علي منتش-لبنان24
منذ اكثر من سنة قرر “حزب الله” التعاطي الهادىء مع الاحداث والمواقف السياسية التي تحصل في لبنان، لعدم السماح بإستدراجه الى معركة سياسية او ميدانية في الداخل اللبناني.
وباستثناء بعض التجاوزات التي حصلت في بداية الحراك الشعبي عام ٢٠١٩، لم يقم الحزب باي ردة فعل جدية لا في الشارع ولا في السياسة، حتى انه اصر ، لاشهر عدة، على عودة الرئيس سعد الحريري مثلا الى رئاسة الحكومة..
يعتبر “حزب الله” ان الهدف من كل ما يحصل هو ادخاله في معمعة اهلية، ان لم يكن حرب اهلية، وافتعال بين جمهوره الجمهور الاخر، بغية إشغاله في الداخل اللبناني ليتمكن خصومه الاقليميون او اعداؤه من توجيه ضربات عسكرية او امنية له من دون ان يتمكن من الرد…
لكن الاشهر الاخيرة شهدت تجربة جديدة من الاحتواء السياسي الذي يعتمده الحزب، اذ انه وبالرغم من كون الصراع الاساسي في لبنان يقوم بشكل اساسي حول دور الحزب وحضوره الداخلي والخارجي، الا ان سلوك الحزب السياسي يكاد يجعله “ابو ملحم” السياسة اللبنانية الذي يدور الزوايا ويحل المشاكل.
عمل “حزب الله” على احتواء الرئيس سعد الحريري، وبعد ان اصر على إعادة تسميته لرئاسة الحكومة، قبل الحزب بشروطه او اقله بجزء منها، كما سعى الى عدم اخذ طرف في خلافه الكبير مع الرئيس ميشال عون بل عمل على وساطات عدة بين الطرفين فشلت حتى الان. لا يرغب الحزب ان يشتبك مع الحريري خوفا من التوتر السني- الشيعي، ويريد تمرير الوقت بهدوء حتى ان البيان الاخير الذي هاجم به الحريري “حزب الله” بقي من دون رد. تفهمه الحزب ولم يذهب الى اشتباك سياسي واعلامي.
كذلك الوضع مع الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، فبالرغم من قيام التيار وجمهوره وقيادييه بالتهجم على الحزب في الفترة الماضية لاسباب سياسية محملينه مسؤولية فشل عملية الاصلاح، غير ان الحزب لم يجنح نحو تطوير الخلاف، بل عزز لجان التواصل وابقى على علاقته بعون وعلى دعمه له.
اما بكركي، وهنا المفاجأة الكبرى، فقد تعامل الحزب معها بدرجة عالية من التفهم السياسي خوفا من الاشتباك مع ما تمثله من مرجعية وطنية وروحية، خصوصا انها اتخذت منحى في طرح الحياد تصيب في جوانب منه سلاح الحزب ودوره الاقليمي، لكن الحزب عمل بالتواصل مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على احياء اللجنة المشتركة التي بدأت الحوار امس، والتي يبدو ان الحزب اكتفى خلال اجتماعها بعزل الموضوع الاسرائيلي عن مفهوم الحياد. كذلك احتوى الحزب تحركات الشارع التي بدأت قبل اسبوع ، فلم تحصل اي ردة فعل او اي تصعيد.
تقول مصادر متابعة ان الحزب لا يريد الخوض في توترات في المرحلة الحالية، اذ يرى ان افق التسويات مفتوح في المنطقة، وان الاميركيين سيرفعون العقوبات عن ايران وان حرب اليمن ستتوقف وان التواصل العربي مع سوريا سيتعزز وان اقتصادها سيتعافى، كل ذلك يعني ان لبنان في طريقه الى تسوية ما بداية الصيف المقبل.
وتشير المصادر الى ان الحزب يعتقد ايضا ان كل ما يحصل اليوم هو محاولات ضغط سياسية في كل الساحات من اجل تحسين الشروط التفاوضية، والعمل قدر الامكان على توريط بعض الاطراف في اشكالات لاستغلالها في التفاوض، من هنا قرر الحزب الابقاء على هدوئه وعدم السماح باستدراجه الى حيث لا يريد.