بقلم: متابعة من ألمانيا
في فمي حياء.. وإمتعاض!..
مهلاً مهلاً أيها الزائر بعد الغزو … على من تقرأُ مزاميرك!؟..
منذ أن علِمتُ بنيَّة رأس الكنيسة الكاثوليكية بابا الفاتيكان القيام بزيارة عراق الخير وأنا في عالمٍ آخر تماماً…
ما زلت في نفس الدّوامة وفي نفس الشعور بالإنكسار والخيبة الذي ملأني اوائل نيسان من عام 2003 قُبيل غزو العراق.. وها أنا أنظر الى الزيارة بعين الدهشة والريبة معاً .. وخاصةً بعد متابعتي لنشاط البابا النشيط والمليء بالرسائل التبشيرية المودرن وبعد سماعي لخطاباته الروحانية الطوباوية ” الإبراهيمية”!!!.
للأمانة ليس إلاّ: حين وصلني ما قاله البابا فرنسيس مخاطباً الشعب العراقي في رسالة بالفيديو عشية رحلته الى العراق وأنا في ضيقٍ مما سمعت، وكإني بنغمة التطبيع تَطّل برأسها الأملس تلبس لبوس الدين او تتدَّثر بلباس الكهنوت من جديد خاصةً حين قال البابا حرفياً:
“أوافيكم حاجاً تائباً لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب، ولأسأل الله عزاء القلوب وشفاء الجراح”. وأضاف: “أوافيكم حاجاً يشوقني السلام… وأسعى خلف الأخوة وتدفعني الرغبة في أن نصلي معاً ونسير معا ومع الإخوة والأخوات في التقاليد الدينية الأخرى أيضا، تحت راية أبينا إبراهيم، الذي يجمع في عائلة واحدة المسلمين واليهود والمسيحيين”.
يا سلااام !!!. هل قلتَ بعد سنين الحرب والإرهاب ايها البابا؟!؟؟.
ومن كان السبب والمسّبب !؟..
إن كنتِ ناسي أفكَرَك؟. من حاصرَ العراق؟ من جوَّع العراقيين؟ من غزا العراق؟ من إحتّل العراق؟ من قتل وشرَّد وهجَّرَ العراقيين؟ من قتل علماء ونخب العراق؟. ومن أخرجَ لنا في ليلةٍ ليلاء القاعدة والزرقاوي والجولاني وووو وزرع الإرهاب!؟.
وهنا أيضاً وأيضاً بيت القصيد !.:
تحت راية أبينا ابراهيم؟ !!!.. أو كما قال لي ألماني هنا يُقسِم بالبيت الابراهيمي في الإمارات وينتشي بهذه الزيارة ويزهو بالدين الإبراهيمي أي بهذا الإنجاز الذي اصبح حسب قوله تحصيل حاصل!!!.
يا للهول !.
لكن وبغَّض النظر عن مغزى وهدف وسبب زيارة البابا في هذا التوقيت بعد( خراب البصرة وأخواتها) و دمار تاريخ العراق ونهب آثاره وبعد تدمير كنائس العراق وسهل نينوى وأديرة الموصل وبغّض النظر عن كل مظاهر الإحتفال الباذخ في زمن التَّقشّف وهذا الإستقبال الحاشد المهيب لبابا الفاتيكان وكإنه إستقبالاً لبطلٍ من أبطال الإستقلال او احتفالاً بالتحرير الكامل من الإستعمار الاميركي، أرغب فقط بتسليط الضوء على ما جاء بين سطور قداديس البابا الطوباوي المليئة بالحكمة والمثالية خلال زيارته للعراق الذبيح!..
دعا البابا فرنسيس، بعد وصوله إلى العاصمة العراقية بغداد، المجتمع الدولي لأداء دور حاسم في تعزيز السلام في العراق وكل الشرق الأوسط.
وقال بابا الفاتيكان في كلمة ألقاها أمام رئيس الجمهورية العراقية، برهم صالح، في قصر بغداد : “فلتصمت الأسلحة”، “وليكن الدين في خدمة السلام والأخوّة”.
كما شجع الخطوات الإصلاحية المتخذة في العراق، ودعا إلى ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية، مؤكدا على ضرورة التصدي لآفة الفساد واستغلال السلطة.
ليصمت السلاح !.. وانا راعي الناس التي تراني …!!!!..
هكذا خطبَ بابا الفاتيكان من على تراب عراق الخير ( عراق الخير الذي أصبح بعد الغزو العالمي بقيادة بوش الأب والإبن وكلبه المخادع بلير البريطاني، أصبح عراق الدَّم والدَّمار والطائفية والمجازر المتنَّقِلة !) هكذا خطب البابا مطالباً بان يصمت السلاح ويحِّل السلام والوئام بين الأديان!.. يا للهول .. يا للهول!..
