الوقت- يتحضر ارهابيو “جبهة النصرة” أو ما يعرف بـ”هيئة تحرير الشام” المنتشرين بمنطقة خفض التصعيد في إدلب وعدد من المناطق الريفية، للقيام بمسرحية جديدة واستفزاز جديد، من خلال التخطيط وفبركة هجوم كيمياوي في منشأة بريف اللاذقية الشمالي مع إشراك أشخاص لعرضهم كضحايا ومصابين، واتهام الجيش السوري بتنفيذ الهجوم.
هذا الاسلوب ليس بالجديد، فمع بداية الحرب في سوريا، بدأت العناصر الارهابية تتجه نحو هذا الاسلوب، لدفع المجتمع الدولي للتعاطف معهم، وفي اغلب الاحيان كان الغرب يستغل هذه المسرحيات، للضغط على الحكومة السورية، مع العلم ان استخدام الكيماوي كان بمساعدة دول اقليمية ودول كبرى، وهذا يرفع صوت الهمس مجددا ضمن توجيه الاتهامات الجاهزة للدولة السورية باستخدامه.
لقد أصبحت جبهة النصرة مخيفة لجميع السوريين بسبب تكتيكاتها العدوانية في وقت مبكر من الصراع. استمرت جبهة النصرة في استخدام التفجيرات الانتحارية ضد أهداف عسكرية، الأمر الذي وفر لها ميزة تكتيكية على الفصائل غير الجهادية، لكنه ساهم أيضاً في ظهور التصورات المحلية والدولية بأن المعارضة المسلحة تتحول إلى مشروع إسلامي متشدد. كما تورط أعضاء جبهة النصرة في بعض من أبشع الأعمال التي ارتكبتها قوات المعارضة المسلحة، بما في ذلك الإعدام واحتجاز الرهائن.
دمشق تعرب عن قلقها العميق إزاء أساليب “الابتزاز والتهديد والضغوط” التي اعتمدتها مجموعة من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي تستخدم المنصات الدولية مطية لاستمرار العدوان على سوريا وتحقيق أجندات معروفة بالتزامن مع كل إنجاز سوري إن كان سياسيا أو عسكريا.
في قواعد الحرب يتصدر استخدام الأسلحة الكيميائية سلم المحرمات، إلا أن الصوت الأممي يخرج خجولا عند استخدامها من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة وجهورا عند كل الافتراء على الدولة السورية.
في العام 2017 نفذ المسلحون في خان شيخون بإدلب هجوماً مماثلاً عام 2017، تمثل بفبركة هجوم كيميائي على إدلب وإشراك السكان في عرضه.
وفي العام 2019، اتهمت الولايات المتحدة روسيا بمساعدة سوريا في إخفاء استخدام ذخيرة سامة محظورة، وبادرت موسكو إلى إنكار تصريحات ممثل الولايات المتحدة لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، كينيث وارد، التي جاءت وسط خلاف بين روسيا وقوى غربية في المؤتمر الدولي للمنظمة في لاهاي.
وفي العام نفسه كشفت وكالة “ويكيليكس” أن خبراء “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” نفوا استخدام غاز الكلور في مدينة دوما السورية، وأشارت إلى أن كبار المسؤولين في المنظمة أجبروا أعضاء بعثتها إلى سوريا على تزوير الحقائق.
كما اتهمت الحكومة الروسية في بيان لها، منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بـالتحيز والتسيس في تحقيقاتها بشأن هجمات الأسلحة الكيميائية في سوريا . وأكدت الحكومة الروسية بأن ماتقوم به المنظمة لايعتمد على المصداقية والشفافية فهي تجمع معلوماتها من وسائل التواصل الاجتماعي ومنظمات غير حكومية مرتبطة بالمجموعات الإرهابية.
ما أدى إلى قيام لجنة تقصي الحقائق بإصدار تقارير لاستخدام السلاح الكيماوي بكل من حلب وسراقب بشكل غير صحيح وغير منطقي ،كما أن التقريريجب أن يعتمد على العديد من الأدلة وأن يكون عادلاً ولا ينحاز إلى أي جهة على حد قولها.
