نارام سرجون: في عيني مجدي ثورات ملونة.. ربيع الحرية مع الجهل.. فهل يعتذر مجدي وأمثاله من الدولة السورية؟؟

في عيني “مجدي نعمة” رسالة لمن له عقل .. وفي النظرة المنكسرة لهذا الارهابي الساذج حكمة لايراها هو ولا من شابهه بالسذاجة .. تقول: لاتطلب الحرية من سجان أبيك .. ولاتطلبها الا عندما تتحرر من جهلك .. فالحرية مع الجهل .. تجعل الفرق بين الانسان والحيوان ضئيلا جدا .. الحرية مع المعرفة هي أساس الثورات .. والحرية مع الجهل هي مانسميه الثورات الملونة أو الربيع العربي .. أو الثورة السورية .. وفي عيني مجدي الخبر اليقين ..

في هذا الوجه المليء بالكدمات ربما تتلخص كل مشاكلنا .. فهذا الانسان حمل السلاح في وجه دولته من أجل الكرامة والحرية كما كان يعتقد .. وحصل عليها في فرنسا .. وعلقها في عينيه .. وفرنسا – وهو لاشك لايريد ان يتذكر – هي التي كانت تقتل ثوار الغوطة وتعذبهم وتعدمهم قبل ان تعرض جثثهم في ساحة المرجة ليكونوا عبرة لمن يعتبر كما عرضت جثة القذافي في ساحات طرابلس ليكون عبرة لمن يفكر بالتمرد على فرنسا ..

يامجدي حاول ان تفكر وأنت ملطخ العينين ومقلتاك تنزفان وتذكّر: لايمكن لعاقل في العالم يصدق ان بلدا يحرم الفلسطينيين الحرية يمكن ان يعطيها للسوريين .. وان بلدا يقتل الفلسطينيين والليبيين لن يقتل السوريين والعراقيين والمصريين .. ولايمكن لعاقل يصدق ان الحرية تقطّع او تجرّأ .. تعطى للسوريين وتحرم على الفلسطينيين او الليبيين أو الافارقة ..

كان مجدي وكثيرون مثله يظنون ان في الغرب وفي فرنسا التي قتلت أهل الغوطة يوما ما .. لاتوجد اجهزة مخابرات تتجسس على الناس اما عندنا فان للحيطان آذانا .. ويتباهى اللاجئون السوريون انهم أكثر حرية في في دول الغرب وهم يتندرون على الحيطان السورية التي كانت تتنصت عليهم وكأن فيها أجهزة تجسس للمخابرات .. أما في الغرب فانهم أحرار .. ولاتهدر كرامتهم .. ولذلك فانهم صنعوا الثورات واخترعوا اللجوء وتدمير وطنهم والشحادة من دول النفط والغرب .. فاذا بالمخابرات الغربية تتفنن في التجسس عليك في الانترنت والموبايل وتحصي عليك كلماتك وأنفاسك .. والنتيجة هي التي نقرأها في عيني مجدي نعمة “مؤذن” جيش الاسلام باسم الحرية والمبشر بالكرامة من بعد عهد الأسد ..

سيبقى الناس يتوهمون ان الغرب فيه عدالة الله وفيه تسامح السيد المسيح وأن الانسان لايمس اذا شتم رئيس الدولة وأحرق علمها .. وكان رونالد ريغان وهو ممثل مشهور امتهن التمثيل ونقله الى التمثيل السياسي على الناس عبر مسرح البيت الأبيض .. وهو الرئيس الذي حضر اجتماع مجلس الامن القومي مرة واحدة ولم يتم قراءة التقرير المعروض .. فترك الجلسة وقال للجنرالات والمسؤولين ادرسوه وقرروا مايناسبكم ثم خبروني لأنقله للناس .. كان ريغان يتباهي بالحرية الامريكية امام الستار الحديدي السوفييتي حيث لايسمح بالكلام ذكر الرفاق الشيوعيين .. وروى نكتته المفضلة التي تقول ان اميريكياً كان يتباهى امام رجل سوفييتي انه يستطيع ان يشتم رئيس الولايات المتحدة الامريكية .. فرد الروسي عليه على الفور: وأنا أقدر ان أفعل مثلك تماما في قلب موسكو وفي الساحة الحمراء .. فدهش الامريكي وسأله: هل تجرؤ فعلا؟ فقال الروسي طبعا أنا استطيع مثلك ان أشتم رئيس الولايات المتحدة الامريكية في قلب موسكو ..

وكان ريغان يكرر النكتة وعلى الفور تغرق القاعة في الضحك والتصفيق الحاد للحرية .. وكان ابناء العالم الثالث يتمنون ان يتمتعوا فعلا بالحرية .. ولكنهم لم يفهموا ان الغرب سيشتم نبي المسلمين تحت ذريعة الحرية وسيرسمه ساخرا منه .. والغرب لن يسمح منهم أن يشككوا بالهولوكوست ويعبروا ذلك صراحة .. ولايقبل الغرب منهم انكار حق المثلية لأنه جزء من الحرية الغربية .. فكيف تقبل الحرية في شيء ولاتقبلها في شيء آخر .. انها معضلة العقل العربي عندما يستورد ثقافة ليست من صنعه وتجربته .. العقل العربي المسكين كان يريد فقط أن يتمتع بشتم رئيسه العربي ..