لستُ في معرِض إنتقاد الزيارة التاريخية المباركة لا سمح الله ولكن لا بُدّ لي من قول ما يلي كي يطمئن ضميري..
أيها الزائر :
زيارةٌ بعد الغزو لا أرضى بها ..وليست كزيارةٍ قبل الغزو والإحتلال .. الإحتلال الذي دَّمر البشر والحجر في عراق الخير وأعاده إلى الجاهلية الاولى ايها البابا!..
ليتكَ أيها البابا أو ليتَ من سبقكَ على سُدَّة البابوية قمتَ أو قمتم بزيارة تضامنية مع العراق إحتجاجاً على قصف ملجأ العامرية الذي يكاد ان يكون وحده جريمة حرب موصوفة ضد الإنسانية مكتملة الأركان للبّت بها في محاكم العدل الدولية ..
ليتكَ ايها البابا او ليت أسلافك ومطرانيتك ورهبانك وراهباتك قمتم وقاموا وقمنَ بهذه الزيارة قبل الغزو عام 2003 ووقفتم ووقفن دروعاً بشرية في كل ملجإٍ او منزل وشارع أو قصرٍ عراقي رئاسي وحاولتم منع الغزو بكل الوسائل الممكنة وخاصةً بعد أن صرَّح مجرم الحرب بوش الإبن الأجرب عن غزو العراق انها حربٌ صليبية !..
ليتك ايها البابا وليتكم ذكرتم أيضاً في حديثكم عن الإرهاب والحروب والصراعات الطائفية في العراق وغيره وإعترفتم من كان السبب في كل ما حصل في بلاد الرافدين وبلاد الشام.. فهل تجرؤ وهل تجرؤون على تسمية المعتدي والغازي الاميركي بالإسم !؟…
ليتَكَ و ليتَ أسلافك ايها البابا قد قالوا لبوش الاب والإبن ” ليصمت السلاح” الغازي !.. ليتكم تجرأتم على منع غزو العراق وتدميره !..
ليتكم تستطيعون وقف شلاّل الدّم السوري … ليتكم تجرؤون على قول كفى ليصمت سلاح الإحتلال في فلسطين المحتلة … بل ليتك ايها البابا تذَّكرتَ كنائس سوريا الجريحة النازفة حتى الساعة من صليب الغزاة وسيف حلفائهم الدواعش.. ليتك تذَّكرت أديرة معلولا وراهباتها “المختطفات ” او مهد المسيح عليه السلام أيضاً… ليتك تستطيع اليوم ان تقول ليصمت السلاح الغازي القاتل في بلاد الشام…
أيها الزائر بعد الغزو، أيها القادم المُبَّشر،
بدلاً من أن تترأس قداساً وصلاة في ساحة حوش البيعة في الموصل على أرواح ضحايا الحرب من أمام كنيسة أثرية دمرّتها دواعش الأمريكان، وبدلاً من التباكي بحرقة وأسى على التناقص المأساوي (كما وصفتَهُ حرفياً) في أعداد تلاميذ المسيح ورعية المسيح كان حريٌ بك وبأسلافك ان تحافظوا على الكنيسة ورعيتها في العراق وفي كل الشرق الاوسط وتحمونها بأشفار العيون في منع الغزو ” الصليبي” كما وصفه المعتوه بوش الإبن !…
قبل الغزو حاول وزير خارجية العراق الشهيد طارق عزيز جاهداً إقناع بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني بإيقاف طبول الحرب وأسهبَ في شرح مظلومية العراق وإستنجد به وطالب بحماية العراق كل العراق دون جدوى… ولا أذكر اني سمعتُ ان بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني قد اصدر بياناً نادى بالسلام و رافضاً لغزو العراق .. مُندداً بالحرب والإعتداء اليومي على البشر والحجر في فلسطين المحتلة !!. ولا أذكر انه مثلاً أبدى إعتراضه التام على غزو العراق ولا اذكر انه أسقط الحُرُم مثلاً على جنرالات الحرب وعلى المسؤولين عن غزو العراق!!.. ولا أذكر اني سمعت او قرأت عن البابا فرنسيس شيئًا مماثلاً مندداً بالإعتداء والارهاب والتآمر على سورية ورافضاً للحرب الكونية عليها !!.لماذا !؟.
يحضرني هنا قول الإمام علي (ع): “لنا قومٌ لو أسقيناهم العسل المصفّى ما ازدادوا فينا الا بُغضا..”.
الحرية للمناضل الكبير البطل العربي للأسير ظلماً وعدواناً في السجون الفرنسية منذ اكثر من ثلاثين عاماً …. الحرية لأسيرٍ عربي في بلدٍ فرنسي أدان فيه القضاء الفرنسي رئيساً سابقاً له ( مسيو ساركوزي) بالفساد !..
المصدر: متابعة من ألمانيا