بولا مراد-الديار
يبدو واضحا ان البلد وصل عمليا بعد المواقف الأخيرة التي أطلقها قائد الجيش بوجه قوى السلطة، الى نقطة اللاعودة واقترب أكثر من أي وقت مضى من الفوضى العارمة بعد انفجار كل الأزمات دفعة واحدة وآخرها الأزمة الاجتماعية والتي تجلت بأبهى حللها في المتاجر والسوبرماركات بالمواجهات المباشرة بين المواطنين للحصول على السلع المدعومة.
وأدى الاستمرار بقطع الطرقات من دون تحرك حاسم للجيش لفتحها الى اشكالات عدة بين المتظاهرين والسائقين الذين كانوا يصرّون على العبور، حتى انه سجل يوم امس اشكال عند نقطة الذوق بعد اقتحام موكب مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم تجمعا لمتظاهرين كانوا يقطعون طريقه خلال توجهه الى بكركي، في وقت شيّعت منطقة زغرتا يوم أمس وسط حزن وغضب عارمين الشابين الياس مرعب ونعمة نعمة اللذين لقيا حتفهما بعدما اصطدمت سيارتهما بشاحنة وضعها محتجّون في عرض أحد مسربَي الأوتوستراد الدولي عند نقطة شكّا.
الجيش: لا للصدام
وبحسب المعلومات فان «هناك قرارا واضحا لدى قيادة الجيش بعدم التصدي بالقوة للمتظاهرين وانه يتم حاليا النقاش والتنسيق معهم لفتح الطرق بسلمية بعدما تبين انها لا تؤدي الغرض المطلوب، سواء لجهة الدفع باتجاه تشكيل حكومة او اسقاط المنظومة الحالية». وقالت مصادر مطلعة على موقف القيادة لـ»الديار» ان «العماد عون كان واضحا في خطابه الاخير لجهة تمترسه الى جانب الناس وليس الى جانب قوى السلطة لكن همّه الوحيد يبقى الا يؤدي استمرار قطع الطريق لصدام بين المواطنين وبالتحديد بين المتظاهرين والاشخاص الذين يصرّون على عبور النقاط المقطوعة»، مرجحة ان يشهد هذا الملف حلحلة خلال الساعات المقبلة.
من جهتها، اعتبرت مصادر سياسية ان تأخر العماد عون بفتح الطرقات، وهو مطلب رئيسي لرئيس الجمهورية عبّر عنه بوضوح في البيان الذي صدر بعد اجتماع بعبدا الذي حضره قائد الجيش الاثنين، «انما يشكل رسالة واضحة لبعبدا كما لباقي القوى السياسية، بأن الجيش قرر الوقوف على الحياد وكأنه يستعد لمرحلة انتقالية يستلم خلالها البلد حتى موعد الانتخابات النيابية». وقالت المصادر لـ»الديار»:»بات هناك قناعة لدى قسم كبير من القوى في الداخل والخارج ان الحصار يشتد كثيرا على العهد وبأن الرئيس عون قد لا يتمكن من اتمام ولايته ما يرجح فرضية تسليم البلد للجيش حتى موعد الانتخابات، ويبدو ان العماد عون بات يستعد لهذا السيناريو».
مبادرة جديدة – قديمة
وبالتزامن مع التطورات على الارض، استعاد مدير عام الامن العام نشاطه على خط تشكيل الحكومة، فالتقى يوم امس البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي. وبدت مصادر بكركي مترددة في الحديث عن ايجابيات ملموسة متحدثة عن جهود اضافية مطلوبة لتحقيق الخرق المطلوب.