بدورها أدانت سوريا الضغوط الغربية الرامية لإرغام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ودول أعضاء فيها على اعتماد مشروع قرار فرنسي غربي يزعم زورا وبهتانا “عدم امتثالها” لالتزامها بموجب اتفاقية الحظر مؤكدة أن أي قرار سيصدر عن المجلس التنفيذي استنادا لفبركات “فريق التحقيق وتحديد الهوية” هو قرار مسيس يهدف الى إلصاق تهمة استخدام أسلحة كيميائية بسوريا وتبرئة الإرهابيين ورعاتهم.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أكثر من مرة وجود مختبرات لتجهيز وإعداد المواد السامة لدى التنظيمات الإرهابية في إدلب، يديرها مختصون وخبراء تم تدريبهم في أوروبا ليتم استخدامها في تنفيذ هجمات كيميائية مفبركة ضد المدنيين لاتهام الدولة السورية.
يشار إلى أن الدفاع الروسية أكدت في سبتمبر 2020 على أنّ إرهابيي تنظيم جبهة النصرة كانوا يحضرون لفبركة مسرحية جديدة، يتم فيها استخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين بريف إدلب الجنوبي لاتهام الجيش السوري.
وزعمت الولايات المتحدة أكثر من مرة باستخدام سوريا أسلحة كيميائية، ومنها قول مستشار الرئيس الأميركي لشؤون عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، كريستوفر فورد في 2017، إن دمشق احتفظت “بكميات كبيرة من الأسلحة الكيميائية”، وتقوم باستخدامها.
واتهم فورد، من دون دليل، دمشق باستخدام الأسلحة الكيميائية في خان شيخون في 4 نيسان/أبريل، مضيفاً أن “دمشق تواصل أيضاً استخدام الكلور”.
الغريب أن سوريا عضو في منظمة “حظر الاسلحة الكيميائية” وسلمت أسلحتها الكيميائية بالكامل بإشراف أممي، ولكن لماذا لا تجبر الولايات المتحدة الأمريكية الكيان الاسرائيلي على تسليم ترسانته الكيماوية وهو أكبر خطر على سكان الشرق الاوسط بالكامل؟.
نحن اعتدنا على ازدواجية واشنطن في التعاطي مع دول المنطقة، ولكن تعاطيها مع أزمة الكيماوي في سوريا، تدل على “وقاحة” غير مسبوقة، وعلى عجز أمام العالم بأسره على اثبات تورط سوريا في هذا الملف، وفي حال عجزت واشنطن عن محاسبة سوريا، ستكون أمام ورطة كبيرة ولذلك تضغط على روسيا قدر المستطاع لاحراج سوريا واجبارها على الاعتراف بما لم تفعله.
حاولت روسيا دفع المسلحين الذين تدعمهم تركيا نحو التسوية السلمية إلا أن الأمر لم يتحقق حتى اليوم، وعلى العكس من ذلك ساهمت تركيا في تشكيل ما يسمى “الجيش الوطني السوري” الذي ارتكب جرائم كثيرة من إعدامات ميدانية، إلى قصف البنية التحتية، وقصف المدارس والمشافي، وخطف واعتقال المدنيين، والاستيلاء على العقارات والأملاك والأراضي والمحاصيل والثروة الحيوانية وتفريغ صوامع الحبوب وقطع المياه، إلى جانب ابتزاز السكان في قوت عيشهم وأمنهم والخطف بغرض الفدية.
في سوريا، وفي العواصم الأجنبية، يرتكز التخوف من هيئة تحرير الشام على هواجس حقيقية. فهيئة تحرير الشام هي أحدث نسخة من فصيل كان يُعرف أصلاً بجبهة النصرة، والذي شارك مؤسسه السوري (زعيم هيئة تحرير الشام الآن) أبو محمد الجولاني في التمرد العراقي بعد عام 2003 كعضو في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وفي عام 2011 نسق مع قيادة التنظيم لإنشاء فرع له في سوريا.