حنا أيوب-الديار
لم يعد خافيا على احد ان هناك خللا كبيرا في وزارة الخارجية والمغتربين، واستياء عارما يصل الى حد الانكفاء لموظفي الوزارة على المستويين الديبلوماسي والاداري.
وبات واضحا ان الامين العام يضرب بعرض الحائط كافة الاصول والمعايير التي عهدناها على مر السنين.فالصرح الديبلوماسي لا يحتاج الى من يبنيه، بل الى من يحميه، وكم لبنان محتاج الان، واكثر من اي وقت مضى الى الاسماء اللامعة التي ساهمت في صنع مجد لبنان منذ استقلاله.
الا ان حالة انحلال الدولة تسري على مؤسساتها، التي لم نعد نسمع منها الا الاخبار السيئة، ولكن هل يعلم القيّمون على وزارة الخارجية انها مرآة لبنان في الداخل والخارج؟ هل يعلم الامين العام ان ممارساته الفردية انما تنعكس على صورة لبنان التي لا تحتاج الى المزيد من الاساءة؟ هل يعتقد امين عام وزارة الخارجية ان الدبلوماسيين المعتمدين في لبنان بمنأى عما يحصل في اروقة الوزارة؟ واين وزير الخارجية من كل ما يحدث؟ وكيف يمكن ان يسمح بكل هذه المخالفات، فإذا كان يعلم بها مصيبة، واذا لا يعلم بها فالمصيبة اكبر.
فهل يمكن لمعالي وزير الخارجية ان يوضح كيف يسمح للامين العام ان يمارس كيدية داخلية وتجاوزات موصوفة لصلاحيات الوزير الدستورية؟ فلقد علمت الديار من مصادر موثوقة عن إبعاد الامين العام هاني الشميطلي للمدراء كافة، كل بحجة مختلفة، للاستئثار على كافة الادوار، دون اي رادع.واخر هذه الفصول هو منع مدير الشؤون الادارية والمالية من التوقيع على المعاملات، بتهمة الجميع يشهد انها بعيدة كل البعد عن الحقيقة، والوقت كفيل بكشف المستور.
وما كان هذا الموقف الا تكملة لممارسة كيدية بحق زملائه، وهكذا اوقف رواتب ما لا يقل عن ٦٠ ديبلوماسيا، لخلاف مع احدهم وهو السفير ا.ن. الى ان علت الصرخة، فأصر على رفضه التوقيع ووضع وزير الخارجية توقيعه لتسيير الامور.
اما الاهم يكمن في سبب الخلاف بين الامين العام والسفير ا.ن.، الذي اعترض على انتزاع احد الحقوق المكتسبة للديبلوماسيين خلافا للاصول، وهي ان يستفيد الديبلوماسي من اجازاته المدفوعة عند التحاقه بمركز عمله، اذا لم يكن قد استفاد منها بالخارج. واكدت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان كل الديبلوماسيين يقومون بذلك عند عودتهم الى لبنان، ومن بينهم الامين العام والوزير وهبه، كدبلوماسي سابق. الا ان الامين العام، الذي كان هو من الذين مارسوا هذا الحق واستفادوا منه وقبضوا المستحقات، قرر الغاء هذا الحق، ووجه كتاباً الى مجلس الخدمة المدنية لاتخاذ القرار، دون المرور بوزير الخارجية.
فالمصادر تفيد ان القسم الاكبر من القضايا يتعامل معها الامين العام باحادية غير مسبوقة، وقانونا غير مسموحة، متذرعا بصلاحيات لا تفوض بالكثير من الاحيان. وعليه، اصدر الامين العام وايضا بتغييب تام لوزير الخارجية، تعميما الغى فيه هذا الحق المكتسب، وبالرغم من اعتراض كافة الديبلوماسيين على عدم قانونية هذا الاجراء، الا ان الامين العام لا يفعل الا كما يشاء. وكان احد المتضررين حاليا السفير المعني الذي حان وقت عودته الى الادارة المركزية، فقدم طعنا قانونيا بهذه المخالفة، وطالب باستعادة هذا الحق للجميع، او وقفه على الجميع واعادة المستحقات التي قبضت من قبلهم. وتضيف المصادر ان الوزير لم يكن مقتنعا بالاجراء المتخذ بهذا الخصوص، فوافق على اعادة هذا الحق. وهنا تتجلى التجاوزات التي يمارسها الامين العام، فما كان منه الا ان ارسل كتابا الى وزارة المالية يعترض فيه على قرار الوزير، في سابقة لم تحصل في تاريخ الوزارات والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو: من يدير وزارة الخارجية وكيف يسمح وزير الخارجية بكل هذه التجاوزات ولماذا لا يضع حدا لها؟ وبسؤالنا دستوريا وقانونيا لديبلوماسيين قدامى مخضرمين، عن شرعية الامانة العامة، كان الجواب واحد: لا وجود لها في هيكلية وزارة الخارجية.