وتردد بالامس ان ابراهيم ينطلق بمبادرة جديدة – قديمة تقوم على اساس تشكيل حكومة اخصائيين من 18 وزيرا على ان يحصل الرئيس ميشال عون وفريقه على 5 وزراء زائدا وزيرا للارمن، من دون ان ينال ثلثا معطلا. في الموازاة، تتم تسمية وزيري العدل والداخلية بالتوافق والتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. ولا يبدو ان حظوظ نجاح هذه المبادرة متوافرة. اذ قالت مصادر مواكبة لعملية التشكيل لـ»الديار» ان «عون يسعى على ما يبدو لاحراج الحريري من خلال تقديمه تنازلات يعلم انها ليس كفيلة وحدها باخراج الحكومة من عنق الزجاجة»، لافتة الى انه يسعى لكشف حقيقة ما يحصل للجميع ومفاده ان الرئيس المكلف غير قادر على التشكيل مهما كان حجم التنازلات التي سيقدمها رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر طالما انه لم يحصل بعد على الضوء الاخضر السعودي، لذلك نراه يكثر من صولاته وجولاته الخارجية لعلمه بأنه غير قادر على انجاز اي شيء بالداخل». وفي هذا السياق، التقى الحريري يوم أمس في أبو ظبي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وبحث الجانبان مجمل الأوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة من دون ان يتضح ما رشح عن اللقاء وما اذا كانت موسكو تلعب دورا مع الرياض لتسهيل مهمة الحريري.
عون: لتعويض «اسرائيل» عن الضرر البيئي
في هذا الوقت، واصل رئيس الجمهورية مساعيه لمتابعة التسرب النفطي من شواطئ فلسطين المحتلة الى الشواطئ اللبنانية، فالتقى يوم امس القائمة بأعمال الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، وطالبها بـ»تضمين التقرير الذي سيناقشه مجلس الامن في 18 آذار الجاري عن القرار 1701، مسألة تسرب المواد النفطية من شواطئ فلسطين المحتلة الى الشواطئ اللبنانية، لا سيما وان الاضرار التي نتجت منه كبيرة». وسلم عون رشدي نسخة من التقرير الاولي الذي اودعه لبنان الأمم المتحدة عن «الاضرار في الثروة البيئية والمائية بعد المسح الميداني والجوي الذي اجري للمياه والشواطىء اللبنانية».
واكد رئيس الجمهورية ان «لبنان يتمسك بحقوقه في التعويض عن الاضرار البيئية والاقتصادية، لا سيما وانه لا يزال يعاني من تداعيات البقعة النفطية التي نتجت عن القصف الإسرائيلي في حرب 2006». كذلك طلب عون «تضمين التقرير الخروق الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا والتي ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة».
واثار رئيس الجمهورية مع رشدي موضوع «النازحين السوريين في لبنان وضرورة مساعدة الأمم المتحدة لتسهيل عودتهم الى بلادهم»، معربا عن امله في ان «تكون الخطوة التي اتخذتها الدانمارك منذ أسبوع بإعادة مئة نازح سوري الى بلادهم باعتبار ان هناك مناطق آمنة في سوريا بينها دمشق وريفها، محركا لموضوع العودة الآمنة للنازحين بدعم من المجتمع الدولي».
كذلك بحث قائد الجيش العماد جوزيف عون في مكتبه في اليرزة، مع قائد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان اللواء ستيفانو ديل كول على رأس وفد مرافق، علاقات التعاون بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفل في إطار القرار 1701. كما استقبل مدير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أياكي ايتو، وجرى التداول في شؤون النازحين السوريين.
كورونا: انخفاض مخزون الأوكسجين
وعلى خط «كورونا»، استمر العداد بتسجيل ارقام مرتفعة سواء لجهة الاصابات او الوفيات. اذ افادت وزارة الصحة بالامس عن اصابة 3939 شخصا ووفاة 45. وبرز ما أعلنه مدير مستشفى رفيق الحريري فراس أبيض عبر حسابه على «تويتر» عن ان مستشفى الحريري والمستشفيات الأخرى، المليئة بمرضى الكورونا، تشكو من انخفاض مقلق في مخزون الأوكسجين»، لافتا الى ان «الموردين لم يتمكنوا من ايصال الغاز الذي تشتد الحاجة إليه بسبب الطرق المقطوعة». وأضاف: «تم إبلاغ وزارة الصحة والقوى الأمنية بهذا الامر لأنه من دون الأوكسجين، سوف نخسر أرواحا عزيزة».