الوقت- بينما تسود فلسطين أجواء الانتخابات البرلمانية العامة والرئاسية بعد 15 عاماً، کلما يقترب الموعد النهائي للانتخابات، تزداد المنافسة بين المجموعات السياسية على الفوز، وتتَّسم أفعال التيارات السياسية بصبغة الانتخابات.
وفي مثل هذه الظروف، تسبَّب التشريع الجديد الخاص بنشاطات المنظمات غير الحكومية في الأراضي الفلسطينية من قبل حركة فتح، في جدل سياسي كبير، وأدى إلى احتجاجات من قبل الأحزاب والحركات الأخرى، التي اعتبرتها خطوةً انتخابيةً من حرکة فتح لهندسة الانتخابات المقبلة.
ماذا يقول القانون الجديد؟
يُلزم قرار السلطة الفلسطينية الجديد منظمات المجتمع المدني بتقديم خطة العمل والميزانية السنوية للسنة المالية الجديدة إلی السلطة الفلسطينية. كما نص القرار المثير للجدل على أن رواتب الموظفين وتكاليف إدارة منظمات المجتمع المدني، لا يمكن أن تتجاوز 25٪ من الميزانية السنوية.
ويسمح هذا الأمر التنفيذي للسلطة الفلسطينية بزيادة سيطرتها على منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، وتحويلها إلى أقسام تسيطر عليها الحكومة.
وبعبارة أخرى، ستتم معاملة منظمات المجتمع المدني على أنها إدارات حكومية تابعة للوزارة، والتي يجب أن تكون مسؤولةً أمام الحكومة.
ما هي حجة المعارضين؟
المنتقدون يصفون هذا القرار بأنه اعتداء على الحريات العامة قبل الانتخابات الفلسطينية العامة. کذلك بناءً على حجج المعارضين، فإن هذا القانون يقوض المهنية والاستقلالية وحرية النشاط المدني، بما في ذلك الدور الرقابي لمنظمات المجتمع المدني على أداء السلطة التنفيذية.
وفي هذا الصدد، أصدرت عدة منظمات مجتمعية فلسطينية بيانًا مشتركًا، قالت فيه إن هذا القرار “يعني أن هذه المجموعات ستعمل للوزارات الحكومية، وهذا ما لا يتماشى مع رؤيتها ورسالتها وأهدافها أو خططها”.
وأضافت منظمات المجتمع المدني إن “هذا يعني أن السلطة التنفيذية هي التي تسيطر الآن على ميزانيات المجموعات، وكيفية توزيعها، وسقوفها في الميزانية الإجمالية ومقدار النفقات. والنتيجة ستكون أن العمل المدني سيكون أشبه بالمقاولات والمشاريع التجارية. إضافة إلى ذلك، فإن مشروع القانون هذا، الذي يسمح للحكومة بإصدار لوائح بشأن شروط التمويل، يترك لها الحرية في حل منظمات المجتمع المدني ذات الصلة بالخصوم السياسيين”.
کما اشتكت هذه المنظمات من أن هذا القرار قد صدر في سياق عدة أوامر مستمرة، وفي سرية تامة وفي أسوأ ظروف شرعية النظام السياسي الفلسطيني.
ويقول المنتقدون إن رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس” ليس له الحق في إصدار مثل هذا الحكم في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية، وأن مجلس النواب(المعروف باسم المجلس التشريعي الفلسطيني) هو الهيئة الوحيدة المخولة بإقرار القانون.
من جهة أخرى، يعتبر المعارضون بأن القرار يتعارض مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي في القاهرة بين فتح وحماس وفصائل فلسطينية أخرى، لتعزيز الحريات العامة في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 22 مايو و 31 يوليو على التوالي.
في السياق نفسه، قال المتحدث باسم حرکة حماس “حازم قاسم” إن القرار هو استمرار لجهود قيادة السلطة الفلسطينية لتشديد السيطرة على النظام السياسي.
كما انتقدت حرکة الجهاد الإسلامي في فلسطين القرار، قائلةً إن هذا سيوفر المزيد من الأدوات للسلطة الفلسطينية لانتزاع الحريات المدنية وفرض قيود على جماعات المجتمع المدني.
خطوة لمصلحة الكيان الصهيوني
يأتي صدور هذا القرار الجديد من قبل السلطة الفلسطينية للسيطرة على أنشطة المنظمات الفلسطينية غير الحكومية، في حين أن الکيان الصهيوني يريد دائمًا السيطرة على الشبكة المالية لفصائل المقاومة الفلسطينية، فضلاً عن تقييد الأنشطة الدعائية والتوعية بالجرائم والأنشطة الثقافية المناهضة للاحتلال لمنظمات المجتمع المدني في الضفة الغربية.
کما صدر القرار الجديد في وقت تنخرط فيه منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في حملة مناهضة للاحتلال الصهيوني، وخاصةً بعد خطة ضم الضفة الغربية، وكابوس الصهاينة من تشكيل نوع جديد من الاحتجاج السلمي مثل مسيرات العودة، والتي كانت في الغالب نتيجةً لأنشطة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية.
ويستهدف الصهاينة دائماً الموارد المالية للمؤسسات الفلسطينية، بحجة قوانين مكافحة الإرهاب.
کذلك، حددت المادة 3 من القانون حداً أقصى لرواتب الموظفين وتكاليف التشغيل في الجمعيات أو المؤسسات بـ(25٪) من إجمالي الميزانية السنوية. وقد أدى هذا السقف المالي إلى إغلاق العديد من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، وفقدان وظائف لمئات الأشخاص في هذه المؤسسات.