإهتراء للسلطة، دعوات التطلع إلى الخارج للمساعدة على خلاص بلد الأرز من الأزمة الوجودية التي تهدد مقومات الدولة والوطن، وفي مقدمتها دعوة البطريرك الراعي لرعاية مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان من براثن هذه الطغمة السياسية العاجزة والفاشلة؟