كانوا يقولون ان في الغرب لايعتقل الانسان لآرائه السياسية .. ولكن العقل العربي المسكين رأى بأم عينيه “جوليان أسانج” يعتقل أمام أعين العالم بسبب آرائه السياسية المعادية للبلطجة الامريكية وهو يموت ببطء شديد في السجن ولاتقدر كل حريات اوروبا ان تعطيه بعض الاكسجين الحر ليتنفس الحرية .. بل ولفقت له التهم الجنسية بسبب نشاطه السياسي .. ولو كان في الغرب مئة ألف جوليان أسانج لتم اعتقالهم جميعا دون ان يرف للغرب جفن بذريعة حماية الأمن القومي الامريكي .. اما نحن فاننا اذا اوقفنا شحصا تافها ميشيل كيلو في المحاكم تحول الى نيلسون مانيلا وصرنا ديكتاتورييين ..

واذا افترضنا ان الغرب لاتقسو الحكومات فيه على مواطنيها فان الصحيح ايضا ان الانسان الغربي لايقسو على دولته وليست لديه فتوى للجهاد جاهزة ضد الدولة .. ولايرفع السلاح في وجه الدولة مهما ظلمته بل يذهب الى المحاكم ومن بين 100 محكمة قد تنصفه واحدة .. والغرب ليست لديه معارضة مسلحة .. وليست هناك معارضة محسوبة على دولة أخرى .. فلاتوجد كتلة سياسية بريطانية عميلة لفرنسا او بالعكس او تدعو للالتحاق بألمانيا .. اما نحن فمعارضتنا تريد ان تنصب اردوغان التركي رئيسا لسورية ومصر وتونس وو .. وتريد لسورية ان تكون محافظة تركية مثل ازمير ..

وكانوا يقولون ان الانسان في الغرب يحس بانسانيته حتى وهو في السجن .. وان سجن صيدنايا وسجن تدمر هما العار .. واحسبني شخصيا لا أحب السجون السياسية اينما كانت وأعارضها ولكن في اميريكا سجن غوانتانامو الذي هو من أحقر السجون السياسية في العالم ويبدو سجن صيدنايا فندق خمس نجوم بالمقارنة به .. وقد افتتح الامريكيون فروعا منه كما يفتحون فروعا للماكدونالد .. واحد اهم فروعه هو فرع (أبو غريب) الرهيب .. ففي سجن غوانتانامو وكل نسخه لايسمح لاي منظمة في العالم بدخوله .. وهو أشبه بمختبر للحيوانات التي تجري عليها التجارب .. ولا يعرف العالم ماذا يجري في داخلة .. ومن يموت فيه وكيف مات ومن سيدخل اليه .. والمعلومات الخارجة منه شحيحة للغاية .. ومع ذلك يتفلسف محبو الحرية لان امريكا لاتفعل ذلك بمواطنيها .. والرد على هؤلاء سيكون: وأيضا مواطنو اميريكا لايذبحون بعضهم ولايقصفون لاس فيغاس ولا نيويوك او شيكاغو بقذائف الهاون ولايقيمون معسكرات لأشبال الخلافة يتعلم فيها الأطفال فن الذبح .. وهم يعلنون الجهاد على البيت الابيض .. فكما تريد حرية عليك الا تنتج العنف .. فعنف الأفراد سيسبب عنف الدولة .. وعنف الدولة سيسبب عنف الافراد .. اي اننا سنقع في حلقة معيبة .. وهو ماتفعله المخابرات الغربية دوما .. تحرض المواطنين العرب على العنف ضد دولتهم وعندما ترد الدولة بالعنف تقع الواقعة وتحدث الخصومة .. وينتشر سوء الظن بين الطرفين وقلة الثقة .. وهنا تتدخل الامم المتحدة وحقوق الانسان والمنظمات الغربية سيناريو يتكرر في كل بلد يقه ضحية هذه العصابات من الاشرارا الذين يدفعون الناس لقتل بعضهم ثم يتنطحون لحماية حقوق الضحايا ..

ونفس الشيء حدث في الربيع العربي .. متظاهرون ثم قناصون يقتلونهم واعلام العالم يحرض على الثأر .. الى ان وقع الشرخ ووقعت الوقيعة.

تذكر يامجدي ويا اسلام علوش .. ويا مؤذن جيش الاسلام هذه الكلمات: لاتطلب الحرية من سجان أبيك .. ولاتطلبها وانت جاهل .. فالحرية مع الجهل .. تجعل الفرق بين الانسان والحيوان ضئيلا جدا .. الحرية مع المعرفة هي أساس الثورات .. والحرية مع الجهل هي مانسميه الثورات الملونة أو الربيع العربي .. أو الثورة السورية ..

يامجدي هل تذكرت عيناك الجريحتان يوم غزوة عدرا العمالية .. وهل تذكرت مناظر الذبح والحرق والخطف كما حدث لك؟؟ هل تذكرت عرض الأسرى في اقفاص دوما؟؟ هل ستعتذر من وطنك وتطلب الغفران .. أيها الجاهل

روي لي أحد أصحابي في الجامعة – وهو من سكان الغوطة – انهم في الغوطة عندما كانوا اطفالا يغنون كلما رأوا طائرة تحلق .. ويرددون أغنية شعبية غناها أجدادهم قبلهم تقول:

طيارة طارت بالليل . فيها عسكر فيها خيل
فيها ابراهيم هنانو .. راكب على حصانو
يافرنسا يابنت الكلب .. مين قلك تيجي ع الحرب
لما شفتي سورية .. صرتي تعوي متل الكلب
عّوي عوّي ياكلبة ..
في قلبي جوز وسكر
في قلبك ضرب الخنجر
والغريب ان الاغنية عدلها الثورجوين السوريون وأسقطوا منها اسم فرنسا على أساس ان فرنسا لم تعد بنت كلب بل صارت أم الثوار والاحرار والكرامة .. ولكن الحقيقة ترونها في عيني الثائر للاسلام .. مجدي نعمة ..

نارام سرجون

Exit mobile version